مبدأ الشرعية في قانون المسطرة الجنائية بين حق الدولة في العقاب و عدم المساس بحقوق الأفراد



الدكتور مصطفى كلمام

دكتوراه في القانون الخاص باحث في العلوم الجنائية

مـــقدمــة

تعتبر الشرعية الاجرائية مكملة للشرعية الجنائية، بل بدونها لا تكفي الشرعية الجنائية في حماية الحقوق والحريات الفردية. وإن كان مبدأ الشرعية الجنائية –لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص-، الغرض منه الحد من تحكم السلطة وتعسفها اتجاه الأفراد، إلا أن هذا المبدأ لا يكفي لوحده للتقليص من شدة الضغط على الحريات التي تتضمنه النصوص الموضوعية، طالما أن هذه الأخيرة تهدف إلى حماية المجتمع فحسب، والتي تكون على حساب حريات الأفراد بحيث يمكن لجهات المتابعة ملاحقة الفرد تحت غطاء مخالفته للقاعدة الجنائية الموضوعية لتنزل به العقاب، الأمر الذي قد يترتب عليه انتهاك حريته.

من المقرر أن الخصومة الجنائية لا تسعى إلى إقرار حق الدولة في العقاب، إلا بعد توفير جميع الضمانات لاحترام الحرية الفردية، فإن قانون المسطرة الجنائية يجب أن ينظم الحدود التي يمكن فيها للسلطات العامة المساس بالحريات الفردية من أجل إقامة العدالة، فهذا القانون قانون الشرفاء لأنه يحدد الضمانات التي تكفل حماية حرياتهم ضد التحكم والتعسف[1]

فإذا كان الدور التقليدي لقانون المسطرة الجنائية يتمثل في إدخال قانون العقوبات - فيما يتضمنه من نصوص تجريم وعقاب - حيز التطبيق، إلا أنه يظل الهدف الأسمى لذاك القانون هو تقرير حماية للبريء من إدانة ظالمة، وكذا توكيد حماية للمتهم من إدانة تتأتى وفق إجراءات تمتهن فيها آدميته وكرامته الإنسانية[2]

مما لا شك فيه أن تنظيم الإجراءات الجنائية مرتكزات وأسس لا يتسنى دونها وصف الهيكل القانوني للدولة بالمشروعية إذ هو يهوي حال إنكارها أو حال عدم تفعيلها نحو ديكتاتورية الدولة والنيل من سيادة القانون[3].

هذا، ويأتي احترام الشرعية الإجرائية كأحد أهم ما يجب أن تحرص عليه الدولة حال تنظيمها للإجراءات الجنائية، ولا يعلل هذا الأمر إلا لكون الشرعية الإجرائية آلية لإدارة الصراع بين النظام العام و الحقوق الانسان، باعتبارها أداة التوفيق بين فاعلية العدالة الجنائية واحترام الحرية الفردية، الأمر الذي يمكن من صياغة قانون للمسطرة الجنائية مشبع بمبادئ حقوق الإنسان ليمثل نموذجا لما يجب أن يكون عليه قانون الإجراءات في دولة القانون.

على أنه لا تتكشف لنا حقيقة الصلة بين الإجراءات الجنائية وحقوق الإنسان إلا عند تحليل الضمانات القانونية المقررة للأفراد حال اتخاذ إجراءات جنائية ماسة أو مقيدة للحرية قبلهم. وهنا يتجلى لنا مقوم آخر من مقومات الشرعية الجنائية والمتمثل في ضرورة استناد الإجراءات الجنائية إلى نص قانوني. فإذا كانت المصلحة الاجتماعية تقتضي الحد من حريات الأفراد من أجل المساهمة في كشف الحقيقة بشأن جريمة ما من الجرائم ، ومن أجل تسهيل ممارسة الدولة لحقها في العقاب ، إلا أن خطر المساس بتلك الحريات يجب أن يتعين له سياج من الضوابط، يتاح للفرد العلم بها من خلال نصوص قانونية تقوم على سنها الهيئة التشريعية صاحبة الحق في التعبير عن إرادة المجموع[4]. فالمشرع وحده – على حد قول محكمة النقض الفرنسية – هو الذي يملك تحديد الأحوال والشروط التي يجوز فيها المساس بالحريات الشخصية للأفراد[5] .

