مؤسسة قاضي التحقيق في النظام القضائي المغربي - للطالب سفيان البوهالي



عنوان البحث:

مؤسسة قاضي التحقيق في النظام القضائي المغربي

تحت إشراف: الدكتور عبد الواحد
شعير   إعداد الطالب: سفيان البوهالي 

 لتحميل البحث اضغط هنا
 تحميل







· تمهيد :

عرف المغرب في السنين الاخيرة ثورة الاصلاح منظومته التشريعية، في اتجاه مجاراة التطورات التي عرفها و العالم من حوله، في جميع مناحي الحياة الاقتصادية، الاجتماعية والقانونية، والتي فرضها عليه توجهه نحو الانفتاح على العالم الخارجي، وكذا نظام العولمة، حيث لا مجال للتقوقع، ولا مناص له من تحيين تشريعاته لمسايرة المستجدات .

ومن بين الاصلاحات التي طالت المنظومة التشريعية، كان هناك قانون المسطرة الجنائية المؤرخة في 10 فبراير 1959 ، المعدل بظهير الاجراءات الانتقالية الصادر في تاريخ 28 شتنبر 1974، والدي لم يعد يساير التوجه العالمي في مجال حقوق الانسان وحماية الحريات الفردية و الجماعية، اضافة الى ما كشف عنه التطبيق العملي من اشكالات ابانت عن قصوره .

كما ان هناك اسباب اخرى كانت دافعا الى التفكير في اخراج قانون جديد للمسطرة الجنائية من بينها :

ضرورة التوافيق بين ما يجب القيام به لمحاربة الجريمة وبين الطرق القانونية الواجب اخدها بعين الاعتبار لاحترام حقوق الانسان ، تكريسا لمبدأ المحاكمة العادلة .

تصاعد وتيرة الجريمة وضهور اشكال جديدة من الجرائم مرتبطة بما عرفه العالم من تطور تكنولوجي ومعلوماتي كبير.

الانتقادات التي يتعرض لها المغرب من طرف المنضمات الحقوقية، والهيئات غير الحكومية، وخاصة فيما يتعلق بطرق تصريف القضايا الجنائية وبطئ المساطر وقصور التشريعات .

التراكم الكبير للقضايا الجنائية في اروقة المحاكم، الشيء الدي يجعل التفكير في آليات لتصريفها أمرا حتميا، خاصة وان اغلبها قضايا بسيطة.1


1-انظر ديباجة قانون المسطرة الجنائية عدد01/22 في 03 اكتوبر 2002 والدي تضمن الاسباب التي دفعت المشرع الى اخراج هذا القانون الجديد للمسطرة الجنائية ,

ونتيجة لهذه الاسباب مجتمعة او منفردة، تم المصادقة على قانون المسطرة الجنائية الجديدة رقم 01, 22 الصادر بتنفيذ ظهير الشريف المؤرخ في 03 اكتوبر 2002 ، والدي طفرة نوعية في مجال التشريعات حيت تضمن العديد من التعديلان التي طالت نصوصا اجمع الفقه و القضاء على تناقضها مع مفهوم المحاكمة العادلة وعلى مساسها الخطير بالحريات و بحقوق الدفاع .

بدورها المقتضيات المنظمة لمؤسسة قاضي التحقيق أو ما يطلق عليه مصطلح التحقيق الاعدادي، قد طالها التعديل لتساير ما سبق دكره، خاصة وان المقتضيات و الاجراءات هي تماس مباشر مع حريات الاشخاص وحقوقهم.

وهذا باعتبار ان هذه المؤسسة الضامنة والساهرة على جمع الادلة وتصحيحها بدءا باكتشاف الجريمة الى غاية الحكم فيها، وذلك عن طريق التحقيق الاعدادي.2

وبرغم من ذلك بعض التشريعات المقارنة ترى أن لا فائدة من وجود مؤسسة قاضي التحقيق داخل الخصومة الجنائية ، فان المشرع المغربي من خلال ق.م.ج (22,01)، قام بتوسيع نطاق هذه المؤسسة وذلك باعتماده ثنائية التحقيق،3 واد أصبحت المحاكم الابتدائية تتوفر على مؤسسة قاضي التحقيق انطلاقا من كون المشرع اعطى لقاضي التحقيق امكانية القيام بالتحقيق الاعدادي عن طريق مجموعة من الاجراءات و الأوامر التي تساعده على جمع الأدلة .

ويعتبر ابقاء القانون على هده المؤسسة من المكتسبات بالنظر لما توفر من ضمانات قانونية للمتهم و المجتمع على حد سواء مما يعين الوصول الى الحقيقة في مجال لا يخلو من التعقيد، وهو المجال الجنائي.4


2-عبد الواحد العلمي: شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية ، الجزء الثاني : الطبعة الاولى ص 27

3-هذا ما يطلق على مبدا التحقيق الاعدادي و هو من مستجدات المسطرة الجنائية الجديدة ، حيت احدت المشرع مؤسسة قضاء التحقيق لدى المحاكم الابتدائية نظرا للأهمية وخطورة بعض الجنح بالإضافة الى ابقائه عليها لدى محاكم الاستئناف .

4-المرحوم عبد الصمد الزعنوني : قضاء التحقيق في ضوء مشروع قانون المسطرة الجنائية عرض تم تقديمه خلال اليومين الدراسيين حول مشروع قانون يتعلق بمدونة المسطرة الجنائية 14-15-16 يونيو 2001 ص 2 .

و بالرجوع إلى المادة 52 من ق.م.ج. الجديد نستشف أن المشرع المغربي تبنى ثنائية التحقيق وذلك بجعل التحقيق على مستوى المحاكم الابتدائية

بالإضافة إلى تواجده بمحاكم الاستئناف أسوة ببعض التشريعات المقارنة كالتشريع المصري الذي سبق له أن سلك هذا المنحى وذلك من خلال المادة 64

من قانون الإجراءات الجنائية المصري التي نصت على أنه " إذا أرادت النيابة العامة في مواد الجنايات والجنح أن تحقيق الدعوى بمعرفة قاضي التحقيق أكثر ملاءمة بالنظر إلى ظروفها الخاصة جاز لها في أية حالة كانت عليها الدعوى أن تخابر رئيس المحكمة الابتدائية وهو يندب أحد قضاة المحكمة لمباشرة هذا التحقيق ".

ويجوز للمتهم أو للمدعي بالحقوق المدنية أن يطلب من رئيس المحكمة الابتدائية إصدار قرار بهذا الندب ويصدر رئيس المحكمة هذا القرار إذا تحققت الأسباب المبينة بالفقرة السابقة بعد سماع أقوال النيابة العامة و يكون قراره غير قابل للطعن، وتستمر النيابة العامة في التحقيق حتى يباشرها القاضي المندوب في حالة صدور قرار بذلك "5.

ومن الأسباب الرئيسية التي دفعت بالمشرع المغربي إلى إعادة النظر في تنظيم وتقييم مؤسسة قاضي التحقيق التحول والتطور العميق الذي شهده المغرب خلال السنوات الأخيرة من أجل تركيز سيادة دولة الحق والقانون، وكذا نتيجة لدخوله


5-محمود محمود مصطفى : شرح قانون الإجراءات الجنائية الطبعة الرابعة 1956 مطبعة اتحاد الجامعات بالإسكندرية ص 231 و 232.

عتبة القرن الواحد والعشرين الذي تكتسحه عولمة الاقتصاد وعالمية القانون الجنائي، وقد أكد هذا التوجه المغفور له صاحب الجلالة الحسن الثاني طيب الله ثراه عند استقباله لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 24 أبريل 1995 وذلك بقوله " إن المغرب إذا أراد أن ينفتح على العالم يجب أن يكون كذلك قضاؤه متفتحا وفي مستوى قضاء العالم لأنه لا يمكن ذلك المال الأجنبي عارفا أنه في مأمن الشطط وسوء الفهم، فالقضاء اليوم لم يصبح فقط أساسا لطمأنينة الرعية والمجتمع بل أصبح ضروريا للنماء ".

التطور التاريخي لنضام قاضي التحقيق:

من الناحية التاريخية يرجع ظهور نضام قاضي التحقيق لأول مرة في فرنسا الى القرن السادس عشر بموجب اعلان فرانسوا الاول بتاريخ 14 جانفي 1522،6عندما أوكلت مهام التحقيق الى الملازم الجنائي والتي حددت سلطاته في نضام هنري الثاني، في ماي 1522 و نوفمبر 1554، وهو نفس النظام الدي واصل الأخذ به، الامر الملكي الصادر سنة 1670 وضل العمل به الى غاية سنة 1808، حيث انشئ لأول مرة نضام قاضي التحقيق في فرنسا بموجب قانون التحقيق الجنائي .




6- L’édit du 14 janvier 1522, instituer un lieutenant criminel spécial dans chaque baillage éviter les langueurs du procès et faire prompt et biffure justice en donnant crainte et terreur ou malfaiteur .

Gustave lemelle, juridictions d’instruction en droit criminel, thèse pour le doctorat, faculté de droit de Lille 1899 p :20



وعلى أتر هدا الفصل بين سلطتي الاتهام و التحقيق، تم جعل سلطة الاتهام من اختصاص النيابة العامة و التحقيق من سلطة قاضي التحقيق، وقد دخل هدا القانون حيز التنفيذ في 1 جانفي 1811 بعد صدور قانون العقوبات وقانون التنظيم القضائي سنة 1810، على ان مهام قاضي التحقيق في ظل هذا القانون بقيت منحصرة في مهام البحث والتحري فقط دون ان يكون له الحق في التدخل القضائي الا أن هدا الأخير لم يمارسه الابعد صدور قانون 17جويلة 1856، والدي أصبح بموجبه يتمتع بصلاحية الفصل في المسائل العارضة عن طريق اصدار الأوامر القابلة للاستئناف إلا أن هذا القانون اجريت عليه عدة اصلاحات بعد ذلك منها، ترسيخ حق المتهم في الاستعانة بمحاميه عند الحضور الأول أمام قاضي التحقيق وتمكين محاميه من الاطلاع على الملف و هو نفس الحقوق التي منحت للضحية بموجب قانون 22مارس 1921.

و بموجب قانون 31 دجنبر 1957، صدور قانون الاجراءات الفرنسية الدي حدد فيه المشرع الفرنسي وظيفة قاضي التحقيق على النحو المعروف حاليا.

اما الدول التي الا تأخذ بنظام قاضي التحقيق (كالولايات المتحد و إنجلترا....)، فإنها تسند مهام قاضي التحقيق الى الضابطة القضائية تحت اشراف المدعى العام، اما دول الخليج و مصر و البرتغال، اسندت مهام التحقيق الى النيابة العامة بدرجة الاولى، والى قاضي التحقيق في بعض الحالات الخاصة.

اما التطور الدي عرفه المغرب فانه مر بعدة محطات بدأت من ظهير 1959، مرورا بظهير الاجراءات الانتقالية ، ليستقر به المطاف بعد اخر تعديل عرفته المسطرة الجنائية بتنفيذ قانون رقم 01_22 والدي اعتبر في حينه دعامة اساسية لحقوق الانسان وركيزة مهمة في تحقيق المحاكمة العادلة سيرا على هدى أعرق الأنظمة القضائية في العالم، التي تعتمد على مؤسسة قاضي التحقيق بصفته قاضي الضمانات لإضفاء الشرعية على الابحاث الجنائية لما يوفره من ضمانات للمتهم، وما يتيح من ضمانات للدفاع يجعل البحت الجنائي بمنأى عن كل انتقاد يطفى عليه المصداقية، وسعيا من المشرع الحفاظ على نضام التحقيق، كما هو معمول به في ظل قانون المسطرة الجنائية الحالي ، الدي جعل التحقيق اجباريا في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد وفي الجنح الواد بشا نها نص خاص.

وبصفة اختيارية في باقي الجنايات، وقد امتد مجال التحقيق على الصعيد المحاكم الابتدائية، والزاميا بوجود نص خاص يقضي بدلك (متل مدونة السير الجديدة التي جعلت التحقيق الزاميا في الحوادث المميتة حسب المادة 137 من نفس المدونة ).

اشكالية الموضوع :

سنبسط دراستنا هذه حول مؤسسة قاضي التحقيق وما تطرحه من اشكاليات،

تتفرع عنها عدة تساؤلات نجملها

في ما يلي:

ماهي صلاحيات قاضي التحقيق؟ وما الجهة التي تعينه؟

ماهي اجراءات التحقيق الاعدادي ؟ وماهي خصائصه ؟

ماهي اوامر قاضي التحقيق ؟ وانواعها؟ وكيفية الاستئناف عليها ؟

متى يتم بطلان اجراءات التحقيق؟ ومتى يتم اعادة التحقيق بسبب ضهور ادلة جديدة؟





للإجابة على هده التساؤلات سأقسم هذا الموضوع الى فصلين، (الفصل الأول) خصائص التحقيق الاعدادي ونطاقه والاجراءات الخاصة به، و (الفصل الثاني) أوامر قاضي التحقيق وبطلان اجراءاته.



الفصل الأول:





خصائص التحقيق الإعدادي نطاقه وإجراءات الخاصة به











× الفصل الأول: خصائص التحقيق الاعدادي نطاقه واجراءات الخاصة به.



التحقيق الاعدادي هو مرحلة من مراحل القضية الجنائية7، تتوسط البحث التمهيدي الدي تباشره الشرطة القضائية و التحقيق النهائي الدي تقوم به المحكمة في الجلسة 8، وحسب رأي الفقه و القضاء تعد المرحلة التحقيق الاعدادي دعامة أساسية لحقوق الانسان و ركيزة مهمة في التحقيق المحاكمة العادلة.

ان التحقيق الاعدادي عبارة عن مجموعة من التحريات تستهدف استكمال المعلومات و جمع الاذلة التي تكون في صالح المتهم او ضده من طرف سلطة قضائية مختصة يحق لها في نهاية البحث ان تقرر ما اذا كان مناسبا او غير مناسب احالة القضية على المحكمة, وهكذا فان قاضي التحقيق له مهمة مزدوجة تتمثل في جمع الأدلة المتعلقة بالجريمة التي توجع من أجلها الظنين, ومن جهة أخرى اعطاء قيمة للأدلة لمعرفة ما اذا كانت كافية أو غير كافية للاستمرار في المتابعة4 , وقد كانت المادة 84 من ق.م.ج الصادرة في 10 فبراير 1958 تلزم القاضي التحقيق بالقيام بالتحقيق الاعدادي في جميع الجنايات و اختياريا في الجنح مالم يوجد نص خاص . لكن بعد صدور ظهير الاجراءات الانتقالية بتاريخ 28 شتنبر 1974 تقلص مجال التحقيق فأصبح الزاميا في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام (ق.7.م. ا) و السجن المؤبد و الجنايات المقترفة من طرف الأحداث (ف.20.م.أ ) أما في المخالفات فقد أسقطت امكانية اللجوء الى التحقيق أصلا9، أما في ظل القانون المسطرة الجنائية الجديدة فنجد أن المشرع حافظ على نظام التحقيق .




