تعليق حول مسودة مشروع القانون الجنائي المغربي


تعليق حول مسودة مشروع القانون الجنائي

يشهد القانون الجنائي مراجعة شاملة همت مجموعة من المواضيع تمثلت في إحداث جرائم جديدة في مجال القانون الدولي الإنساني و حقوق الإنسان و مجال حماية الأسرة و الطفولة و المرأة، و مجال حماية المال العام و الشفافية و النزاهة و استقلال القضاء، إضافة إلى مراجعة أركان جرائم قديمة، ناهيك عن إدماج نصوص كانت مقررة في قوانين خاصة و محاولة جمعها في نص قانوني معياري واحد، و نسخ مواد أخرى لوجودها في نصوص قوانين خاصة، وقد طالت المراجعة أيضا مجال العقاب بإقرار تقسيم ثلاثي جديد للعقوبات متمثلة في عقوبات أصلية و بديلة و إضافية و إيجاد إطار قانوني جديد للتدابير الوقائية و المراقبة القضائية للعقوبة و الصلح و التنازل.
و قد حاولت المسودة مسايرة التطور الحاصل في الأنظمة الجنائية الحديثة، و استلهام ما استقر عليه الفكر القانوني الجنائي وما أبدعه من نظريات تروم تحقيق نجاعة قضائية جنائية، مع تجاوز السلبيات التي شابت الممارسة القضائية و إيجاد حلول تشريعية لها.
و لعل الهاجس الذي وجه إلى المسودة تمثل في محاولة الملائمة مع ثقافة الدستور الجديد سيما فيما يتعلق بحماية الحقوق و الحريات، و توفير أسباب الأمن القانوني، و الملائمة مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالقانون الدولي الانساني و حقوق الإنسان و مكافحة الجريمة و تنزيل توصيات الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة، و التوصيات الصادرة عن هيآت الإنصاف و المصالحة.
و بما أن مراجعة القانون الجنائي تهم جميع مكونات المجتمع المغربي في إطار فلسفة يحكمها مبدأ التعاقد الاجتماعي من خلال توفير أسباب الأمن القانوني و القضائي.
لذلك تم طرح هذه المسودة للنقاش و التداول، حيث انبرت مجموعة من الآراء و الأطروحات تصب في إطار إغناء هذا الورش القانوني الذي يهم العدالة الجنائية.
ووعيا منا بأن مراجعة القانون الجنائي أصبح هما مجتمعيا حيث ينبغي الانفتاح على جميع مكونات المجتمع بعيدا عن كل نقاش نخبوي، فإننا نقدم محاولة علمية في إطار نقاش هادئ و رصين لبعض مقتضيات مسودة المشروع نحاول من خلاله ملامسة بعض القضايا المهمة و مقاربة كل شرائح المجتمع بعيدا عن كل مزايدة حيث سنبدي الرأي في بعض موضوعات هذه المسودة لتقريب الرأي العام منها كفسحة فكرية تأملية طيلة أيام هذا الشهر المبارك مع استعدادنا لتقبل كل الآراء المخالفة شريطة تقيدها بقواعد البحث العلمي و أن تكون بناءة و مؤسسة حتى تعم الفائدة و تحصل الأهداف المرجوة.
فانتظرونا كل يوم في موضوع من المسودة جدير بالمساءلة و التأمل.

إرسال تعليق

أحدث أقدم