وانطلاقا مما سبق يمكن طرح اشكالية جوهرية تتجلى:

 

كيف يمكن للشرعية الاجرائية تحقيق توازن بين متطلبات الامن والاستقرار المجتمعي وعدم المساس بحقوق وحريات الأفراد المتهمين بارتكاب الجريمة؟

 

للإجابة على هذه الاشكالية سنحاول تقسيم الموضوع الى مطلبين:

المطلب الأول: الشرعية الإجرائية آلية لتحقيق التوازن المطلوب

 

المطلب الثاني: الجزاء كأداة للرقابة القضائية على صحة الإجراءات الجنائية

 

في هذا المطلب سنحاول التطرق إلى الشرعية الإجرائية وقرينة البراءة (الفقرة الأولى) باعتبارهما من ركائز أي نظام جنائي إجرائي، كما سنتطرق إلى الشرعية الإجرائية في علاقة بأعمال الشرطة القضائية (الفقرة الثانية)، لما لهذا الجهاز من صلاحيات قد تضر بالفرد وهم بصدد البحث عن أغوار الجريمة.

الفقرة الأولى: الشرعية الإجرائية و قرينة البراءة

 

لا يختلف اثنان على أن الشرعية الإجرائية تنبني على افتراض براءة  المتهم في كل إجراء من الإجراءات التي تتخذ قبله منذ البدء في البحث وجمع الأدلة وحتى استنفاد طرق الطعن في الأحكام والقرارات، وذلك من أجل ضمان الحرية الشخصية[6]، ولم يكن هذا المعنى ليغيب عن المشرع الدستوري المغربي الذي نص على أن "قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة مضمونة" فإذا كانت الشرعية الجنائية هي أساس المحاكمة العادة على المستوى الجنائي، فأصل البراءة المقرر للفرد هو عماد تلك الشرعية، وعليه فلا بد أن تكون لهذه الأخيرة الصدارة عند معالجة العلاقة بين الإجراءات الجنائية وحقوق وحريات الأفراد[7].

حيث إن حماية الحقوق ولحريات لتي كفلها الدستور والمواثيق الدولية لا يمكن تحقيقها إلا إذا افترضت براءة من خضع لاتهام جنائي إلى أن تثبت إدانته في محاكمة عادلة تتوافر فيها كافة ضمانات القضاء.

وجدير بالقول على أن افتراض البراءة هو مبدأ حيادي يهيمن على كافة مراحل الإجراءات الجنائية أيا كانت المرحلة التي تتخذ فيها، باراءة الشخص إما ارتباطا بالحرية، " فحين تكون براءة المواطنين غير مؤمنة فالحرية تكون كذلك"[8]، فهي الدرع الذي يحول دون الحيف بحقوق الإنسان وضماناته، فالحق في اعتبار المتهم بريئا حتى تثبت إدانته وفقا للقانون (الشرعية الإجرائية) هو حق مطلق لا يمكن أن يخضع لأي استثناء أو تقييد أو حصر[9].

هذا ولما كانت قرينة البراءة أصلا دستوريا وثيق الصلة بالحرية الشخصية التي رحميها الدستور بوصفها من حقوق الإنسان[10]، فإن دستور 2011، جعل منها " فاتحة جميع الإجراءات الجنائية المتخذة ضد المشتبه به وأساسا لها حيث جاء في الفصل 23 الدستور.

وانسجاما مع هذا المقتضى الدستوري نجد المادة 1 من ق.م.ج تقر هذا المبدأ حيث تنص على " كل متهم أو مشتبه فيه بارتكاب جريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمقرر مكتسب قوة الشيء المقضي به بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية.

حيث لمبدأ قرينة البراءة نتائج هامة ذات الصلة بحقوق وحريات الأفراد، والتي لا يمكن في كل الأحوال التضييق والانتقاص من حقوق المشتبه فيه إلا في أضيق الحدود التي تتطلبها الشرعية الإجرائية وأن الإدانة يجب أن تكون مبنية على يقين قضائي[11] الذي يتطلب ضرورة التقيد بمشروعية الأدلة المطروحة أمام القاضي إجرائيا وموضوعيا، كما أن المتهم لا يتحمل عبء الإثبات، وأن النيابة العامة هي التي تتحمل ذلك من الناحيتين القانونية والواقعية، إذ يقع على الإدعاء، عبء إثبات الإدانة، فالأصل أن المتهم بريء لذلك فإنه لا يتحمل عبء الإثبات.

لكن بالرجوع إلى بعض النصوص القانونية نجدها تتناقض وقرينة البراءة خاصة في الجرائم الاقتصادية (قانون الجمارك، قانون الشركات التجارية)، وبشكل واضح في جرائم الإرهاب، هذا الأخير الذي جاء بمضمون منتهك لقرينة البراءة تحت ذريعة خطورة الفعل الماس بأمن واستقرار الدولة، وهو ما يزكي توجه المشرع الجنائي لتغليب المصلحة العامة على حقوق وحريات الأفراد، وهو توجه كان في وقت وزمن كانت البشرية تعيش على وقع أزمات وحروب طاحنة كانت تستدعي الحزم والتعاطي الأمني إلى أبعد الحدود لتحقيق الأمن والاستقرار، أما اليوم فهو أمر غير مقبول مع تنامي الإدراك بأهمية حقوق وحريات الأفراد والانخراط الدولي في تعزيز قيم حقوق الإنسان، وعليه فلا يمكن مواجهة الإرهاب بالإرهاب. بالإضافة إلى ذلك يلاحظ أن هناك تراجع لهذا المبدأ على المستوى العملي ويتم إفراغ هذه القرينة من مضمونها وأهميتها، حيث يقتصر كل أثر لها على مجرد الرغبة في النص عليها دون العمل على احترامها، بحيث تعطلها تماما الإجراءات التي تتخذ في حق المتهم وتنال كثيرا من حريته[12].