7- نجاة بضراني : المدخل لدراسة القانون الجزء الأول ( نظرية القانون ) ص 304 .

8- محمد عياط : دراسة في المسطرة الجنائية المغربية . الجزء الثاني ، الطبعة الأولى 1991 الناشر شركة بابل للطباعة و النشر و التوزيع ، ص 91 .

9- محمد عياط : دراسة في المسطرة الجنائية المغربية، مصدر سابق، ص 93.

كما هو معمول به في السابق أي التحقيق على صعيد الجنايات المعاقبة بالإعدام أو السجن المؤبد و الجنح الواردة بشأنها نص خاص و بصفة اختيارية وفي الجنح

المرتكبة من طرف الأحداث التي يكون الحد الأقصى المقرر لها خمس سنوات المادة 83 من ق.م.ج وعليه يمكن القول بأن القضاء التحقيق مهمة ذات طابع ثنائي بحيث يقوم بجمع الأدلة المؤكدة للجريم وكذا معرفة اد ما كانت كافية للمتابعة.

يتميز التحقيق الاعدادي بعدة خصائص ، أبرزها أنه ذو طبيعة قضائية اد أن قاضي التحقيق حكم وليس خصما، ولذا فان من واجب عليه ان يجمع الحجج بحياد تام ، كما أنه ينجز هذا التحقيق تحت مراقبة الغرفة الجنحية ، أما الخاصية الثانية هو أن التحقيق يغلب عليه طابع السرية و الكتابة و العينية.

نظرا لأهمية الأدوار الممنوحة لقاضي التحقيق في إجراء التحقيق الإعدادي ، وما يقوم به القاضي من دور جسيم ومهم و بهذا سنقسم هذا الفصل الى مبحثين (الاول)تعين قاضي التحقيق وخصائصه، و (الثاني) إجراءات التحقيق الإعدادي و الخصائص المميز له.

المبحث الأول: تعيين قاضي التحقيق واختصاصاته.

ان العمل الدي يقوم به قاضي التحقيق في اطار اتخاد الاجراءات والوسائل المناسبة بقصد الوصول الى الحقيق وكنة الشيء.10

واتباع السلطة المختصة بإنجاز البحث الإعدادي تخول له جميع الصلاحيات التي يتم من خلالها البحث التمهيدي، وأن الضابطة القضائية تسهر على الإشراف على مجريات التحقيق.

فان قاضي التحقيق بالرغم من اعتباره أحد الأطراف القضائية التابعة للمحكمة ،


10- رياضي عبد الغاني،'' جهاز قاضي التحقيق اختصاصاته و الاجراءات المسطرية المطبقة أمامه'' مكتبة دار السلام الرباط، طبعة 2007، ص،3.

لا وأنه يقوم بازدواجية المهام في كونه يقوم بالبحث عن الأدلة و الحجج وفي نفس الوقت يقوم بإعطاء تقييم الأدلة وامكانية المتابعة .

كما تجدر الإشارة الى أن جهاز قاضي التحقيق هو جهاز قضائي يشرف عليه مباشرة اطار قضائي مختص يتوفر على صفة قانونية ، وقرار التعيين يصدر عن وزير العدل لمباشرة اجراءات التحقيق ، واستنادا الى تعدد الاختصاصات التي يقوم بها و القرارات المتخذة من طرفه، فهو يبدو ظاهريا كما ذهب الفقهاء على انه مؤسسة خاصة ، لكن في الواقع هو قاضي منفرد يعين من بين قضاة الاستئناف للقيام بإجراءات التحقيق خلال مدة معينة.11

المطلب الأول: تعيين قاضي التحقيق.

الفقرة الاولى: تعيين قاضي التحقيق على المستوى القانون المقارن.

في فرنسا يعين قاضي التحقيق بناء على مرسوم يصدره رئيس الجمهورية باقتراح من وزير العدل بعد استشارة المجلس الأعلى للقضاء، دالك لمدة ثلاثة سنوات قابلة للتجديد(الفصل 50 من مسطرة الجنائية فرنسية).

ادا لم يتوقف قاضي التحقيق في مهمته يمكن اعفاؤه من هذه المهمة، شرط احترام نفس الشكليات التي رعيت في تعيينه، حيث يعود ليشتغل منصبه الاصلي كقاضي حكم بالمحكمة الابتدائية الكبرى التي ينتمي اليها.

فقاضي التحقيق وبهذه الصفة اذا كان يخضع لسلطة الحكومة التي بإمكانها إعفاءه من مهامه فهو مع ذلك يظل قاضيا من قضاة الحكم، حيت بهذه الصفة يضحى غير قابل لا للنقل و لا للعزل، بناء عليه يبقى له الحق و برغم من إعفائه في البت في القضايا المدنية و الجنحية ، باستثناء تلك التي سبق له ان حقق بها (الفصل49 م.ج.ف)، هذه القواعد _في فرنسا_12' لا تؤمن الا بصفة جزائية استقلال قاضي التحقيق في علاقته مع الحكومة، فمن ناحية ينحصر دور المجلس


11- رياضي عبد الغاني: ''قضاء التحقيق'' الجزء الأول، مطبعة السلام الرباط، الطبعة الأولى 2001، ص، 6.

12-الاستاد فريد السموني: المعين في المادة الجنائية،'' المهن القضائية والامنية، الجزء الثاني، المسطرة الجنائية: 2012-2011 ص 38،39.

الاعلى للقضاء من الواجهة العملية في تقديم رأي استشاريا فقط، بحيث يبقى مطلق الحرية التصرف للحكومة من ناحية أخرى بالخصوص ، يمكن اعفاء قاضي التحقيق قبل انتهاء مدة التعيين .



الفقرة الثانية: تعيين قاضي التحقيق على المستوى القانون المغربي.

حافظ المشرع المغربي في القانون الجديد رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية حيت ابقى على مؤسسة قاضي التحقيق في مسألة التعيين في هذا الإطار جاء الفصل 6 من ظهير الإجراءات الانتقالية الصادر بتاريخ 11 رمضان 1394 الموافق 28 شتنبر 1974، على أنه : يعين بقرارات وزير العدل أو عدة قضاة مكلفين بالتحقيق لمدة ثلاثة سنوات في كل محكمة استئنافية من بين قضاة الحكم لهذه المحاكم ويمكن اعفاءه حسب نفس المسطرة، فان المادة 52 من قانون المسطرة الجنائية قد أحدثت قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية اد نصت على انه’’(يعين القضاة المكلفين بالتحقيق في المحاكم الابتدائية من بين قضاة الحكم لمدة ثلاثة سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير العدل بناء على اقتراح من رئيس المحكمة الابتدائية،13 يعين القضاة المكلفون بالتحقيق في المحاكم الاستئناف من بين مستشاريها لمدة ثلاثة سنوات قابلة للتجديد بقرار من وزير العدل بناء على اقتراح من رئيس الاول لمحكمة الاستئناف ).’’

كما يجوز لوزير العدل أن يتولى تعيين قاضي التحقيق بصفة مؤقتة لدى محكمة الاستئناف عن طريق ما يسمى بمسطرة الانتداب، وتقتضي هده المسطرة أن يعين وزير العدل قاضي التحقيق لمدة لا تتعدى ثلاثة أشهر، يمكن تمديدها لفترة مماثلة.

وبهذا فان المشرع رغم فصل وضيفة التحقيق عن وضيفة الاتهام، الا أنه ضمها نسبيا تحث تأثير السلطة التنفيذية.

برجوع الى المادة 54 من ق.م.ج، تنص على أنه اذا كانت القضايا الواجب بحثها


13- المسطرة الجنائية المغربية: الباب الرابع، القضاة المكلفون بالتحقيق،'' المواد 54،53 ،52.

تقتضي نظرا العد دها وأهميتها وجود قاضي تحقيق أخر فإنه يجوز لوزير العدل

أن يعين بموجب قرار قاضيا أصليا أو نائبا ليزاول مؤقتا مهام قاضي التحقيق الى جانب القاضي المنتصب لهده الوظيفة ، إلا أن المادة 52 من القانون أعلاه، التي وإن كانت تحتفظ للسيد وزير العدل بسلطة تعين قاضي التحقيق لمدة ثلاثة سنوات قابلة للتجديد فهي تشترط أن يكون هذا التعين بناء على اقتراح السيد رئيس المحكمة الابتدائية و ليس رئيس المحكمة الاستئناف ، مادام ان المشرع قد وسع من نطاق التحقيق الاعدادي كما سبقت الاشارة الى ذلك لتشمل بعض القضايا الجنحية.

ونحن إن كنا نرحب بهذا الاشتراك الذي تبدو فائدته من صلاحية الاقتراح لرئيس المحكمة الذي يعتبر بنضرنا السلطة المؤهلة أكتر من غيرها لاختيار أفضل العناصر للاضطلاع بمهمة التحقيق وهي مهمة تحتاج الى خبرة تقنية خاصة تجمع بين مهارة البحث عن الأدلة و حرفية القضاء.14

بالإضافة الى التعيين هناك مسطرة الإعفاء و التي لابد ذكرها بخصوص إنها قد تشوبها نوع من الانتقاد، فان وزير العدل يمكنه أن يضع حدا لهدا التعيين (المادتين 6 و19من ظهير الاجراءات الانتقالية)، وحسب المادة 53 من قانون المسطرة الجنائية تقضي بأن اعفاء قاضي التحقيق يبقى استشاريا اي أن السلطة الكاملة لوزير العدل في إعفاء وهذا قد يمس بشرف وسمعة قاضي التحقيق وما يجب الزام به هو اتباع المقتضيات المسطرة التي جاءت بالمادة 53 التي سبق دكرها.

يتبين من مسطرة التعيين و الإعفاء، لوزير العدل سلطة واضحة يستأثر ربها أزا قاضي التحقيق، وكان ينبغي أن يتم التعين و الإعفاء عن طريق المجلس الأعلى للقضاء ضمانا لاستقلال قاضي التحقيق في أداء وظيفته التي لها ارتباط وتيق بحقوق الأفراد وحرياتهم.




14- أحمد الخمليشي: شرح قانون المسطرة الجنائية،(الدعوى المدنية، البحث التمهيدي) الطبعة الخامسة 1999 ، مطبعة المعارف الجدية ص338.

المطلب الثاني: اختصاصات قاضي التحقيق.

تتمثل اختصاصات قاضي التحقيق في كونه هو الساهر الأول على الانجاز التحقيق الإعدادي وهو الذي يملك السلط الواسعة ويتصرف في حرية المواطنين و شرفهم، يباشر مهنه ضمن شبكة القوانين العسيرة حيث ينبغي له أن يستعمل علمه وخبرته، لكن في نهاية الأمر هي صفته الأخلاقية وضميره و فضائله التي تكسب مهمته وعظمتها الحقيقية 15.

وبهذا فإن لقاضي التحقيق مجموعة من الاختصاصات والسلطات التي يتخذها في إطار البحث عن وسائل الإثبات ، وكذا المتعلقة بشخص المتهم، لقد نص المشرع المغربي في الفصل 52 ق.م.ج على أنه يكلف قاضي التحقيق بإجراء البحث طبق الكيفيات المحددة في الباب الأول من الجزء الثالث من قانون المسطرة ولا يمكنه أن يشارك في اصدار حكم في القضايا الجنائية التي سبق له أن النظر فيها بصفته قاضي التحقيق وإلا فيكون ذلك الحكم باطلا كما نص في الفصل 56 من نفس المسطرة لا يمكن لقاضي التحقيق إجراء بحث الا بعد إشعاره بطلب من وكيل الدولة أو بناء على الشكاية المباشرة من الادعاء المدني، كذا سواء تعلق الأمر بإحالة في الظروف العادية أو استنادا الى حالة التلبس التي يكون قاضي التحقيق متواجدا فيها بعين المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة في حالة التلبس 16. فإن القاضي يقوم بالسلطات المخولة له بمقتضى الفصل 77 وذلك في حالة حضوره بعين المكان، وله أن يطالب بصفة مباشرة حين مزاولة مهامه بتسخير القوة العمومية كما نص الفصل 57 من ق.م.ج

على أنه يرجع النظر من حيث الاختصاص الى كل من قاضي التحقيق المرتكبة في دائرته الجريمة أو قاضي التحقيق الكائن بدائرته محل اقامة أحد الأشخاص المضنون مشاركتهم في هذه الجريمة ،أو الى قاضي التحقيق الواقع في دائرته القبض على أحد اولئك الأشخاص ، ولو كان القبض قد ألقي لسبب آخر.

وبالتالي فان المشرع عمل عن قصد بإضافة التخصص الشخصي لقاضي التحقيق


15-طارق السباعي إدريس: ''قضاء التحقيق'' مطبعة الصومعة ، صفحة 10 الطبعة الثانية.

16- رياضي عبد الغاني: ''قاضي التحقيق'' مرجع سابق ص،27.

باعتباره من مستجدات قانون المسطرة الجنائية على صعيد المحاكم الابتدائية الى جانب تواجدها الاصلي في محاكم الاستئناف حيث ضمن المشرع هذه الاختصاصات في اطار قسم خاص في ق.م.ج وهو القسم الثالث تحث عنوان التحقيق الإعدادي من كتاب الأول المتعلق بالتحري في الجرائم ومعاينتها وذلك من المادة 83الى غاية المادة 230 بالإضافة الى مواد متعلقة بالغرفة الجنحية.17

وعليه اذا كان قضاء التحقيق بالنسبة لمحاكم الدرجة الثانية لازما كما سبق الذكر واعتبارا لكون المشرع أوجبه في حالة الاعدام أو المؤبد و في القضايا الأحداث ، اختياريا في ما عدهما ومن تم فهو ضمانة قانونية أوجدها المشرع لحماية حرية الاشخاص وتكريس قرينة البراءة، الا أن الأمر ليس كذلك للمحاكم الابتدائية فالإحالة على قضاء التحقيق خلق نوع من الارتباك، فالأبحاث الغير مستجمعه للعناصر المهمة التي ترد على النيابة العامة تحال على قضاء التحقيق بدل تتبع البحث فيها سيما اذا كان المتهم في حالة سراح، ولا يفوتني هنا أن أشير الى أن ما زاد من عباء قضاء التحقيق الزامية التحقيق في الحوادث السير المميتة .