وبالتالي فافتراض البراءة في الإنسان حال اتخاذ إجراءات ماسة بحرية الشخص أو حال خضوعه للاتهام من قبل سلطات التحقيق، هو المرتكز الذي تقوم عليه دعائم الشرعية الجنائية في شقها الإجرائي، والأكثر من ذلك فإن قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات التي تسود حال تطبيق القواعد الجنائية الموضوعية إن هي إلا تعبير عن ضمان افتراض البراءة في الإنسان ولو كان متهما[13].

حيث إن حماية الحرية الشخصية التي كفلتها الدساتير والمواثيق لا يتسنى بلوغها إلا إذا افترضت براءة من خضع لاتهام جنائي إلى أن تثبت إدانته في محاكمة عادلة تتوفر فيها كافة ضمانات القضاء العادل[14].

هذا وافتراض براءة المتهم فيما يتعلق بالإجراءات الماسة بالحرية الشخصية وكذلك نفترض براءته فيما يتعلق بعبء الإثبات، هذا التوسع في مجال أصل البراءة قد لا يكون بذات الحجم في دول النظام التنقيبي إذ لا يقيم وزنا كبيرا للحرية الشخصية في مرحلة التحقيق السابقة على المحاكمة، وذلك حين يسمح القانون باتخاذ بعض الإجراءات الماسة بحرية المتهم الشخصية وتغلب افتراض البراءة في الأخير[15].

وقد لا يعلل النيل من مبدأ أصل البراءة في المرحلة السابقة على المحاكمة في دول النظام التنقيبي إلا بتغليب هذا النظام للمصلحة العامة للمجتمع فوق مصلحة المتهم المتمثلة في ضمان حقوقه وحرياته الفردية[16].

الفقرة الثانية: الشرعية الإجرائية وتنظيم أعمال الشرطة القضائية

 

إن غاية حقوق الإنسان وحرياته يشكل موضوعا خصبا بالغ التنوع وذلك بضرورة توفير حماية قانونية خاصة في مواجهة أعمال ضباط الشرطة القضائية، حيث إن المشرع مقيد دائما بضرورة احترام المبادئ الرامية إلى صيانة الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع، كما أكد كذلك المجلس الدستوري في قراره 13/08/2013.

وهذه الحماية التشريعية فهي لن تكون ذي جدوى بدون سلطة قضائية مستقلة لتعطي لتلك المقتضيات الحمائية الحركية ونبض الحياة في الواقع باعتبار السلطة القضائية هي سياج من الضمانات للحفاظ على الحقوق والحريات[17].

حيث إن هذا الواجب الملقى على عاتق السلطة القضائية يتجلى من خلال الدور الذي تقوم به انطلاقا مما اندمجه من ثقافة حقوق الإنسان[18].

وباعتبار جهاز لقضاء الحارس للحقوق والحريات فإنه يحرص على بسط رقابته على أعمال الشرطة القضائية لاستجلاء أي خروج عن مبدأ الشرعية الإجرائية والشطط في استعمال السلطة وانتهاك حقوق الإنسان تحت ذريعة المصلحة العامة أو النظام العام.

وهكذا فالمادة 16 من ق.م.ج تنص على أن وكيل الملك يسير في دائرة نفوذه أعمال ضباط الشرطة القضائية وأنواعها، وعليه فإن إعطاء التوجيهات له مدلول واسع ينصب عمليا على كل الإجراءات التي يجوز لضباط الشرطة القضائية وأعوانها أن يقوموا بها على وجه يحترم مبدأ الرعية الإجرائية[19].

وقد حددت نفس المادة تنوع الرقابة في التسيير بصريح العبارة " وكلمة تسيير" تعني السلطة القانونية والفعلية على أعمال ضباط الشرطة القضائية، فالأمر يتعلق باختصاص يمتد إلى مجال الإدارة والتسيير ولا يقتصر على المراقبة والإشراف[20]، كما أكدت المادة 128 من دستور 2011 أن أعمال الشرطة القضائية تخضع لسلطة النيابة العامة وقضاة التحقيق، إذن النيابة العامة هي المشرفة والمسيرة والمراقبة للضابطة القضائية مهما كانت رتبهم، ويمكن إجمال الرقابة على أعمال الشرطة القضائية من خلال المستويات التالية:

أ‌)    الرقابة من خلال الإخبار: فضابط الشرطة القضائية وقبل البدء في العمليات المرتبطة بالبحث والتحري فهو ملزم بإخبار النيابة العامة حالا، بل الأكثر من ذلك فهو يستمر طيلة فترة البحث التلبسي أو التمهيدي إحاطة النيابة العامة بكل جديد في الأبحاث والتحريات والعمليات المنجزة وتلقي التعليمات وتنفيذه [21].

ب‌)     الرقابة من خلال المحاضر: لا يخالف اثنان على أن محاضر الضابطة القضائية تلعب دورا هاما في توجيه الدعوى العمومية، بذلك تلزم المادة 23 من ق.م.ج ضباط الشرطة القضائية بتحرير المحاضر بما أنجزوه من عمليات وأن يوجهوا أصولها وجميع الوثائق والمستندات مباشرة إلى وكيل الملك أو الوكيل العام للملك التي من خلالها يبسط رقابتهم على تلك الإجراءات، أما في حالة التلبس فبالإضافة إلى الشروط العامة المرتبطة بالمحضر هناك شروط خاصة للمحضر في حالة التلبس وهي التعجيل بالتحري[22] والفورية، بالإضافة إلى توقيع ضابط الشرطة القضائية على كل ورقة من أوراق المحضر، لذلك أوكل المشرع للنيابة العامة مهمة التأكد من استيفاء المحاضر للتضمينات والإمضاءات والتدقيقات المنصوص عليها قانونا[23].

وبالتالي فمن خلال المحاضر يمكن للنيابة العامة أن تقف على التناقض بين أجزاء المحضر وحقيقة الواقع، فأمر بإرجاع المسطرة وتعميق البحث بالاستماع إلى كل ما يمكن أن تكون شهادته متجهة في مسار القضية، وهذا التناقض قد يأتي من القصور الذي يشوب عمل الضابطة القضائية لشيء  يترتب عنه ضياع حقوق وحريات الأشخاص.

ت‌)   الرقابة على مستوى الوضع تحت الحراسة النظرية: تعتبر الحراسة النظرية تدبيرا استثنائيا يمس حرية المتهم وشخصه، وعليه فإن المادة 66 تلزم ضابط الشرطة القضائية ألا يلجأ إليه إلا بإذن من النيابة العامة، ويتعين لزوما تقديمه إلى وكيل الملك أو الوكيل العام للملك قبل انتهاء مدتها، حيث نصت الفقرة الأخيرة منها على أن النيابة العامة تقوم بمراقبة الوضع تحت الحراسة النظرية ويمكن لها أن تأمر في أي وقت بوضع حد لها أو مثول الشخص المحتجز أمامها.

كما إن تدبير الحراسة النظرية في أعمال ضباط الشرطة القضائية قد يكتسي أهمية بالغة بقصد ضبط أنشطتها وضمان المردودية وتيسير حسن المراقبة، ففيه يقيد سبب الوضع تحت الحراسة النظرية ساعة بدايتها، ساعة انتهائها، مدة الاستجواب، أوقات الراحة، الحالة البدنية والصحية ، التغذية المقدمة له، ويعرض هذا السجل على وكيل الملك للإطلاع عليه ومراقبته والتأشير عليه مرة في كل شهر على الأقل[24]، لأن طبيعة المعطيات التي توثق فيها تتعلق بحقوق وحريات الأشخاص، وبالتالي فهو يشكل منطلقا هاما لتحقيق المراقبة على مدى احترام تلك حقوق والحريات.

وبالإضافة إلى الإشراف المخول للنيابة العامة هناك رقابة الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف على أعمال الشرطة القضائية في دائرة نفوذ كل محكمة استئنافية توضع تحت سلطة الوكيل العام للملك ومراقبة الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف، وهي رقابة تخص الأعمال الصادرة عنهم خلال فترة مزاولتهم لمهامهم بصفتهم ضباط الشرطة القضائية[25].

هذا وفي حالة وقوع تجاوزات من طرف ضباط الشرطة القضائية يمكن للغرفة الجنحية في حالة اقتناعها ثبوت الفعل مواجهة ضابط الشرطة القضائية، وفقا للمادة 32 فيصرف النظر عن العقوبات التأديبية لتي يتخذها في حقه رؤساؤه الإداريون، أن تصدر في حق ضابط الشرطة القضائية إحدى العقوبات التالية: توجيه ملاحظات، التوقيف المؤقت عن ممارسة الشرطة القضائية لمدة لا تتجاوز سنة واحدة، التجريد النهائي من مهام الشرطة القضائية[26].