ومن خلال كل هذا و الدور الدي يقوم به قاضي التحقيق في البحث عن الثوابت والحجج في اطار الاختصاصات المخولة له لضمان السير العادي والجيد لتحقيق.

سنتطرق الى سلطات قاضي التحقيق من حيث البحث عن وسائل الأثبات (الفقرة الاولى) وسلطات التي يمارسها قاضي التحقيق عبر مساعديه التي لها صبغة تقنية(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: سلطات قاضي التحقيق في اطار البحث عن وسائل الاثبات.

لقد منح قانون المسطرة الجنائية لقاضي التحقيق سلطات واسعة قصد التنقيب عن الأدلة واجراء الابحاث من أجل الوصول الى الحقيقة.

يمارس قاضي التحقيق بعض السلطات المخولة له بنفسه نظرا لطبيعتها القضائية، وهي استنطاق المتهم ابتدائيا و تفصيليا، الاستماع الى الشهود،


17- رياضي عبد الغاني،' 'قاضي التحقيق'' اختصاصاته والاجراءات المسطرية المطبقة أمامه، مرجع سابق ص،74،73.



التنقل الى عين المكان و التفتيش و الحجز و تجميد الاموال التي لها علاقة بتمويل الإرهاب.18

سلطة الاستنطاق و التي يقصد بها عموما بالاستنطاق مواجهة المتهم بالأفعال المنسوبة اليه و مطالبته برايه فيها و مناقشته تفصيليا في الأدلة ووسائل الإثبات القائمة ضده قصد تعزيزها أو دحضها ، وكل ذلك من أجل الوصول الى الحقيقة التي هي دائما غاية قاضي التحقيق.19

فالاستنطاق هو أجراء هام من إجراءات التحقيق الإعدادي ، يروم الوقوف على حقيقة الأفعال المنسوبة للمتهم منه شخصيا ، وذلك باعتراف منه يؤيدها أو دفاع منه ينفيها ، فهو ذو طبيعة مزدوجة اذ يعد من إجراءات التحقيق وكذا من إجراءات الدفاع .

ويترتب عن هذه الازدواجية أنه بوصفه من إجراءات التحقيق يمكن لقاضي التحقيق أن يلتجأ اليه في اي فترة من فترات التحقيق الإعدادي ويمكن له إعادة استجواب المتهم كلما رأى ذلك ضروريا ، وباعتباره من إجراءات الدفاع أنه يجب على قاضي التحقيق استنطاق المتهم في كل تحقيق يجريه طالما كان دلك ممكنا لأنه حق من حقوق المتهم.20

فالاستنطاق أمام قاضي التحقيق يتسم بميزة كونه لا يعتبر وسيلة للبحث عن أدلة الاتهام عن طريق انتزاع اعترافات من المتهم ، بل هو قبل ذلك وسيلة للدفع يحاط من خلالها المتهم بما نسب اليه من أفعال وما يحتويه ملف الدعوى من أدلة ضده لتتاح له الفرصة قصد الادلاء بما يفيد براءته.21

والاستنطاق نوعان استنطاق ابتدائي و أخر تفصلي:


18- للمزيد من التفاصيل أنظر ''سلطات قاضي التحقيق'' رسالة نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء، من انجاز الملحقين القضائيين محمد مسعودي و سمير الستاوي، الفوج 33 السنة 2003-2005.

19- انظر أحمد الخمليشي '' شرح المسطرة الجنائية'' الجزء الأول، دار المعرفة الطبعة السادسة 1999 الصفحة 352.

20- المستشار إيهاب عبد المطلب، الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون الإجراءات الجنائية، المصدر القومي للإصدارات القانونية الطبعة 2007،ص7.

21- أنظر '' شرح قانون المسطرة الجنائية'' وزارة العدل، سلسلة الشروح و الدلائل عدد2 الطبعة الثانية الصفحة281.

ü الاستنطاق الابتدائي:

تنص المادة 134 من قانون المسطرة الجنائية على أنه يطلب قاضي التحقيق من المتهم بمجرد مثوله أمامه بيان إسمه العائلي و الشخصي ونسبه و تاريخ و مكان ولادته و حالته العائلية و مهنته و مكان اقامته و سوابقه القضائية, و له عند الاقتضاء أن يأمر بكل التحريات للتحقيق من هوية المتهم، بما في ذلك عرضه على مصلحة التشخيص القضائي أو اخضاعه للفحص الطبي.

يشعر القاضي المتهم فورا بحقه في اختيار محام، فإن لم يستعمل حقه في الاختيار عين له قاضي التحقيق بناء على طلبه محاميا ليؤازره ويبص على دلك في المحضر.

يحق للمحامي أن يحضر الاستنطاق المتعلق بالتحقيق في هوية المتهم.

يبين قاضي التحقيق للمتهم الافعال المنسوبة اليه ويشعره بأنه حر في عدم الإدلاء بأي تصريح، ويشار الى ذلك في المحضر.

فالاستنطاق الابتدائي يكون حسب المادة أعلاه عندما يمتل المتهم الأول مرة أمام قاضي التحقيق أما بناء على ملتمس النيابة العامة بإجراء تحقيق أو اثر شكاية مصحوبة بالادعاء المدني مقدمة من طرف المتضرر.22

و قد ألزمة المادة الذكورة قاضي التحقيق بأن يتأكد بمجرد مثول المتهم أمامه من هويته و ذلك بالتحقيق من إسمه الشخصي و العائلي و نسبه و مكان ميلاده و حالته العائلية و مهنته ومكان اقامته ورقم بطاقته الوطنية وكذا سوابقه القضائية.

وبعد ذلك مباشرة يجب على قاضي التحقيق أن يشعر المتهم بان له الحق في أن يختار مؤازره ، أو يعينه له ان طلب دلك و يتم التنصيص على ذلك في المحضر.


22- للمزيد من التفصيل حول مفهوم الاستنطاق وتمييجه عن باقي النظم المشابهة، أنظر سامي النيراوي " استجواب المتهم" رسالة دكتراة، دار النهضة العربية ، القاهرة 1969.

ثم يحيط قاضي التحقيق المتهم علما بالمتهم الافعال المنسوبة اليه23

ويطاعه على الأدلة القائمة ضده، ويشعره بكونه يتمتع بالحرية في عدم الإدلاء باي تصريح و يتضمن هذا التصريح وجواب المتهم عليه في المحضر.

بعد هذا الإجراء اذا تبين لقاضي التحقيق من خلال المثول الأول للمتهم أمامه أن الأمر يقتضي وضع المتهم رهن الاعتقال الاحتياطي فانه يصدر أمرا بإيداعه في السجن، هدا الامر الذي يتعين على قاضي التحقيق تبليغه للنيابة العامة و تبليغه شفاهيا للمتهم مع الاشارة الى ذلك في محضر الاستنطاق الابتدائي.

ü الاستنطاق التفصيلي:

تتميز مرحلة الاستنطاق التفصيلي باستجواب المتهم تفصيليا من قبل قاضي التحقيق ومناقشته له في التهم المنسوبة اليه و ملابساتها وظروف ارتكابها في شكل أسئلة فيجيب المتهم عنها ، ولا يمكنه أن يلتزم الصمت فهذه الضمانة ليست اه الا في حالة مرحلة الاستنطاق الابتدائي.

و لخطورة هده المرحلة فقد أحاطها قانون المسطرة الجنائية بضمانات ، حيت نصت المادة 139 على أنه لا يجوز الاستماع الى المتهم أو الطرف المدني ولا مواجهتهما ببعض الا بحضور محامي كل منهما أو بعد استدعائه بصفة قانونية ما لم يتنازل أحد الاطراف صراحة عن مؤازرة الدفاع.

ويتعين على قاضي التحقيق استدعاء المحامي قبل كل استنطاق بيومين على الاقل مالم يكن تم اشعاره في جلسة سابقة للتحقيق، كما يجب وضع الملف رهن اشارة المحامي للاطلاع يوما واحدا على الأقل قبل استنطاق .




23- يترتب عن عدم إشعار المتهم بالأفعال المنسوبة اليه البطلان، فقد جاء في قرار المجلس الأعلى :''يحيط السيد قاضي التحقيق المتهم بالأفعال النسوبة اليه، ويشعره بأنه حرفي عدم الإدلاء بأي تصريح وينص في المحضر ... ويترتب بطلان الإجراءات التي تليه على عدم احترام ذلك وأن المحكمة لما لم تجب على الدفاع المبني على عدم احترام المقتضيات المذكورة تكون قد أخات بحقوق الدفاع وعرضت قرارها للنقض''

قرار عدد 4435 بتاريخ 16ماي 1985 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد39 ص 19.

وبمجرد الانتهاء من الاستنطاق يتعين على قاضي التحقيق أن يدعو المتهم لقراءة تصريحاته وأن يوقع على كل صفحة من المحضر، فإن كان لا يحسن القراءة تلا عليه كاتب الضبط نص تصريحاته ووضع المتهم بصمته على كل صفحة،

فإن رفض ذلك أشير الرفض في المحضر ويوقع على كل صفحة منه قاضي التحقيق و كاتب الضبط.

بالإضافة الى الاستنطاق هناك سلطات اخرى تتمثل في التنقل و التفتيش و الحجز: فإن مهمة قاضي التحقيق لا تنحصر في مكتبه و لا يقتصر دوره على التحقيق فيما تنقله محاضر الضابطة القضائية بل ان ميدانه أوسع من المكتب ومهمته اعظم من التحقيق الابتدائي مما يدعوه أحيانا الى التنقل الى ميدان للأجراء معاينات مادية أو للقيام بعمليات التفتيش أو الحجز التي يرها مفيدة لإظهار الحقيقة.24

وقد خص المشرع المغربي في القانون الجديد لموضوع التنقل والتفتيش و الحجز المواد من 99 الى المادة 107 من الباب الرابع المشار اليه في القسم الثالث المتعلق بالتحقيق الاعدادي من كتاب الأول تحت عنوان التحري عن الجرائم ومعاينتها.

· التنقل: من أهم إجراءات التحقيق التي تجل القاضي المحقق يقف بنفسه على معلومات يصعب بل لا يمكن أحيانا أن تصل اليه من سبيل أخر25، ولهدا فهي وسيلة يتمكن بواسطتها قاضي التحقيق من الادراك المباشر للجريمة و مرتكبها.

كما أنه عندما ينتقل الى عين المكان يكون ملزما بأن يصاحبه كاتب الضبط الدي يسهر على تحرير محضر عن كل العمليات التي يقوم بها من تفتيش وحجز.




24- احمد بوسقيعة : التحقيق القضائي ، دار الحكمة لنشر و التوزيع صفحة 87.

25- محمد عياط دراسة في المسطرة الجنائية المغربية : مرجع سابق ص 122.



ويقول Bruneauعن كاتب الضبط بأنه بمثابة الشاهد على ما يقوم به قاضي التحقيق، ولا احد منهما يستطيع أن يفعل شيئا بدون الاخر.26

· التفتيش: هو وسيلة لإثبات أدلة مادية ويقصد به بحث مادي ينفذ في مكان ما سواء كان مسكونا أو غير مسكون وفي هذا الصدد تنص المادة 101 من ق.م. ج. الجديد على أن " يجرى التفتيش في جميع الأماكن التي قد يعثر فيها على أشياء يكون اكتشافها مفيدا لإظهار الحقيقة ويجب في هذه الحالة على قاضي التحقيق تحت طائلة البطلان أن يتقيد بمقتضيات المواد 59 و60 و62 " .

و هكذا فإن لقاضي التحقيق صلاحية تفتيش أي مكان يحتمل أن يعثر فيه على أشياء تساعد على تبديد غموض النازلة المعروضة عليه ، ويتعين عليه على الخصوص أن لا يقوم بالتفتيش خارج الساعات القانونية غير أن بإمكانه القيام بالتفتيش خارج الساعات القانونية حسبما أشارت إليه المادة 102 من القانون الجديد الذي حدد شروط جواز القيام بالتفتيش خارج الساعات القانونية وهي كالتالي :

- الشرط الأول: ويتعلق بطبيعة الجريمة التي يجب أن تكون من نوع الجناية.

- الشرط الثاني : ويهم من يقع التفتيش في منزله، ويجب أن يكون هو المتهم نفسه فإذا كان رب المنزل شخصا آخر وجب تفتيشه كمبدأ عام داخل الساعات القانونية لا خارجها و على خلاف هذا الحكم فإن الفصل 4 من قانون العدل العسكري يسمح بتفتيش أي منزل خارج الوقت القانوني حتى ولو كان منزلا غير منزل المتهم .

- الشرط الثالث: ينبغي أن يقوم بالتفتيش قاضي التحقيق شخصيا ولابد أن يكون برفقته كذلك ممثل النيابة العامة.

وعلاوة على ما سبق ينبغي على قاضي التحقيق أن يتخذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على السر المهني إذا كان التفتيش واقعا بمنزل شخص ملزم بكتمانه (المادة 103الفقرة 2 ق. م .ج ) .

· الحجز : لقاضي التحقيق أو ضابط الشرطة القضائية المكلف من طرفه ، له وحده الحق في الطلاع على هده المستندات قبل حجزها ، ودلك


26-المشار اليه عند محمد عياط دراسة في المسطرة الجنائية ص 123 : Bruneau : mascimes sur les matieres criminelles p :’67’ lite par P chambonle juge instruction dallog paris 1980 p 227 n° 300

· في غير الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي ، وإذا كان الحجز واقعا في أماكن يشغلها شخص ملزم بكتمان السر المهني – كالمحامي والطبيب و غيرهم فيجب على المحقق أن يتخذ التدابير اللازمة لضمان احترام السر المهني .

ولقاضي التحقيق حجز الأشياء والوثائق التي يرى أنها مفيدة لإظهار الحقيقة أو التي قد يضر إفشاؤها بسير التحقيق.

و إذا كان لقاضي التحقيق كل السلطة في حجز ما يراه مفيدا للتحقيق فعليه أيضا واجبات يتحتم عليه احترامها عند إجراء الحجز وهي:

- الاطلاع شخصيا على الوثائق قبل حجزها ويمكن لضابط الشرطة القضائية المنتدب من طرفه الاطلاع عليها أيضا

- إحصاء الأشياء أو الوثائق المحجوزة ووضع الأختام عليها

- دعوة المتهم و محاميه إلى حضور فتح الأختام و فرز الوثائق.