ورغم أهمية هذه المراقبة إلا أن هناك بعض الإشكالات المرتبطة بذوي الرتب في الشرطة القضائية، وذلك عندما يتعلق الأمر بالجرائم التي تمس أمن الدولة الداخلي والخارجي، وعليه فمن الأجدى التنصيص على هاتين مختلفين للمرتبة تراعي في تشكيلها رتبة الشخص الخاضع لها، وذلك من أجل ضمان أكثر لحقوق وحريات الأشخاص[27].

المطلب الثاني: الجزاء كأداة للرقابة القضائية على صحة الإجراءات الجنائية

 

كما سبق القول أن جميع الإجراءات الجنائية تخضع لتنظيم القانون (الشرعية الإجرائية) ورقابة القضاء بحيث لا يمكن أن تكون أمام إجراء صحيح ينتج آثره ملم يكن منسجما مع أحكام المسطرة الجنائية.

لكن هذه الأحكام لن تكون لها قيمة ما لم يكن جزاء الإخلال بها، لذلك فالمشرع الجنائي المغربي انقسم بين الأخذ بالبطلان (الفقرة الأولى) في حالة الإخلال بمبدأ الشرعية الإجرائية إلا أن هذا الجزاء ليس بالمطلق بل هناك حالات استبعد ذلك البطلان (الفقرة الثانية) وذلك حسب طبيعة الإجراء ومدى تأثيره على سير الدعوى العمومية.

الفقرة الأولى: الأخذ بالبطلان عن مخالفة إجراء جوهري حماية لمصلحة الفرد (البطلان المطلق)

 

إن الضمانات القانونية وعلى رأسها الضمانات المسطرية التي يقررها المشرع تصبح غير ذي قيمة ما لم تقرر الجزاء على مخالفتها، لذلك يحرص المشرع دائما على تأكيد وجود جزاءات مختلفة تحيط بالضمانات المقررة تضمن لها الفعالية والجدية إيمانا منه بأن الضمانات لا تحمي حريات الأفراد فحسب بل هي لازمة أيضا لتحقيق المصلحة العامة المتمثلة في العدالة الجنائية التي لا قيام لنظام المجتمع بغيرها[28].

هذا ويعتبر موضوع جزاء الإخلال بمبدأ الشرعية الإجرائية ذو أهمية كبيرة خصوصا إذا علمنا أن تلك الإجراءات غالبا ما تمس حقوق وحريات الأفراد المتمثلة في حرية التجوال والتنقل و الحق في الخصوصية وهي حقوق وحريات تعتبر بمثابة شروط أساسية لتمكين الشخص من القيام بوظيفته الاجتماعية، وهذه السمة المميزة لتلك الإجراء هي نقطة الانطلاق الأساسية التي تكيف النقاش القانوني والحقوقي وكذا الاجتهاد القضائي في المغرب حول الجزاء القانوني المقرر في حالة الإخلال بالأحكام المنظمة لتلك الإجراءات.

كما سبق القول أن المشرع يحاول تدبير الخلاف بين المصلحة العامة (فاعلية العدالة الجنائية) وبين حماية الحقوق والحريات، ومن خلاله تبرز الضمانات التي يقررها القانون، وكل إجراء جنائي يسمح به القانون يجب أن يكون مقيدا بهذه الضمانات وإلا كان باطلا

فليس هناك تناقض بين فاعلية العدالة الجنائية وحماية الحقوق والحريات كهدفين للإجراءات الجنائية وذلك أن فاعلية العدالة الجنائية تتوقف على كشف الحقيقة وهو أمر يعتمد أسمائه على دليل مشروع أي دليل يستخلص من إجراءات تحترم فيها الضمانات[29].

وكل مخالفة لقاعدة إجرائية يترتب عليها البطلان وذلك بهدف حماية الحقوق والحريات التي يتمتع بها أطراف الدعوى الجنائية ويستوي في ذلك أن يكون الدستور أو التشريع مصدرا لهذه الحقوق والحريات[30].

ففكرة البطلان ترتبط كل الارتباط بتحقيق الفاعلية للعدالة الجنائية، وفي ضمان الحقوق والحريات، فبهذين الهدفين تتبلور الغاية من القوانين الإجرائية وتتحدد المصلحة الحمائية، وتتحدد الغاية من القاعدة الإجرائية في تدبير الاختلاف  وتحقيق التوازن بين فاعلية العدالة الجنائية وحماية الحقوق والحريات.

لما كانت الإجراءات الجنائية هي مصدر الأدلة  التي تؤسس عليها المحكمة اقتناعها بالإدانة، فإن قبول هذه الأدلة يتوقف على مشروعية الإجراءات التي تولدها، لهذا كان جزاء " البطلان" إعلانا بعدم المشروعية وانتداب لآثرها في إهدار الدليل المترتب عليها.

فإن عدم مشروعية الإجراءات الجنائية بسبب تجاوز الضمانات التي ينص عليها قانون المسطرة الجنائية هو أساس البطلان وهذا الأخير يلعب دورا فاعلا في الحماية القانونية للحقوق والحريات.

ومن خلال كل ما سبق يلاحظ بأن المشرع المغربي لم يرتب جزاء البطلان عن عدم احترام مدة الحراسة النظرية، إلا أن المادة 751 من ق.م.ج.م، التي تقضي على انه " كل إجراء يأمر به هذا القانون ولم يثبت إنجازه على الوجه القانوني يعد كأنه لم ينجز"، تكون واجبة التطبيق، فيكون كل جراء أنجز خلال المدة غير القانونية للحراسة النظرية كأنه لم ينجز وعديم الأثر [31].

ومن خلال ما سبق يلاحظ على انه وفي إطار البحث عن التوازن بين الحقوق والحريات والمصلحة العامة يلاحظ أن المشرع المغربي أخذ بالمذهب الشكلي أو ما يسمى بنظرية البطلان المطلق، ومقتضاه أن البطلان يقع نتيجة مخالفة جميع قواعد المسطرة الجنائية التي تنظم إجراءات الدعوى العمومية، وذلك من خلال الفصل 751 من المسطرة الجنائية التي جاء فيها " كل إجراء بأمر به القانون ولم يثبت إنجازه على الوجه القانوني يعد كأنه لم ينجز"[32].

كما يلاحظ أن المشرع الجنائي لم ينظم أسباب البطلان واقتصر تقريره في أحوال متفرقة، وذلك من أجل تحقيق تناسب بين الحقوق والحريات التي تحميها القاعدة الإجرائية محل المخالفة وبين المصلحة العامة فيقرر البطلان صراحة في الأحوال التي يرى فيها تغليب جانب الحقوق والحريات[33].

الفقرة الثانية: استبعاد البطلان عند مخالفة إجراءات غير جوهرية لتحقيق المصلحة العامة

 

يلاحظ أن المشرع المغربي أخذ كذلك بمذهب البطلان الذاتي، ومضمونه هو عدم اشتراط النص على البطلان صراحة، بل يكفي لذلك مجرد عدم مراعاة شروط معينة في الإجراءات، وهو مذهب يقرر عدم إمكان حصر أسباب البطلان مقدما، ولذلك يترك الأمر للقضاء حتى يقدر مدى التناسب يسن جسامة المخالفة والمصلحة العامة..

ورغم صعوبة التمييز بين الإجراءات الجوهرية والإجراءات غير الجوهرية إلا أن إعطاء السلطة التقديرية للقاضي سيعطي هامش كبير للتفكير قبل إقرار البطلان وذلك تحقيقا للمصلحة العامة المتمثلة في عدم إفلات الجناة من العقاب، وكذلك ضمان النجاعة والفعالية للعمل القضائي.

إلا أن هناك إشكال يثار بهذا الصدد المرتبط بمبدأ التعيين القضائي حيث إن ترك أمر تحديد حالات البطلان للقاضي دون حصرها مسبقا سوف يدخل في دائرة عدم التعيين، مما يجعل مخالفتها للإجراء الجوهري في إحدى القضايا سببا للبطلان وفي غيرها من القضايا عديم الأثر، كما أن هذه السلطة التقديرية الممنوحة للقاضي في إقرار الجزاء الإجرائي وعدم تحديده بدقة قد يمس أهم مبدأ من مبادئ العدالة الجنائية ألا وهو مبدأ الشرعية.

بالإضافة إلى ذلك فقد تكون أمام خرق لمبدأ المساواة أمام الخصوم حيث يقضي بالبطلان لصالح البعض ولا يقضي به لصالح البعض الآخر.

ونظرا لصعوبة الحسم في الأخذ بالإجراء الجوهري أو غير الجوهري فالمشرع الفرنسي ذهب في المادة 105 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه عند مخالفة الإجراء المنصوص على بطلان جزاء لمخالفتها ( أي بطلان المنصوص عليه) أو عدم مخالفة الإجراءات الجوهرية (البطلان الذاتي)، فإن المحكمة لا يمكن أن تقرر البطلان إلا إذا أدت المخالفة إلى المساس بمصالح الطرف صاحب الشأن..