الفقرة الثانية: سلطات التي يمارسها قاضي التحقيق عبر مساعديه ولها صبغة تقنية.



· انتداب الخبراء.

نظمت الفصول من 194 الى 209 من قانون المسطرة الجنائية ، إجراءات الخبرة أمام قضاء التحقيق فنصت على إمكانية إجراء خبرة عن طريق أمر لا يقبل الطعن بالاستئناف ، غير أنه يمكن إبداء ملاحظات بشأنه خلال ثلاثة أيام من تاريخ تبليغه أما للنيابة العامة أو الأطراف بخصوص اختيار الخبرة أو المهام الموكلة اليه.

ويمكن الأمر بإجراء الخبرة إما تلقائيا من طرف قاضي التحقيق، أو بملتمس من النيابة العامة ، أو بطلب من الأطراف ، ويعين قاضي التحقيق الخبير من ضمن المسجلين في جدول الخبراء المحلفين و المقبولين أمام المحاكم ، إلا أنه في حالة ضرورية الاستعانة بخبير غير مسجل بالجدول فعليه أن يؤدي اليمين أمام قاضي التحقيق، ويجب أن يتضمن الامر القاضي بإجراء خبرة توضيح مهمة الخبير و التي لا يمكن أن تنصب إلا على مسائل تقنية صرفة ،27 وتسري نفس المقتضيات على الخبراء المساعدين الذين يمكن للأطراف أن يطالبوا تعيينهم ، إما إذا استعان


27- -تنص المادة 195 من ق.م.ج على أنه "يعين لإنجاز الخبرة خبير مسجل بجدول الخبراء القضائيين ما عدا إذا تعدر ذلك وفي هذه الحالة ، يؤدي اليمين المنصوص عليه في المادة 345 بعده أمام قاضي التحقيق. يجب أن توضح دائما في المقرر الصادر بإجراء الخبرة مهمة الخبراء التي لا يمكن أن تنصب الا على دراسة مسائل تقنية.

الخبير المعين بتقنيين فانه يجب عليهم أداء اليمين أمام قاضي التحقيق مالم يكونوا مسجلين في جدول الخبراء.

ويبلغ قاضي التحقيق نتائج الخبرة الى الاطراف مع إمكانية حصولهم على نسخة من تقرير الخبرة، ويمكنهم طلب إجراء خبرة تكميلية أو مضادة ولا يمكن رفض هذه الطلبات الا بقرار معلل يكون قابلا للاستئناف طبقا للمواد 222 الى 224 عن قانون المسطرة الجنائية.

· الإنابة القضائية:

لقد منح قانون المسطرة الجنائية لقاضي التحقيق حق أن ينيب عنه غيره من قضاة التحقيق أو قضاة الحكم أو ضباط الشرطة القضائية لكن في حدود و شروط جاءت مبينة في المواد من 189 الى 193 من القانون المذكور.

فالإنابة القضائية هي الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق وينقل بموجبه الى قاض أخر أو الى ضابط للشرطة القضائية الصلاحية ليباشر بدلا منه إجراء من اجراءات التحقيق، فيملك بالتالي سلطاته و صلاحياته في حدود الإجراءات المحددة بالتفصيل في الإنابة ، ويكون كل إجراءات يتم خارج ما تم تحديده في الإنابة باطلا لصدوره من شخص غير مؤهل قانونا الإنجازه.29

فقد يتعذر على قاضي التحقيق إنجاز الإجراءات الضرورية للتحقيق بنفسه ، أو قد تتجاوز التحريات التي يريد انجازها حدود اختصاصه المكاني، كالاستماع الى شاهد أو تفتيش منزل في مكان بعيد ، ومن منحه المشرع امكانية تكليف جهة أخرى للقيام ببعض المهام نيابة عنه.

ويبقى انتداب قاضي التحقيق لضابط الشرطة القضائية أو إنابته لأحد القضاة لتنفيذ الانابة بإجراءا استثنائيا، اذ أن الأصل هو قاضي التحقيق هو من يقوم بإجراءات التحقيق بصفة شخصية، كما أن الانابة القضائية لا يمكن أن تشمل جميع سلطات قاضي التحقيق فلا يمكن انتداب ضابط الشرطة القضائية قصد الاستماع الى المتهم.30

ويجب على قاضي التحقيق أن يحدد في الإنابة القضائية الإجراءات أو الإجراءات المطلوب من الجهة المنتدبة القيام بها ، فلا يمكن مطلقا أن تكون الانابة عامة تشمل التحقيق بأكمله ، اذ يعد في هذه الحالة تنازل من قاضي

ويجب على قاضي التحقيق أن يحدد في الانابة القضائية الاجراءات أو الاجراءات المطلوب من الجهة المنتدبة القيام بها ، فلا يمكن مطلقا أن تكون


28- أنظر " شرح قانون المسطرة الجنائية " وزارة العدل مرجع سابق الصفحة 281.

29- إيهاب عبد المطلب: الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون الاجراءات الصفحة 606.

الإنابة عامة تشمل التحقيق بأكمله ، إذ يعد في هذه الحالة تنازل من قاضي التحقيق عن اختصاصه الى جهة لم يمنحها القانون أصلا سلطة التحقيق لأنها لم تكلف به .30

ولصحة الإنابة القضائية يجب أن تكون صادرة عن قاض مختص اي مكلف بالتحقيق في القضية التي صدرت بشأنها الإنابة ، وأن يكون القاضي أو ضابط الشرطة القضائية المنتدب مختصا أيضا من حيث المكان . أما اذا كان تنفيذ لإنابة خارج دائرة نفوذه قاضي التحقيق فانه لا يمكن انتداب الشرطة القضائية مباشرة بل يناب لذلك اي قاضي من قضاة التحقيق أو من قضاة الحكم الذي يتوجب عليه إشعار النيابة العامة التي تنفذ في دائرتها الانابة القضائية.

وأن تتم هذه الإنابة صحيحة يجب أن تصدر في شكل أمر كتابي يتضمن نوع الجريمة موضوع التحقيق و الاجراءات المطلوب تنفيذها بمقتضى الانابة و الجهة الموكل اليها تنفيذها وتاريخ و اسم قاضي التحقيق الذي اصدرها و توقيعه و تحديد الاجل لتنفيذها.



المبحث الثاني : إجراءات التحقيق الإعدادي و الخصائص المميزة له.



مرحلة التحقيق تأتي كمرحلة هامة بعد مرحلة البحث التمهيدي التي تنعدم فيها الكثير من الضمانات بالنسبة للمتهم ، و التي تتعرض كذلك للعديد من الانتقادات الامر الذي يبرر وجود مسطرة التحقيق الاعدادي و يبرر أهميتها.31

يشمل التحقيق في مفهومه الواسع مرحلة التحقيق التمهيدي التي تباشرها الضابطة القضائية و مرحلة التحقيق الإعدادي الذي يقوم به قاضي التحقيق ، ويمتد كذلك الى مرحلة التحقيق التكميلي الذي يقوم به قاضي أثناء المحاكمة.

غير أن المشرع المغربي تبنى مفهوما ضيقا للتحقيق الإعدادي وحصره في مرحلة التي يقوم بأعبائها قاضي التحقيق مستثنيا كل من الإجراءات التي تنجزها الشرطة القضائية، ومن المعلوم أن التحقيق الإعدادي يتشكل من عدة إجراءات مهمة التي يقوم بها قاضي التحقيق وتمنحه القيام بعمله،32 وأن كل قضية تعرض على قاضي التحقيق في إطار التحقيق الإعدادي ، أما عن طريق ملتمسا من


30- - أنظر " شرح قانون المسطرة الجنائية " وزارة العدل مرجع سابق الصفحة 282 و 283.

31- محمد عياط : مسطرة التلبس الى أين : مجلة الإشعاع " عدد 3 لسنة 1990 ص 9.

أنظر كذلك محمد عياط حول مسطرة المحاكم في حالة التلبس في القانون المغربي : مجلة القانون و الاقتصاد عدد 4 سنة 1988 ص 13 وما بعدها.

32- أحمد شوقي بنيوب : دليل حول ضمانات القانونية للمحاكمة العادلة ، منشورات مركز التوتيق والاعلام والتكوين في مجالة حقوق الانسان طبعة الاولى 2004 ص17

طرف النيابة العامة أو من طرف الادعاء المطالب بالحق المدني المقدم من طرف المتضرر من الجريمة (المادة 84 ق .م .ج ).

وبهذا سنقسم المبحث الى مطلبين (الاول) الاجراءات التمهيدية للتحقيق الإعدادي (الثاني)، خصائص و مميزات التحقيق الإعدادي.



المطلب الاول: الإجراءات التمهيدية للتحقيق الإعدادي .



حدد المشرع مجموعة من الشكليات القانونية، تنظم طرق و كيفية اتصال قاضي التحقيق بالقضية و التي تعلن عن انطلاق عملية التحقيق الإعدادي.

وبمجرد بدء عملية التحقيق تنطلق مجموعة من الإجراءات و الأبحاث بعضها ينصب على جمع الأدلة و التثبت منها، و البعض الأخر ينصب على شخص المتهم باتخاذ جملة من التدابير تهدف الى ضمان السير العادي للتحقيق الإعدادي.

وعليه فإن هذه الإجراءات التمهيدية هي الأساس الذي يقوم عليه بداية لمرحلة قضائية تتميز بخصوصيات من حيث البحث و التحري و التثبت من الجريمة ، ولا يمكن لقاضي التحقيق أن يضع يده على القضية الا بملتمس من النيابة العامة المعنية سواء في الجنايات أو الجنح أو شكاية من المتضرر.

الفقرة الاولى: المطالبة بالتحقيق من طرف النيابة العامة.

منح المشرع المغربي للنيابة العامة مجموعة من الصلاحيات في إطار تدبيرها الإجراءات الدعوى العمومية بحيث تقوم بأدوار ووظائف إجرائية غاية في الأهمية من بينها التقدم بملتمس المطالبة بإجراء التحقيق وذلك في الجرائم التي أوجب القانون اجراء تحقيق بشأنها.

نص المشرع المغربي بخصوص ملتمس النيابة العامة الاجباري لإجراء التحقيق،

صرح في المادة 83 من قانون المسطرة الجنائية أن هناك نوعا من الجرائم يجري التحقيق بشأنها اجباري، مما يجعل مختلف النيابات العامة تحيل هذا النوع من القضايا على قضاة التحقيق بمقتضى ملتمسات كتابية ، و تسري هذه الخاصية على الجنايات و الجنح . التحقيق الإجباري الذي يقام على أساس ملتمس النيابة العامة في الجنايات و حسب المادة 84 من (ق. م .ج )يتم اجراءه ولو كان قاضي التحقيق يقوم بمهام المخولة له في حالة تلبس33 يكون التحقيق الزاميا في نوع من




33-- هو نفس المقتضى الدي أكدته المادة 75،ف4 من ق.م.ج التي تنص على أنه اذا حل بالمكان الوكيل العام للملك أو وكبل الملك و قاضي التحقيق في آن واحد ، فلممثل النيابة العامة أن تلتمس مباشرة تحقيق قانوني يكلف بإجراء ته قاضي التحقيق الحاضر ولو آدى دلك خرق مقتضيات المادة 90 الآتية بعده

في نطاق اختصاصات الوكيل العام للملك لذى محكمة الاستئناف في الأحوال الثانية :

· الحالة الأولى: إذا كانت الأفعال المرتكبة تشكل جنايات معاقب عليها بالإعدام أو بالسجن المؤبد أو يصل الحد الأقصى للعقوبة سنة ولو ضبط الفاعل في حالة تلبس.

· الحالة الثانية: اذا كانت الجناية معاقب عليها بغير هذه العقوبات ،الا أنه لم يتم ضبط في حالة تلبس ، فإذا ظهر أن القضية جاهزة للحكم يصدر الوكيل العام للملك أمرا بوضع المتهم رهن الاعتقال الاحتياطي و احالته على غرفة الجنايات داخل أجل خمسة عشر يوما على الأكثر أما إذا كانت القضية غير جاهزة التمس إجراء تحقيق فيها.34

أما الأحداث فان المشرع ألزم إجراء تحقيق إعدادي في كل جناية مرتكبة من قبل شخص يقل سنه عن 18 سنة بغض النظر عن العقوبة المقررة لها إذا ارتأى الوكيل العام للملك المتابعة.

بالإضافة الى تحقيق في الجنايات والالزامية التي فرضها عليه المشرع المغربي وكذا التحقيق بالنسبة للجنح(حسب المادة 83) وذلك بمقتضى خاص وألزم بالإضافة الى كل هذا التحقيق في حوادث السير المميتة طبقا للمادة 137 من مدونة السير على الطرق، ويكون اختياريا في الجنح المرتكبة من طرف الأحداث بصفة عامة، والتي يكون الحد الأقصى للعقوبة خمس سنوات.35

وعلى غرار التحقيق الإجباري في الجنايات والجنح ، كما سبق أن رأينا يجري التحقيق كذلك اختياريا في نوع خاص من الجنايات و الجنح التأديبية بناء على ملتمسات النيابة العامة كلما ارتأت أن هناك ضرورة اجراء التحقيق الاعدادي في بعض القضايا.

يكون التحقيق اختياريا في الجنايات الغير المنتمية الى التصنيف الذي وقفنا عليه سابقا واذ تعلق الأمر بحالة تلبس بجناية غير جاهزة للبث فيها.

فهذا النوع من القضايا يحال على التحقيق من طرف الوكيل العام للملك بصفة اختيارية بمعنى أنها ترجع للسلطة التقديرية لهذا الاخير، وأن هده الاختيارية محكومة بمدى اعتبار القضية جاهزة للحكم من عدمه ، وهي مسألة


34- عبد الرحيم بنبوعيدة : الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية (الشرطة القضائية، النيابة العامة، التحقيق الاعدادي) سنة 2015 ص 154.

35- المادة 73،فصل 5و4 من قانون المسطرة الجنائية.