أما القانون المسطري فقد ميز بين البطلان المتعلق بالنظام والبطلان المتعلق بمصلحة الخصوم حيث نصت المادة 337 من قانون الإجراءات على أنه في حالات البطلان المتعلقة بالنظام العام تقضي به المحكمة ولو بغير طلب، ونصت المادة 333 على أنه " في حالات البطلان المتعلق بمصلحة الخصوم يتعين التمسك بالبطلان من صاحب الشأن، فإذا شاب أحد الإجراءات الخاصة بالبحث أو التحقيق يسقط الحق في الدفع بهذا البطلان إذا كان المتهم محام وحصل الإجراء بحضوره دون اعتراض منه، أما في المخالفات فيعد الإجراء صحيحا إذا لم يعترض عليه المتهم ولو لم يحضر معه محام في الجلسة"[34].

وفي هذا الإطار قضت محكمة النقض ( المجلس الأعلى سابقا):

"حيث إنه يبين من أوراق الملف وخاصة من محضر الضابطة القضائية والمذكرة بمطالبة إجراء تحقيق رقم 18-80 غ2، أن مدة لحراسة النظرية استغرقت 255 سعة، وهو ما يتنافى مع مقتضيات الفصلين 68 و 82 من ق.م.ج.م، التي تحدد زمن الحراسة النظرية في 96 ساعة، وبالتالي يترتب عليه وفق ما ينص عليه الفصل 765 من ق.م.ج.م، اعتباره كأنه لم ينجز لأنه إجراء لم يتم إنجازه على الوجه الذي يفرضه القانون، فيجب إذن عليه استبعاد محضر استماع لمتهم [35]."

فالبطلان هو جزاء إجرائي يقرره القانون كأثر لتخلف كل أو بعض الشروط الإجرائية ينبغي توافرها صراحة أو ضمنا في إجراء معين، وعليه فالبطلان يتقرر كجزاء على مخالفة الإجراء الجوهري فحسب، أما الإجراء غير الجوهري فلا يترتب على مخالفته البطلان، والقول بغير ذلك يؤدي إلى إهدار الآثار القانونية المترتبة على الإجراءات الجنائية لأتفه الأسباب، وتمكين المتهم من الإفلات من العقاب، وتعقيد الإجراءات وإطالة أمدها دون مقتضى[36].

خــــــاتمـــــة

إن المجتمع كما يهمه عقاب المتهم والقصاص منه حال ثبوت الجرم في حقه، يهمه أيضا ألا يطول العقاب بريئا، لذا فقد توجب حال تنظيم الإجراءات الجنائية -  في دولة القانون - مراعاة التنسيق بين مصالح المجتمع في صونه من الإجرام والحد من تفاقمه، وبين حقوق وحريات الأفراد. وحال بلوغ هذا التوازن يمكن القول بأن التنازع بين حق الدولة في العقاب وحق المتهم في الحرية الفردية أصبح تنازعا ظاهريا يعبر عن وجهين لعملة واحدة ، بحسبان أن عقاب الجاني هو تأكيد للحرية الفردية للشخص البريء. فالجماعة لا صالح لها إلا في التعرف على الحقيقة المجردة ، فهي لا تريد توقيع العقاب على برئ، الأمر الذي يوجب عليها حال ملاحقة المتهم ضمانا لأمنها واستقرارها التثبت من صحة الاتهام أو بطلانه.



[1]  عبد الحميد الشورابي، ضمانات المتهم في مرحلة التحقيق الجنائي، منشأة المعارف الاسكندرية، الطبعة 1994،ص 9

[2]  محمود نجيب حسني ، شرح قانون الإجراءات الجنائية ، ط2 ، دار النهضة العربية ، 1988 ، ص4-5.

[3]  أحمد لطفي السيد، الشرعية الإجرائية وحقوق الإنسان، كلية الحقوق – جامعة المنصورة، 2004، ص 4

[4]  أحمد لطفي السيد، نفس المرجع،  ص 8

[5]  Cass. Crim. 1er janv. 1956, D. 1956, p. 365.

[6]- أحمد لطفي السيد، الشرعية الإجرائية وحقوق الإنسان،م.س، ص 8.

[7] - ف. 23 من دستور 2011.

[8] - قولة لمنتسكيو أوردها محمد متيوي مشكوري ، العدالة التقويمية ، بحث لنيل دبلوم الماستر في العدالة الجنائية والعلوم الجنائية، فاس السنة الجامعية 2013/2014 نقلا عن: pierre ballondier « pour un différence de la brérs omption d’innoncence » thés de doctoral, aiy –maesseille 1996, p3.

[9]  -najib ba mahamed, brocédure pénale et libérté, rawe marocaine d’administration locale et de déveleppement  n 39, edit maghribines, casablanca, 2003, p8.

[10] - أحمد فتحي سرور، القانون الجنائي الدستوري، الشرعية الدستورية في قانون العقوبات وفي قانون الإجراءات الجنائية، دار الشروق، الطبعة الثانية،سنة2002، ص 193.