موضوعية لان عدم جاهزية القضية يحول دون إحالتها على غرفة الجنايات ، ويستشف الوكيل العام للملك ذلك متى تبين له من خلال وسائل الإثبات المعروضة عليه أنها غير كافية وأن البحت التمهيدي الذي انجزته الشرطة القضائية لم يكشف عن الحقيق كاملة، متى تبين للوكيل العام للملك وتبعا لسلطته التقديرية، ان القضية الجاهزة لإصدار الحكم بشأنها يقوم بإحالتها مباشرة على غرفة الجنايات، واذا تبين له أنها غير جاهزة وفي حاجة الى تعميق البحت يعزز الادلة فانه يحيلها على غرفة التحقيق لإنجاز التحقيق الإعدادي في موضوعها وتكملة ما اعترى اجراءات البحت التمهيدي من نقص.36

أما التحقيق الاختياري فيما يخص الجنح فقد جاءت به المادة 83 من قانون المسطرة الجنائية و التي تخول لوكيل الملك بالمحكمة الابتدائية ممارسة مسطرة الإحالة على قاضي التحقيق بصفة اختيارية في الجنح المرتكبة من طرف الرشداء و العقوبة المقررة كحد أقصى خمس سنوات وما فوق .



الفقرة الثانية: المطالبة بإجراء التحقيق من طرف المتضرر.



يحق لكل شخص تضرر من جريمة قابلة للتحقيق أن يلجأ مباشرة الى قاضي التحقيق ويقوم بتسجيل شكايته المباشرة التي يلتمس بموجبها اجراء تحقيق في مواجهة شخص معين أو مجهول ، وفق شروط وإجراءات محددة مالم تكن هناك موانع ينص عليها القانون .

يتم المطالبة بالتحقيق من طرف المتضرر في الجنايات حسب المادة 92 من ق. م. ج. أنه ''يمكن لكل شخص ادعى أنه متضرر من جناية أو جنحة أن ينصب نفسه طرفا مذنبا عند تقديم شكايته أمام قاضي التحقيق المختص، مالم ينص القانون خلاف ذلك''.

وهنا المتضرر يمكنه تقديم شكاية سواء في مواجهة شخص ذاتي أو كان فاعلا أصليا أو مساهما أو مشاركا في الفعل الاجرامي ، أو مواجهة شخص معنوي فيما يتعلق بالجريمة التي يمكن نسبتها الى الأشخاص المعنويين.

وقد نظم المشرع المغربي شروط و كيفية اثارة الدعوى العمومية من طرف المتضرر أمام قاضي التحقيق في الباب الثالث من القسم الثالث المتعلق بالتحقيق الإعدادي في المواد من المادة 92 الى 98 ق.م .ج .


36- رياضي عبد الغاني: " جهاز قاضي التحقيق " اختصاصاته و الإجراءات المسطرية المطبقة أمامه " الطبعة الأولى سنة 2007 ص،43.

تقوم النيابة العامة بعد تبليغها الشكاية من طرف قاضي التحقيق بمراقبة مدى توفرها على كافة شروطها الشكلية و الموضوعية حتى يتسنى قبولها و التي يمكن إجمالها في :

· أهلية الادعاء للمشتكي و المتهم.

· الاختصاص النوعي و المحلي لقاضي التحقيق المرفوعة اليه الشكاية.

· مدى قابلية الافعال موضوع الشكاية للتحقيق و عدم انقضاء الدعوى العمومية .

· لا يمكن لنيابة العامة منع قاضي التحقيق من إجراء التحقيق إلا إذا توافرت على أسباب التي تمس الدعوى العمومية ، أو اذا كانت الوقائع لا تقبل أي تكيف .

· حالة تقديم شكاية لا يدعمها أسباب كافية أو لا تبررها المستندات المقدمة ، يمكن للنيابة العامة أن تلتمس من قاضي التحقيق فتح مؤقت حول شخص قد يكشف عنه البحث ، أما بخصوص شكاية المتضرر بنسبة لإجراء التحقيق في الجنح فهي لا تختلف عن نظيرتها في الجنايات بمحاكم الاستئناف ، وأن الدعوى العمومية تحرك بناء على شكاية مصحوبة بادعاء المباشر في الجنح ، و يجب مراعاة الشروط و الاجراءات التالية:

- أن تكون الجنحة من الجنح التأديبية التي أجاز المشرع المغربي اجراء التحقيق بخصوصها .

- تقديم شكاية في موضوع متوفر على شروطها الشكلية الضرورية.

- تحديد الهوية الكاملة للمشتكي.

- تحديد الهوية الكاملة للمشتكى به .

- تحديد الجريمة و النصوص المنظمة.

- تاريخ ومكان الجريمة .

- ملتمسات المشتكي.

- التاريخ و الامضاء .

- الوقائع بالدقة.

- أداء الرسم القضائي على الشكاية بصندوق المحكمة مالم يكن متمتع بالمساعدة القضائية.

- أداء القسط الجزافي بالنسبة للمطالب بالحق المدني .

- أداء الوديعة التي يحددها قاضي التحقيق.



المطلب الثاني: خصائص و مميزات التحقيق الاعدادي.



يمتاز قضاء التحقيق بازدواجية المهام، فهو جهة لجمع الأدلة ووسائل الإثبات المرتبطة بالجرائم المنسوبة للمتهم، وهو أيضا جهة تقدر تلك الأدلة ن وتبرز قيمتها فيما اذا كانت تشكل قرائن كافية للقول بنسبة الافعال الجرمية الى المتهم أم لا، و بالتالي إحالة على المحكمة أو التصريح بعدم التصريح بعدم متابعة.

وخصائص التحقيق الإعدادي تستشف من طبيعة اجراءاته، فهو يكتسي طابعا سريا ، وطابعا قضائيا، و طابعا تناءيا، وهذا ما سنتطرق اليه ، سرية التحقيق (الفقرة الاولى) وثنائية التحقيق و الطابع القضائي (الفقرة الثانية) .



الفقرة الأولى: سرية التحقيق.

تنص المادة 15 من قانون المسطرة الجنائية على أنه '' تكون المسطرة التي تجري أثناء البحث و التحقيق سرية.

كل شخص يساهم في إجراء هذه المسطرة ملزم بكتمان السر المهني ضمن الشروط وتحت طائلة العقوبات المقررة في القانون الجنائي''.37

ويقصد بسرية التحقيق عدم جواز حضور اجراءات التحقيق لمن ليس طرفا في الدعوى الجنائية ، وكذا منع نشر هذه الإجراءات بأي وسيلة من وسائل العلنية.38

فالسرية تقتضي عدم السماح للجمهور بحضور إجراءات التحقيق، فلا يجوز لغير الخصوم ووكلائهم الدخول الى مكان يجرى فيه التحقيق، وتقتضي أيضا حظر نشر ما تتضمنه محاضر الاستنطاق وما يتصل به من أوامر .39

فقاضي التحقيق وكل من يتصل بالتحقيق أو يحضره بحكم وضيفته هو ملزم بعدم افشاء أسرار التحقيق تحت طائلة القانون الجنائي و العقوبات المقررة فيه، هذه السرية و هذا الالتزام يضل قائما طيلة مرحلة التحقيق حتى انتهائها وذلك بإصدار قاضي التحقيق أمرا بالإحالة أو عدم المتابعة.

وتظهر أهمية مبدأ سرية التحقيق في تأدية جهة التحقيق مهمتها على أحسن


37- أنظر المادة 105 من قانون المسطرة الجنائية و الفصل 446 من القانون الجنائي.

38- شريف سيد كامل " التحقيق الابتدائي الطبعة الاولى 1996 دار النهضة العربية.

39- الدكتور محمد السعيد رمضان:" مبادئ قانون الاجراءات الجنائية " الجزء الأول سنة 1993.

وأكمل وجه، ذلك أن الإخلال بمبدأ السرية يضر بالتحقيق ويخدم مرتكبي الجريمة إذ يتيح لهم ذلك فرصة لتضليل قاضي التحقيق وتغير المعالم والأدلة و التأثير على الشهود ومنعهم من الإدلاء بشهادتهم الشيء الذي يعرقل مجهودات سلطة التحقيق في الوصول الى الحقيقة .

وباستقرار المادة 15 المذكورة أنفا يتبادر الى الذهن تساؤل حول ما اذا كانت سرية البحث التمهيدي هي نفسها السرية التي يتميز بها التحقيق الإعدادي؟ لاشك أن الفرق الشاسع بين السرية التي تعمل بها أثناء البحث التمهيدي وتلك السارية أثناء التحقيق الاعدادي ، ولا غرابة في ذلك اذ أن البحث التمهيدي يقوم به ضباط عاديون تابعون للدرك أو الشرطة تحت اشراف النيابة العامة، في حين أن التحقيق الإعدادي يكون من اختصاص جهة قضائية بحثة.

ويتجلى الفرق بين السرية في المسطرتين من حيث انعكاسها على الضمانات الممنوحة للمتهم خاصة في استعانته بمحام، ومدى مواجهة هذا الأخير بمبدأ السرية. 40

فمبدأ سرية التحقيق الإعدادي يكاد يكون منعدما بين المتهم و محاميه إذ أن المادتين 134و140 من قانو المسطرة الجنائية نظمتا ضمانات الدفاع و حرصتا على كفالتها تحت طائلة طلب بطلان الإجراءات المنجزة دون احترامها من قبل المتهم أو محاميه ، بل خول المشرع لقاضي التحقيق نفسه طلب بطلانها من الغرفة الجنحية اذا تبين له هو نفسه أنه أخل بها وذلك إعمالا للمادة 210 وما بعدها من قانون المسطرة الجنائية.41

أما مبدأ السرية في البحت التمهيدي فهو أكتر وطأة على المتهم، إذ بالرغم من قانون المسطرة الجنائية الجديدة أتى بمستجد،42 للحد من وطأة هده السرية و ذلك باتصال المشتبه فيه الموضوع تحت الحراسة النظرية بمحاميه، الا أن ذلك لا يحق له إلا أثناء تمديد فترة الحراسة النظرية أي 48 ساعة من إجراء البحث التمهيدي مع شروط الحصول على إذن النيابة العامة، وفي مدة زمنية لا تتعدى 30 دقيقة ، وأن يكون الاتصال تحت إشراف ضابط الشرطة القضائية، مع ما تثيره كل هذه الشروط من اشكالات في الواقع العملي .

ومن هنا يتضح أن المشرع وان سوى بين البحث التمهيدي و التحقيق الإعدادي في مبدأ السرية، إلا أن الاختلاف الشاسع بينهما خاصة بين أطراف الدعوى إذ تكون السرية أكتر صرامة في البحث التمهيدي بينما تتلاشى في


40- الاستاد بوشعيب عسال: "سرية التحقيق الاعدادي" مجلة الملحق القضائي ، العدد 40، يناير 2007.

41- تنص 210 من ق.م.ج، على "اذا ظهر قاضي التحقيق ان اجراءات التحقيق معرض للبطلان، فعليه أن يحيله الى الغرفة الجنحية للبث فيه بعد استشارة النيابة العامة واخبار المتهم و الطرف المدني,

42- المادة 80 من نفس " يحق للشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية في حالة تمديدها أن يطالب من ضابط الشرطة القضائية الاتصال بالمحامي.

التحقيق الإعدادي إذ أن محامي المتهم يحضر معه جميع مراحل التحقيق و يطلع على كافة اجراءاته من بدايته الى نهايته.43

تتجلى خاصية سرية التحقيق الإعدادي في مظهرين اثنين: خارجي و داخلي.

فالمظهر الخارجي يتمثل في مواجهة الغير أو العموم بمبدأ السرية ، فلا يجوز اعلان اجراءات التحقيق للغير أو العموم ، وهذا المظهر تم سنه لمصلحة المتهم و لمصلحة العدالة. فهو لمصلحة المتهم لأنه يبقى في منأى عن نعته من طرف الغير بالأجرام ومسه في سمعته و الحال أن التحقيق لا يزال جاريا ولم تعرف نتيجته بعد. وتم سنه لمصلحة العدالة – كما اشرنا أنفا - للحفاظ على الادلة، ذلك أن تسريب إجراءات التحقيق يساعد مجرمين متورطين من الإفلات من العدالة بعد تمكنهم من تغيير الأدلة ويمنع شهودا من التصريح بشهاداتهم بعد تهديدهم أو اغرائهم .

أما المظهر الداخلي يتجلى في منع أطراف التحقيق من افشاء إجراءاته، كما يتجلى في كون التحقيق يجرى مع كل طرف بصفة انفرادية بجلسة لا يحضرها الطرف الثاني و محاميه ‘لا اذا تقرر إجراء المواجهة بين الطرفين.



الفقرة الثانية: ثنائية التحقيق و الطابع القضائي للتحقيق.



· ثنائية التحقيق:

بمقتضى ظهير الإجراءات الانتقالية، نجد أنه لا وجود لمؤسسة قاضي التحقيق إلا بمحاكم الاستئناف حيث كان قاضي التحقيق بهذه المحكمة ينظر في الجنايات و الجنح الواجب فيها التحقيق.

الا أن المشرع و بمقتضى قانون المسطرة الجنائية 01 .22 أتى بمؤسسة قاضي التحقيق على مستوى المحاكم الابتدائية ليقر مبدأ ثنائية التحقيق.

وقد راعى المشرع في إقرار هذا المبدأ و إحداث مؤسسة قاضي التحقيق بالمحاكم الابتدائية أمورا من بينها أن أفعالا وإن كانت توصف بالجنح فان خطورتها تبقى على جانب من الأهمية فمثلا جنح التزوير و المخدرات و النصب... رغم أنها جنح فهي من الخطورة بمكان و تحتاج الى الكثير من البحث و التدقيق.44


43- الدكتور أحمد فتحي سرور" الوجيز في القانون الاجراءات الجنائية" دار النهضة العربية، طبعة 1982،1983.

44- الاستاد عبد الله القروشي رئيس غرفة بمحكمة الاستئناف بفاس ، مقال "قضاء التحقيق أية فعالية" ص64

كما أن ما يسبق المحاكمة في هذه الجنح من بحث تمهيدي تنجزه الضابطة القضائية يكون، وخاصة في حالة التلبس. قد أنجز في سرعة رهيبة بالنظر الى تقيد الضابطة بمدة الحراسة النظرية والى كثرة القضايا و تصاعد الجريمة، الأمر الذي يجعل محضر هذه الأخيرة يغل أمورا كثيرة هي على الجانب من الأهمية و تدخل القضاء لإبرازها يكون حتميا. فالهدف هنا هو تدارك قاضي التحقيق لما فات ضابط الشرطة القضائية من أمور خلال فترة البحث التمهيدي باعتبار أن قاضي التحقيق يتوفر على مدة زمنية مهمة وسلطات واسعة تمكنه من الوصول الى الحقيقة وباعتباره يمتاز عن ضابط الشرطة القضائية بكونه قاضيا يتمتع بالتجربة و الكفاءة وعلى دراية بالقوانين و المساطر الخاصة .45



· الطابع القضائي للتحقيق:



يتسم التحقيق الإعدادي اضافة الى ما سلف ذكره ، بكونه ذو طبيعة قضائية .