[11] - م. 286 من قانون المسطرة الجنائية المغربي

[12]- خالد حمد، قرينة البراءة (دراسة تحليلية)، مجلة العلوم القانونية " المنازعات الجنائية على ضوء المستجدات التشريعية والاجتهادات القضائية"، العدد الأول، مطبعة الأمنية، الرباط 2015، ص...

[13] -k.vasts la convention europiénne desdroits de l’hpmme, paris 1964, p 48.

[14] - أحمد لطفي السيد، م.س، ص 12.

[15]-   M.d. essaid, la présentation d’innocence th. Paris 1996, p 12.

[16] - أحمد لطفي السيد، م.س، ص 21.

[17]- محمد شريف بسيوني، الإجراءات الجنائية في النظم العربية وحماية حقوق الإنسان، دار العلم للملايين، لبنان، ط.1،س. 1991، ص 18.

[18]- أحمد ادريوش، القضاء وثقافة حقوق الإنسان، تأملات حول توظيف مفاهيم ومقتضيات القانون المدني بغرض ملاءمة القانون المغربي لحقوق الإنسان، الطبعة الأولى، 2014، مطبعة الأمنية الرباط، ص 11 -12.

[19]- محمد عباد، شرح قانون المسطرة الجنئية، ج 1،س 1991، ب.م، ص 101.

[20]- عبد العزيز الزريفي، طبيعة عمل النيابة العامة، بحث لنيل دبلوم الماستر في العدالة الجنائية والعلوم الجنائية، السنة الجامعية 2008/2010، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس،  نقلا عن محمد مرزوكي، علاقة النيابة العامة بالشرطة القضائية في ضوء قانون المسطرة الجنائية، مقال منشور بمجلة الاشعاع، عدد 30-31، 2006، ص 151 -169.

[21] - المواد 22-23-28-57-59-60-66-77-78- 80 من قانون المسطرة الجنائية المغربي

[22] - وهو تعجيل تفرضه المادة 385 المنصوص عليها في المادة 74 من قانون المسطرة الجنائية المغربي

[23] - شادية شوحي، حقوق الدفاع خلال مرحلة ما قبل المحاكمة في النظام الجنائي المغربي، عناصر من أجل محاكمة عادلة، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني عين الشق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالدار البيضاء، السنة الجامعية 2002/2003، الجزء الأول، ص 576-577.

[24]- محمد مرزوكي، الشرطة القضائية وفق قانون المسطرة الجنائية، ط.1،س. 2007، مكتبة دار السلام للطباعة والنشر، ص 84.

[25]- المادة 29 من ق.م.ج:" تراقب الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف أعمال ضباط الشرطة القضائية عندما تكون صادرة عنهم بهذه الصفة."

[26]- رياض عبد الغني، جهاز النيابة العامة بالمحاكم العادية المتخصصة والاستثنائية، نشر مكتبة دار السلام الرباط، ط.1،س 2007، ص 89.

[27]- محمد ملياني، قضايا حقوق الإنسان بين مشروع تعديل قانون المسطرة الجنائية ومذكرتي المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، ع. 39، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، س ‌2003، ص 149.

[28]- فؤاد بوظيشط، حقوق الإنسان وسلطة الضبط الجنائي في التفتيش والضبط، مجلة القانون المغربي، ع. 33، دجنبر 2016، ص221.

[29] - أحمد فتحي سرور، القانون الجنائي الدستوري،م.س، ص 528.

[30] - أحمد فتحي سرور، القانون الجنائي الدستوري،م.ن،ص530.

[31]- محمد عبد الحميد اللفي، شروح عملية في قانون المسطرة الجنائية –دراسة مقارنة- ج.2،مكتبة الرشاد، سطات، ب.س،ص.286 

[32]- أحمد فتحي سرور، القانون الجنائي الدستوري،م.ن،ص530.

[33]- فتحي سرور، م.س، ص 53 بتصرف.

[34] -أحمد فتحي سرور، م.س، ص 537.

[35]- قرار رقم 4846 الصادر بتاريخ 1983/11/01،عن محكمة لنقض(المجلس الأعلى سابقا)،مجموعة قرارات المجلس الأعلى لسنوات 1966-1986،ص 200. 

[36]-  علي محمد صالح الدباس، علي عليان محمد أبو زيد، حقوق الإنسان وحرياته ودور شرعية الإجراءات الشرطية في تعزيزها، دراسة تحليلية لتحقيق التوازن بين حقوق الإنسان وحرياته وأمن المجتمع تشريعيا، وفقها، وقضاءا، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ب.ط، عمان،س 2004،ص 273. ومحمود نجيب حسني، شرح قانون المسطرة الجنائية، م.س، ص 227.

إرسال تعليق

أحدث أقدم