فقاضي التحقيق هو قبل كل شيء قاض، وهو ما يمنح المتهم ضمانات واسعة لا يمنحها له مثوله أمام الشرطة القضائية.

وقاضي التحقيق هو جهة قضائية تصدر أوامر و قرارات تقبل الطعن بالاستئناف أمام الغرفة الجنحية ما يضمن للأطراف الثقة من كونهم أمام جهة قضائية تمنحهم كافة الضمانات في سبيل المحاكمة العادلة.

وهذا ما سنتطرق اليه في الفصل الثاني بعنوان'' أوامر قاضي التحقيق و بطلان اجراءاته''، وقد قسمة هذا الفصل الى مبحثين انواع أوامر قاضي التحقيق واستئنافها (المبحث الاول)، بطلان إجراءات التحقيق و إعادة التحقيق بسبب أدلة جديدة (المبحث الثاني).






45- شرح قانون المسطرة الجنائية " الجزء الاول ، وزارة العدل ، سلسلة الشروح و الدلائل، عدد2 الطبعة الثانية.





الفصل الثاني:





أوامر قاضي التحقيق وبطلان إجراءاته.

























× الفصل الثاني: أوامر قاضي التحقيق و بطلان إجراءاته.

يتخذ قاضي التحقيق مجموعة من الإجراءات تقضيها طبيعة المسطرة المتبعة، كما يقوم بتصريف أشغاله و مهامه عن طريق إصدار مجموعة من الأوامر، هذه الإجراءات و الأوامر بعضها يتعلق بالأشخاص و بعضها بالأشياء، ويلجأ لها أتناء سريان التحقيق ، غير أن هناك أوامر قضائية يصدرها قاضي التحقيق ايدانا بانتهاء التحقيق.

وقد حدد المشرع مسطرة تفعيل هذه الإجراءات و الأوامر ، اشترط تعليل أغلبها، وبين كيفية الطعن فيها و ذلك بالاستئناف أمام الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف، وآجال هدا الطعن و الجهات المخول لها ممارسته.46



المبحث الاول: أنواع أوامر قاضي التحقيق و استئنافها.

الأوامر القضائية التي يصدرها قاضي التحقيق عديدة نكتفي هنا باستعراض أهمها وهي الأوامر المتعلق بشخص المتهم، والأوامر المتعلق بحسن سير التحقيق.

المطلب الأول: الأوامر المتعلق بضمان امتثال المتهم.

تبرز خطورة مهمة قاضي التحقيق في الأوامر التي يمكن أن يتخذها ومن شأنها المساس بحرية الافراد، فقد جاء بهذا الخصوص المادة 142 من قانون المسطرة الجنائية على أنه يمكن لقاضي التحقيق أن يصدر أمر بالحضور أو أمر بالإحضار أو أمر بالإيداع في السجن أو أمر بإلقاء القبض بالإضافة الى أوامر أخرى مختلفة.47


46- الدكتور عبد الرحيم بنبو عيدة : الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية، مصدر سابق ص 167.

47- شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الاول "الدعوى العمومية السلطات المختصة" تقديم الاستاد محمد بوزوبع منشورات جمعية نشر المعلومة العدد 2، 2004 الطبعة 2.

الفقرة الأولى: الأمر بالحضور و الاحضار و الأمر بالإيداع في السجن و القاء القبض.

· الأمر بالحضور: تنص المادة 144 على أن الأمر بالحضور هو انذار المتهم بالحضور أمام قاضي التحقيق في التاريخ و الساعة المبينة في نص الأمر ، ويقوم بتبليغه مفوض قضائي أو ضابط أو أعوان الشرطة القضائية أو أحد أعوان القوة العمومية.

فالأمر هنا لم يعد مجرد احضار كما كانت تنص على ذلك المسطرة الجنائية القديمة في الفصل 137 وانما اندار يتم تبلغه بواسطة الوسائل القانونية المتاحة.

· الأمر بالإحضار:'' المادة 146'' وهو الامر الدي يصدره قاضي التحقيق الى القوة العمومية لتحضير الظنين أمامه في الحين, يبلغ الأمر الى الظنين أحد ضباط أو أعوان الشرطة القضائية أو أحد أعوان القوة العمومية ، يقوم المبلغ بتسلم نسخة من الأمر الى الظنين واذا كان هذا الأخير معتقلا لسبب آخر، يبلغ أليه الأمر بالاستقدام عن طريق رئيس السجن.

في حالة الاستعجال اذا لم يتمكن القاضي التحقيق من تسليم الأمر بالإحضار الى المكلف بتنفيذه يمكنه أن يلجأ الى جميع الوسائل الادعاء، على أن يوجه أصل الأمر في أقرب وقت الى العون المكلف بالتنفيذ.48

الأمر بالإيداع في السجن: عرفت المادة 152 من قانون المسطرة الجنائية الأمر بالإيداع في السجن بأنه الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق الى رئيس المؤسسة السجنية كي يتسلم المتهم و يعتقله اعتقالا احتياطيا.

وهذا الامر بالإيداع في السجن يتم بعد الاستنطاق الاول للمتهم، ويجب على قاضي التحقيق أ، يستعرض هذا الامر وأن يضمنه في محضر الاستنطاق وهو يعني اعتقال احتياطي لضرورات انجاز اجراءات التحقيق الاعدادي، فهو تدبير استثنائي لا يلجأ اليه قاضي التحقيق الا اذا كانت هناك مبررات مقبولة تسمح باعتقال شخص لم تثبت ادانته بعد. ولا يصدر الامر بالإيداع في السجن الا اذا كان الضنين متهما بارتكاب جناية أو جنحة يعاقب عليها بالحبس .


48- الاستاد محمد بزوبع، شرح قانون المسطرة الجنائية، وزارة العدل الجزء الاول " الدعوى العمومية السلطات المختصة بالتحري عن الجرائم : منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية سلسلة الشروح والدلائل ، العدد 2 ، 2004 الطبعة 2 ،ص 373و 374و 375.

· الأمر بإلقاء القبض: المواد 158-154 من ق. م .ج ، يعرف الأمر بالقبض الصادر عن قاضي التحقيق الى القوة العمومية بالبحث عن المتهم و نقله الى المؤسسة السجنية المبينة في الأمر حيت تم اعتقاله.

ويتجلى الفرق بينه وبين الأمر بالإيداع في السجن، أن الأول يتم اتخاذه ضد المتهم الذي يوجد في حالة فرار، بينما الثاني يتم اتخاذه في حق المتهم الماثل أمام قاضي التحقيق ويصدر الأمر بإلقاء القبض بعد استشارة الوكيل العام للملك وبشرط أن تكون الجريمة ايضا جناية أو جنحة يعاقب عليها بالحبس، وينفذ الأمر بإلقاء القبض طبقا للمسطرة المقررة لتنفيذ الامر بالإستقدام.

الفقرة الثانية: الأوامر المتعلقة بحسن سير التحقيق.

· وضع المتهم تحت المراقبة القضائية:

علج المشرع المغربي أحكام الوضع تحت المراقبة القضائية في الفصول 159 الى 174 من ق. م. ج، ويعتبر هذا الإجراءات من المستجدات التي تم استحداثها لأول مرة بمقتضى قانون المسطرة الجنائية الجديدة. وقد أكدت المادة 159 من ق. م. ج على الصفة الاستثنائية للوضع تحت المراقبة القضائية، وكونها تدبيرا يعمل به في الجنايات و الجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية.

وبالرجوع الى قانون المسطرة الجنائية يتبين أن هناك مجموعة من الأحكام تنضم الوضع تحت المراقبة القضائية ، تتمثل في ما يلي:

أورد المشرع اللجوء الى الوضع تحت المراقبة القضائية على سبيل الجواز، بحيث يمكن لقاضي التحقيق اللجوء اليه كلما أرتأى أنه لا حاجة الى اعتقال المتهم وتوفر ضمانات حضوره للإجراءات التحقيق ، مالم تكن ضرورة التحقيق أو الحفاظ على أمن الأشخاص أو النظام العام الى اعتقال المتهم.

ويمكن لقاضي التحقيق اتخاد هذا التدبير في أية مرحلة من مراحل التحقيق شريطة أن لا تتجاوز مدته شهرين قابلة للتجديد خمس مرات، ويصدره قاضي التحقيق في شكل امر يبلغه في الحال شفهيا للمتهم، ويسجل هذا التبليغ في المحضر، ويتم تبليغه كذلك للنيابة العامة داخل أجل أربع وعشرين ساعة من تاريخ اتخاذه.49

ويحق للمتهم و النيابة العامة استئناف هذا الأمر خلال اليوم الموالي لصدوره طبقا لشكليات استئناف أوامر قاضي التحقيق بشأن الافراج المؤقت، ويجب أن تبت الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف في هذا الاستئناف داخل أجل خمسة ايام من تاريخ الاحالة عليها.50

ويجوز لقاضي التحقيق أن يغير هذا التدبير أو يضيف تدبيرا آخر أما تلقائيا أو بناء على طلب النيابة العامة أو المتهم بعد أخد رأي النيابة العامة، كما يمكن له أن يلغيه تماما. وفي حالة احترام المتهم لمقتضيات الوضع تحت المراقبة القضائية بخرقه للالتزامات المفروضة عليه فان قاضي التحقيق يلغي هذا الأمر ويتجه مباشرة الى تطبيق مسطرة الاعتقال الاحتياطي.

· ضع المتهم رهن الاعتقال الاحتياطي.

الى جانب الوضع تحت المراقبة القضائية، يعد الاعتقال الاحتياطي بدوره تدبيرا استثنائيا بصرحة المادة 159 من قانون المسطرة الجنائية.

ويجد هذا الإجراء مبرره في ضرورة منع المتهم من الفرار و تغيير الأدلة و تبديد الأثبات ناهيك عن وجوده رهن إشارة قاضي التحقيق قصد استنطاقه و مواجهته مع الغير متى كان ذلك مفيدا.51

ويعرف الاعتقال الاحتياطي بأنه إجراء هدفه حرمان المتهم من حريته وإتصاله بالعالم الخارجي عن طريق ايداعه في مؤسسة سجنية لمدة محددة وذلك مباشرة بعد الاستنطاق الابتدائي، وهو نتيجة حتمية للأمر بإلقاء القبض و الأمر بالإيداع في السجن.


49- عبد الرحيم بنبوعيدة مرجع سابق " شرح العملي لقانون المسطرة الجنائية ، ص 180.

50- أنظر المادة 160 من قانون المسطرة الجنائية.

51- الوضع تحت المراقبة القضائية كآلية جديدة في ميدان التحقيق '' البشير بوحبة" المجلة المغربية للمنازعات القضائية العدد الثاني 2004 الصفحة 31.

ويختلف الاعتقال الاحتياطي عن الوضع تحت الحراسة النظرية من جوانب عدة لعل أبرزها المدة المقررة قانونا لكل واحد منهما، اضافة الى أن الأول يتخذ على مستوى مسطرة التحقيق الإعدادي بينما تتم الثانية خلال مسطرة البحث التمهيدي.

ورغم أن المشرع حاول حصر الاعتقال الاحتياطي باعتباره تدبيرا استثنائيا في حالات المادة 160 من ق.م.ج وهي ضرورات التحقيق أو الحفاظ على أمن الأشخاص أو النظام العام، فان هذا الحصر جاء فضفاضا لعموميته، والتالي يبقى اللجوء الى الاعتقال الاحتياطي موكولا للسلطة التقديرية لقاضي التحقيق وهو ما يفسر اللجوء اليه بكثرة و يفسر كذلك العدد المهول للمعتقلين احتياطيا بالسجون المغربية.52

ويتم اعتقال المتهم احتياطيا لمدة شهر واحد في الجنح، واذا تطلبت ضرورة التحقيق الاستمرار في ذلك بعد انصرام هذه المدة، اصدر قاضي التحقيق أمرا قضائيا معللا بناء على ملتمس النيابة العامة بتمديد فترة الاعتقال الاحتياطي مدة شهر واحد و لمدتين فقط،53 أي أن مدة الاعتقال الاحتياطي في الجنح كحد أقصى هو ثلاثة أشهر.

أما الجنايات فان مدة الاعتقال الاحتياطي لا يتجاوز شهرين، ويمكن تمديدها لنفس الأسباب وعلى نفس النحو لمدة شهرين خمس مرات، أي أن مدة الاعتقال الاحتياطي لا تتجاوز في الجنايات كحد أقصى سنة واحدة.

ويجب على قاضي التحقيق عند اتخاذه قرارا بالاعتقال الاحتياطي وينتهي مفعول الاعتقال الاحتياطي بقوة القانون بعد انتهاء مدته طبقا للمادتين 176 و177 من قانون المسطرة الجنائية سواء تم انهاء اجراءات التحقيق أم لم تنته حيث يتم اطلاق سراح المتهم بقوة القانون ويستمر التحقيق.


52- محمد أحداف : شرح المسطرة الجنائية ومسطرة التحقيق الاعداد'' الجزء الثاني ، مكتبة سجاماسة، مكناس الطبعة الأولى 2005 الصفحة 421.

53- تنص المادة 176 من قانون المسطرة الجنائية على أنه" لا يجوز في القضايا الجنحية أن يتجاوز الاعتقال الاحتياطي شهرا واحدا. اذا ظهرت عند انصرام هذا الآجال ضرورة الاعتقال الاحتياطي، جاز لا قاضي التحقيق تمديد فترته بمقتضى أمر قضائي معلل تعليل خاص، يصدره بناء على طلبات النيابة العامة المدعمة أيضا بأسباب .

إذا لم يتخذ قاضي التحقيق خلال هذه المدة أمر المدة أمر لمقتضيات المادة 217 الاتية بعده، يطلق سراح المتهم بقوة القانون ويستمر التحقيق."

ويمكن لقاضي التحقيق أن يضع حدا لأجراء الاعتقال الاحتياطي قبل انتهاء مدته القانونية أما بالإفراج المؤقت تلقائيا بعد استشارة النيابة العامة،54 أو بالإفراج المؤقت بناء على ملتمس من المتهم أو دفاعه، ويمكن لهذين الأخرين تقديمه في أي وقت وعدة مرات ولو بعد رفضه، ويمكن تقديمه ولو مباشرة بعد اتخاذ قاضي التحقيق الأمر بالاعتقال.

ويمكن للنيابة العامة أن تلتمس من قاضي التحقيق الإفراج المؤقت عن المتهم، ويجب في هذه الحالة أن يبث في ملتمسها داخل أجل خمسة أيام من تاريخ تقديم الملتمس.

وإذا تقدم المتهم أو دفاعه بطلب الإفراج المؤقت فإنه يتوجب على قاضي التحقيق خلال الأربع وعشرين ساعة الموالية لتقديم الطلب أن يوجه للنيابة العامة ملف القضية قصد تقديم ملتمساتها وأن يتم اشعار الطرف المدني خلال نفس الأجل بواسطة رسالة مضمونة لتمكينه من بسط ملاحظاته ولا يصدر القاضي أمره إلا بعد 48 ساعة اشعار الطرف المدني وفي كل الأحوال يصدر أمره داخل أجل خمسة أيام من تاريخ وضع الطلب.

وفي حالة عدم بث قاضي التحقيق في الطلب داخل الأجل الذكور فانه يحق للمتهم أن يرفع طلبه ذاك الى الغرفة الجنحية التي تبث في الطلب داخل أجل خمس عشر يوما بعد تقديم النيابة العامة لملتمساتها معللة.

غير أنه في الأحوال التي يرفض فيها قاضي التحقيق طلب الافراج المؤقت فان أمره يكون قابلا للطعن بالاستئناف من طرف النيابة العامة و المتهم أمام الغرفة الجنحية التي تبث في الطعن داخل أجال 5 أيام من تاريخ الإحالة.

وفي حالة الإفراج المؤقت عن المتهم فانه يكون ملتزما بضرورة حضوره جميع اجراءات التحقيق كلما تم استدعاؤه، وأن يشعر قاضي التحقيق بجميع تنقلاته ومكان اقامته ، كما يمكن لقاضي التحقيق أن يرهن هذا الافراج بتقديم كفالة مالية أو ضمان شخصية.


54- أنظر المادة 178 من قانون المسطرة الجنائية.

ويترتب عن استئناف النيابة العامة لأمر قاضي التحقيق القاضي بتمتيع المتهم بالإفراج المؤقت بقاءه رهن الاعتقال الى حين بث الغرفة الجنحية في الطعن المذكور.

الاستئنافات التي ترفع ضد الأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية في مجال الجنح و المخالفات .

وقد كانت غرفة الاتهام هي المختصة بتوجيه الاتهام لا قاضي التحقيق، حيث كان هذا الأخير يوجه كافة الاجراءات التي تقوم بها و الأدلة والحجج بعد انتهاء التحريات الى غرفة الاتهام التي تقوم بعد دراسة تلك الإجراءات بتوجيه الاتهام الى المتهم وإحالة الملف على المحكمة ، فغرفة الاتهام هي التي تصدر الأمر بالمتابعة والاحالة، وهو الاختصاص الذي لم يمنح للغرفة الجنحية بعد تعويضها لغرفة الاتهام وانما منح لقاضي التحقيق.

إذا فالغرف الجنحية تختص فيما يتعلق بجانب مسطرة التحقيق الإعدادي، بمراقبة مدى صحة الإجراءات المرفوعة اليها بطريق الطعن بالاستئناف وما إذا كانت قد أنجزت طبقا للقوانين وتم اتخاذها الشكل الصحيح، كما تختص في حالة الغائها للأمر بعد المتابعة بالتصريح بالإحالة على المحكمة المختصة.

المطلب الثاني: استئناف أوامر قاضي التحقيق.



بالرجوع الى المواد 222 ، 223 و 224 من قانون المسطرة الجنائية نجد أن أوامر قاضي التحقيق تقبل الاستئناف أمام الغرفة الجنحية من طرف النيابة العامة والمتهم و الطرف المدني.

ويمكن التمييز بين أوامر وقرارات ذات طبيعة قضائية تقبل الطعن بالاستئناف، وأوامر ذات طبيعة ادارية لا يمكن أن تكون محل طعن فيها، من قبيل القرار القاضي بالانتقال واجراء مواجهة بين المتهم و الشهود وتفتيش مكان أو منزل و القرار القاضي بيع مادة محجوزة والقرار القاضي بتوجيه انابة قضائية.

فهذه الأوامر والقرارات لا يمكون الهدف منها الفصل بين الخصوم في نزاعاتهم بل تهدف الى ادارة اجراءات التحقيق وجمع الأدلة والحجج على ارتكاب المتهم للأفعال المنسوبة اليه أو عدم ارتكابه لها.

سنبسط في هذا المطلب استئناف النيابة العامة في فقرة أولى، و للاستئناف المتهم والمطالب بالحق المدني في فقرة ثانية.

الفقرة الاولى: استئناف النيابة العامة.

لقد كرست المادة 222 من قانون المسطرة الجنائية حق النيابة العامة في استئناف جميع قرارات ,أوامر قاضي التحقيق باستثناء الأوامر بإجراء خبرة اذ نصت على أنه "يحق للنيابة العامة أن تستأنف لدى الغرفة الجنحية كل أمر قضائي يصدره قاضي التحقيق باستثناء الأوامر الصادرة بإجراء خبرة طبقا لمقتضيات المادة 196 من ق.م.ج".55

الا أنه في الواقع العملي فان النيابة العامة لا تستأنف إلا الأوامر التي تأتي مخالفة لما التمسته قبلا في ملتمساتها المواجهة الى قاضي التحقيق، وبالرغم نت كون المشرع نص في المادة أعلاه على جواز استئناف النيابة العامة لكل الأوامر ما عدا القاضية بإجراء خبرة فانه يمكن استنتاج عدم جواز استئناف للأمر القاضي

بالإحالة وذلك من المادتين 217 و 218 من قانون المسطرة الجنائية.

ولتباين رغبة النيابة العامة باستئناف أمر من أوامر قاضي التحقيق فانه يتعين ملء تصريح بالاستئناف تقدمه الى كتابة الضبط في اليوم الموالي لإشعارها بصدور الأمر الذكور، وتقوم بتحرير تقرير استئناف تبين فيه وجهة نظرها وما تعيبه على الأمر المطعون فيه.

والأوامر القضائية هي تلك التي تبت في نقطة قانونية معينة أو تفصل في نزاع معين بين الأطراف متل الأمر بمنح الافراج المؤقت، من البديهي أن تستأنف النيابة العامة هذه الأوامر باعتبارها الساهر على سير الدعوى العمومية.56


55- انظر الى المادة 196 من قانون المسطرة الجنائية.

53- محمد آمال راندو: علاقة النيابة العامة لقاضي التحقيق'' بحث نهاية التمرين بالمعهد الوطني للدراسات القضائية، سنة 1999-1997، ص 42.

هنا نشير أن النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بطنجة تستأنف جميع القرارات القاضية بالإفراج المؤقت إذا ما التمست اعتقال المتهم. وبخصوص تأييد قرار منح السراح المؤقت، فقد أسست الغرفة الجنحية قراراتها الفاصلة في الموضوع بقولها ''وحيت أن القرار المستأنف لما قضى القاء المتهم في حالة سراح إسنادا الى انكاره المتواتر وتوفره على الضمانات الحضور الكافية، يكون قاضي التحقيق قد بنى قراره على أساس قانوني واقعي سليم، الأمر الذي يتعين معه تأييد الأمر المستأنف لاستثنائية الاعتقال الاحتياطي.54'

ويتار اشكال حول الأجل الممنوحة لاستئناف قرار الإفراج المؤقت من طرف النيابة العامة هل هو أجل أم لا؟

وجوابا عن هذا الإشكال يمكن القول بأنه إذا كانت الآراء الفقهية تضاربت بهذا الخصوص فان مجلس الأعلى وضع حدا لهذا الخلافات حينما أصدر قرار قضى فيه بأن ''أحكام الآجال الكامل لا تسري على أحكام استئناف قرار الافراج المؤقت لأن الاستئناف يجب أن يقع في اليوم الموالي له وبذلك يكون قد حدد ظرفا زمنيا محصورا لا يمكن أن تضاف اليه فترة أخرى55

هذا من الناحية المبدئية، أما من الناحية العملية، فيرى بعض الفقه ' أن النيابة لا تستأنف عادة وفي أغلب الاحوال ال الاوامر المخالفة لملتمساتها، والتي تكون في نفس الوقت ذات طبيعة قضائية، كتلك المعلنة بمنح الافراج المؤقت أو إخضاع المتهم لتدابير المراقبة القضائية .

ويترتب عن تقديم النيابة العامة للطعن بالاستئناف في أوامر قاضي التحقيق

ما يلي:


54- قرارات صادرة عن الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بطنجة ضد أمر قاضي التحقيق المتعلقة بمنح السراح المؤقت ، طعنت فيها النيابة العامة.

قرار عدد 1187 بتاريخ 28.10.2008 في الملف الجنائي عدد 18.08,1156.

قرار عدد 1261 بتاريخ 11-11-2008 في الملف الجنائي عدد 1156-08-18.

55- قرار عدد 4934 صادر بتاريخ 1984.05.24 في الملف 63068، منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 137،ص:242

- يتعين ابقاء المتهم في حالة اعتقال وذلك في كل الاحوال التي يصدر فيها قاضي التحقيق أمر الإفراج المؤقت وذلك حين انصرام أجل الاستئناف المنصوص عليه – يوم واحد- مالم توافق النيابة العامة على الإفراج دون تحفظ.

- وتطبيق نفس القواعد حين يتعلق الأمر بإلغاء إجراء إخضاع المتهم لتدابير المراقبة القضائية.

- يترتب لزوما عن الطعن بالاستئناف من طرف النيابة العامة ابقاء المتهم في حالة اعتقال الى الوقت الذي يتم فيه البت في هذا الطعن من طرف الغرفة الجنحية.56

ولا يجب أن يفوتنا أنه بخصوص شكليات استئناف النيابة العامة وآجاله، يرفع هذا الاستئناف في شكل تصريح يوضع بكتابة ضبط الغرفة الجنحية، مع مراعاة الأجل المحدد قانونا، وهو اليوم الموالي لإشعارها بصدور الأمر.

الفقرة الثانية: الأوامر القابلة للاستئناف من طرف المتهم أو المطالب بالحق المدني.

منح قانون المسطرة الجنائية لكل من المتهم و المطالب بالحق المدني الحق في استئناف الأوامر والقرارات الصادرة عن قاضي التحقيق، وحدد أوامر بعينها وشكليات لقبول الطعن فيها.

· استئناف المتهم لأوامر قاضي التحقيق:

لقد منح المشرع للمتهم حق استئناف أوامر قاضي التحقيق من خلال المادة 223 ق.م.ج، حيث أوردت هذه المادة التي يجوز قانونيا للمتهم أو دفاعه الطعن فيها بالاستئناف أمام الغرفة الجنحية واردة على سبيل الحصر، بحيث طبقا لمفهوم المخالفة لا يمكن للمتهم قانونا استئناف أوامر أخرى غير المشار اليها ، والتي يجوز له الحق في استئنافها وهي:

1- الأمر بقبول المطالب بالحق المدني (م. 94).


56- محمد أحداف : شرح المسطرة الجنائية ومسطرة التحقيق الاعداد'' الجزء الثاني ، مكتبة سجاماسة، مكناس الطبعة الأولى 2005، ص : 488

2- الأمر بالإيداع في السجن (م. 152).

3- الأمر بالاعتقال الاحتياطي في الجنح (م. 176) والجنايات

(م. 177) ق.م.ج.

4- الأمر برفض الافراج المؤقت (م. 179).

5- الامر برفض اجراء خبرة (م. 194) أو خبرة مضادة أو تكميلية (م. 208 ق.م.ج).

6- الأمر بتصفية الصوائر (م. 216).

7- الأمر برد الأشياء المحجوزة (م. 216).

و الملاحظ أن الأمر برفض اخضاع المتهم للفحص الطبي لا يدخل ضمن امكانية الاوامر التي لا يمكن للمتهم استئنافها، من هنا يمكن التساؤل حول امكانية الطعن فيه بالنقض، يجيب بعض الفقه 57 بالنفي تماشيا وموقف المجلس الأعلى61 محكمة النقض '' في أحد قرارات التي تسير في سياق عدم الامكانية، الذي قد ينقص من حقوق الدفاع بالنسبة للمتهم.

ويتخذ الاستئناف المقدم من طرف المتهم شكل تصريح الى كتابة ضبط المحكمة التي يوجد بها مقر قاضي التحقيق خلال 3 أيام الموالية لتاريخ تبليغ القرار للمتهم، وذلك بعد اشعاره وفقا للمادة 220 من قانون المسطرة الجنائية.

وفي حالة الي يكون فيها المتهم رهن الاعتقال فان التصريح بالاستئناف تتلقاه كتابة ضبط المؤسسة السجنية التي تقيده في سجل خاص ويقوم رئيس المؤسسة بتوجيه التصريح الى كتابة ضبط المحكمة في ظرف 24 ساعة وذلك تحت طائلة تعرضه لعقوبات تأديبية.58

للإشارة فان الاستئناف الذي يرفعه المتهم ضد أوامر قاضي التحقيق التي يعتبرها ضارة بمصالحه من حيث أتره يتعلق به وحده دون غيره من المتهمين الآخرين (كالمشاركين والمساهمين ) الذين لم يطعنوا في تلك الأوامر.59


57- الميلودي يامل : ضمانات المتهم في مرحلة التحقيق الإعدادي '' بحث نهاية التمرين بالمعهد الوطني للدراسات القضائية سنة1998-1996، ص:50

58- الميلودي يامل: مرجع سابق صفحة 51.

59- عبد الواحد العلمي: شرح قانون المسطرة الجنائية'' الجزء الثاني الطبعة 1 ، 2000، ص 84.

· استئناف المطالب بالحق المدني لأوامر قاضي التحقيق:

حسب المادة 224 ق.م.ج، يحق للمطالب بالحق المدني الطعن بالاستئناف في عديد من الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق وهي التي تمس مصالحه المدنية.

ويرى الفقه أن عبارة ''المصالح المدنية'' قد اقتبست من القانون الفرنسي في مادته 186 وكان ينبغي حصر الأوامر القضائية التي يحق للمطالب بالحق المدني استئنافها تفاديا للإفراط في الالتجاء الى الوسيلة قصد عرقلة السير العادي لإجراءات الحقيق.60

وعلى كل حال، فان تطبيق النص الحالي للمادة 224 ق.م.ج يجعل الغرفة الجنحية هي التي تملك الصلاحية لتقدير مساس الامر القضائي بحقوق المطالب بالحق المدني أو عدم مساسه بها.61

طبقا للمقتضيات الواردة في المادة 224 ق.م.ج فان الطرف المدني يقدم استئنافه، طبق الكيفيات التي يقدم بها المتهم استئنافه وذلك بتصريح لكتابة الضبط خلال 3 ايام الموالية لتبليغ الأمر القضائي لموطن المختار.62

وكخاتمة لهذا المطلب، وطبقا للمادة 225 من قانون المسطرة الجنائية، اذا فان قاضي التحقيق يوجه ملف التحقيق أو النسخة منه طبقا للمادة 85 الى النيابة العامة لمحكمته في ظرف 24 ساعة من تاريخ الاستئناف، واذا كان الأمر يتعلق بالمحكمة الابتدائية فان وكيل الملك لديها يحيل الملف خلال 48 ساعة الى الوكيل العام للملك الذي يحيله بدوره مرفقا بملتمساته الى الغرفة الجنحية خلال 5 أيام على الأكثر من تاريخ التوصل.




60- أحمد الخمليشي : مرجع سابق صفحة 388.

61- عبد السلام بنحدو: الوجيز في شرح قانون المسطرة الجنائية ، مطبعة سبارتل طنجة الطبعة الخامسة، سنة 2005، ص 152.

62- الحبيب بيهي: شرح قانون المسطرة الجنائية الجديدة" الجزء الأول، منشورات المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، 56، سنة 2004 ص 257.

ü المبحث الثاني: بطلان إجراءات التحقيق وإعادة التحقيق بسبب ظهور أدلة جديدة.



اذا كان الأصل في الحقيق هو اعتباره مجموعة من الإجراءات المسطرية المتمثلة في الأوامر والقرارات الصادرة عن قاضي التحقيق كوسيلة اجرائية لتسهيل المأمورية بغية الوصول الى الحقيقة من الملف موضوع التحقيق، فان هذا الأمر والمبتغى قد يشوبه في بعض الأحيان من دون قصد أحد أسباب البطلان أو قد يظهر لقاضي التحقيق أن إجراء معين من إجراءات التحقيق معرض للبطلان فان هذا الأمر باعتباره قد ينعكس سلبا على الإجراء الباطل المتخذ من قبل قاضي التحقيق أو يتسرب هذا الإبطال الى الإجراءات المثالية للإجراء الأول الباطل والذي يكون بطبيعته على علاقة مباشرة ودائمة مع الاجراءات الموالية وهو الأمر الذي يستدعي قانونا ومنطقيا الى سريان البطلان على الإجراء الباطل و الإجراءات المواكبة له.

ولتحقيق تطهير هذا الإجراء الباطل أو الإجراءات الموالية له والتي تتأثر سلبا بمسطرة البطلان كان لابد من سلك مسطرة خاصة ووجود جهاز يقوم بالتصريح قانونا بالإجراءات الباطلة وتطهير ملف التحقيق من كل ما يشوبه من بطلان ليتأتى إنجاز تحقيق إعدادي سليم استنادا للقاعدة الفقهية القائلة:'' أن ما يبنى على باطل فهو باطل''. وقد أحسن المشرع صنعا عندما قرر ضم نوعية الإجراءات المسطرية التي يأمر بها قاضي التحقيق خلال الإجراءات التحقيق في مادة وهي المادة 210 من قانون المسطرة الجنائية والتي افتتح بها الباب الثاني عشر المتعلق ببطلان إجراءات التحقيق63.

أما مسطرة اعادة التحقيق بسبب ظهور أدلة جديدة فان المشرع ضمنها في الباب الخامس عشر من القسم الثاني المتعلق بالتحقيق الإعدادي وذلك في المواد 228 الى غاية 230 من ق.م.ج، وأعطى خلالها تعريفا مجملا لمفهوم الأدلة الجديدة


63- رياضي عبد الغني مصدر سابق الصفحة 239و 240.

التي بإمكانها بالرغم من انتهاء مسطرة التحقيق من طرف قاضي التحقيق ورفع

هذا الأخير يده على نتائج ملف التحقيق والتي لم يتأتى للطرف الواضع يده عليها أن تكون متناولة خلال أي إجراء متخذ من قبل قاضي التحقيق و متضمن في محتويات الملف من تلقاء نفسها.

المطلب الأول: بطلان اجراءات التحقيق.

يمكن تحديد أسباب البطلان الإجراءات في نوعين: بطلان قانوني وبطلان قضائي .

الفقرة الأولى: البطلان القانوني.



لقد تعرض المشرع لحالات البطلان المتعلقة بمقتضيات و اجراءات التحقيق التي فيها مساس بضمانات المحاكمة العادلة وخرق الحقوق الاساسية المخولة للمتهم والمطالب بالحق المدني في المادة 210 من قانون المسطرة الجنائية حيث حصرها في ثلاثة فئات :

· الفئة الأولى:

- مخالفة مقتضيات المادتين 134 و 135 من ق.م.ج، والمتعلقتين بمثول المتهم أمام قاضي التحقيق لأول مرة واستنطاقه ابتدائيا وعدم اشعار المتهم بحقه في تنصيب محام، وفي هذا السياق جاء قرار لمحكمة الاستئناف وحده يقضي بكون الاستماع للمتهم أو المطالب بالحق المدني في غيبته ومن دون اشعاره يؤدي الى بطلان إجراءات التحقيق.64

- اهمال اشعار المتهم بحريته في الإدلاء بتصريحات أو عدم الادلاء بها وهو ما أكده قرار للمجلس الأعلى جاء فيه: '' يحيط السيد قاضي التحقيق المتهم

بالأفعال المنسوبة اليه ويشعره بأنه حر في عدم الادلاء بأي تصريح وينص


64- قرار صادر عن محكمة الاستئناف بوجدة تحت عدد 2859 بتاريخ 30-03-2004 في الملف عدد 17-2004 منشورات بمجلة النظار عدد9، 207.

بالأفعال المنسوبة اليه ويشعره بأنه حر في عدم الإدلاء بأي تصريح وينص على ذلك في المحضر كما يشعره بأن له الحق في اختيار محام إلا فيعين له محاميا أن طلب ذلك ويترتب بطلان الإجراءات التي تليه على

- عدم احترام ذلك ، وأن المحكمة لما لم تجب على الدفع المبني على عدم احترام المقتضيات المذكورة تكون قد أخلت بحقوق الدفاع وعرضت قرارها للنقض.65

- حقه في الخضوع لفحص طبي اذا كان موضوعا تحت الحراسة النظرية.

- عدم تسبيب وتبيان شروط الاستعجال عند لجوء قاضي التحقيق الى استنطاق المتهم تفصيليا النصوص عليها في المادة 135.

· الفئة الثانية:

- خرق مقتضيات المادة 139 من قانون المسطرة الجنائية المتعلقة ب:

- سماع المتهم أو الطرف المدني أو مواجهتهما بحضور دفاعهما إلا إذا تنازلا عن ذلك أو عدم حضور المحامي رغم استدعائه بيومين كاملين على الأقل قبل الاستنطاق أو المواجهة برسالة مضمونة.

- عدم الإشارة الى هذه الإجراءات في محضر الاستنطاق.

- عدم وضع ملف القضية رهن اشارته بيوم واحد على الأقل قبل الاستنطاق.

- تجدر الإشارة في هذا الصدد، الى أن خرق هذه المقتضيات لا يترتب جزاء البطلان أذا نص محضر الاستنطاق أو المواجهة على حضور المحامي وعدم دفعه بأي إخلال يتعلق بالاستدعاء أو الاطلاع على ملف القضية.66

· الفئة الثالثة:

- مخالفة المقتضيات المتعلقة بالتفتيش المنصوص عليها في المواد 59، 60، 62 و101 من ق.م.ج التي تنص على صلاحية قاضي التحقيق بإجراء تفتيش هذه المادة الأخيرة على بطلان التفتيش الذي لم يتقيد بمقتضيات هذه المواد، وكذا خرق الضمانات المتعلقة بحجز الوثائق و الأشياء من طرف قاضي التحقيق.
-

65- قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 16-05-1985 تحت عدد 4435 في الملف الجمحي 76706 منشور بمجموعة قرارات المجلس الاعلى المادة الجنائية الجزء 2 ص 110.

66- وزارة العدل: شرح قانون المسطرة الجنائية ، الجزء الأول ، مرجع سابق صفحة : 291.

الفقرة الثانية: البطلان القضائي.



المقصود بالبطلان القضائي هنا هو الحالات التي لم يحددها المشرع وانما ترك مجال تحديدها بيد القضاء.

وقد تعرض لها في المادة 212 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على أنه ''يترتب كذلك البطلان عن خرق المقتضيات الجوهرية للمسطرة اذا كانت نتيجتها المساس بحقوق الدفاع لكل طرف من الأطراف''.

للإشارة ن فإن نظرية بطلان إجراءات التحقيق بسبب خرق إجراء جوهري لا تتميز عن نظرية البطلان القانوني إلا بالأمور التالية:67

- إن المشرع لم يعمل على البطلان في صلب المادة المنظمة للإجراء.

- أن يكون الإجراء له مساس بحقوق الدفاع.

- إن البطلان لا يترتب بقوة القانون، بل تركه المشرع للسلطة التقديرية للقضاء.

وعليه، تكون حالات البطلان القضائي غير محددة حصريا و متحركة في تقديرها للاجتهاد، ليقرر ما إذا كان العلن الذي تم من شأنه أن يلحق ضررا بحق الدفاع الممنوح للفرقاء في القضاء، وهو التوجه الذي سارت عليه مجموعة من التشريعات كالتشريع الفرنسي والمصري و السوري.

لكن هذا الوضع لقي الكثير من الانتقادات بحيث من جانب الفقه في تحديد صور و حالات البطلان قانونيا، لاحتمال الاختلاف الذي قد يترتب عن تحديد مفهوم الإجراء الجوهري، فما يعتبر جوهريا بالنسبة للبعض قد لا يكون كذلك بالنسبة للآخرين، بل الأكثر من ذلك يجب وضع معايير مضبوطة متفقا عليها من طرف الجميع يمكننا اعتمادها بكل الإجراء جوهري أم لا، حتى يتسنى لنا عند خرقه ترتيب جزاء البطلان، كما دافع هذا الفقه على تطبيق المادة 751 من ق.م.ج على جميع الإجراءات بما فيها التحقيق.68


67- محمد العروسي: حقوق الدفاع في مرحلة التحقيق الاعدادي طبقا لأحكام التشريع الجنائي المغربي "رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا جامعة محمد الخامس كلية الرباط سنة2000-1999 ص 63.

68- المادة 751 من ق.م.ج، كل إجراء يأمر به القانون ولم يثبت إنجازه على الوجه القانوني، يعد كأنه لم ينجز"

المطلب الثاني: إعادة التحقيق بسبب ظهور أدلة جديدة.

قد يتأتى لأحد أطراف ملف التحقيق بعد انتهاء إجراءات التحقيق ونظرا لظرف طارئة خارجة عن ارادته وضع اليد على بعض الأدلة الجديدة التي قد ينعكس في حالة استعمالها أو في حالة وضع اليد عليها من الإدلاء بها كوسيلة من وسائل الإثبات في مسطرة التحقيق الإعدادي الى التأطير إيجابيا على مجريات التحقيق وعلى نتائجه المترتبة عنه لهاته الغاية فان المشرع أفسح المجال بصفة قانونية بمناسبة صدور أمر من طرف قاضيي التحقيق يقضي بعدم المتابعة في مواجهة المتهم سيما وأن عدم المتابعة لا يقصد به الحكم بالبراءة وإنما يقصد به حفظ الملف الى حين ظهور أدلة جديدة ولهاته الغاية فإن الأمر بعدم المتابعة بقرار قاضي التحقيق بإحالة مجمل مجريات التحقيق الى الأمر بها بالنص حرفيا الى جانبها بالأمر بحفظ الملف بغرفة التحقيق الى حين ظهر أدلة جديدة بعدم المتابعة يؤدي منها إلى الحفظ المِوقت وهذا يعني أن الملف يبقى مفتوحا الى حين ظهور ادلة جديدة قد تؤثر على الأمر المتخذ من طرف قاضي التحقيق والقاضي بعدم المتابعة المتهم ولهاته الغاية قرر المشرع في المادة 238 من قانون المسطرة الجنائية الى أن يمنع على قاضي التحقيق متابعة أي متهم من أجل الأفعال إلا إذا ظهرت أدلة جديدة.69

فالأمر بعدم المتابعة ليست له صفة مستقرة كما هي للحكم البات، بل يمكن إلغاؤه من طرف الغرفة الجنحية وبالتالي إحالة المتهم على المحاكمة.

فالفرق الحكم البات والأمر بعدم المتابعة من حيث القوة هو أن قوة الأول نهائية ودائمة بينما قوة الثاني مؤقتة ومعلقة على شرط عدم إلغاء وعدم ظهور دلائل جديدة.

فماهي إذا الشروط إعادة التحقيق بسبب ظهور أدلة جديدة ؟ 70.




69- أنظر المادة 228 من قانون المسطرة الجنائية.

70- ايهاب عبد المطلب مرجع سابق الجزء الثاني الصفحة 127 وما بعدها .

الفقرة الأولى: شروط إعادة التحقيق بعد صدور الأمر بعدم المتابعة.

يمكن إعادة التحقيق بعد صدور أمر بعدم المتابعة إذا اجتمعت لذلك شروط ثلاثة:

ü الشرط الأول: ظهور أدلة جديدة.

تعد دلائل جديدة شهادة الشهود و المستندات و المحاضر التي لم يكن في الإمكان عرضها على قاضي التحقيق لدراستها ، ليست على سبيل الحصر بل تأخذ حكمها جميع الدلائل الأخرى والتي يتعين أن تتوفر فيها خاصية الجدة، وأن يكون من شأنها تقوية الأدلة التي اعتبرها التحقيق غير كافية لإحالة المتهم على المحاكمة.

هذه الدلائل التي يبتغيها المشرع هي الدلائل على وقوع الجريمة وعلى نسبتها للمتهم ويكفي أن تكون مرجحة للإدانة، ومعيار كون الدلائل جديدة يتمثل في كونها وجدت أو اكتشفت بعد صدور الأمر بعدم المتابعة وأن تكون موجودة قبل صدور الأمر لكنها لم تعرض على قاضي التحقيق، أما إذا كان الدليل قد سبق عرضه على قاضي التحقيق الذي لم يعطه القيمة أثناء فحصه فلا يمكن اعتباره دليلا جديدا و لا يمكن معه إلغاء الأمر بعدم المتابعة.

ü الشرط الثاني: ظهورها قبل تقادم الأفعال.

إذا انقضت الأفعال المنسوبة بسبب التقادم فإنه لم يعد متصورا أن تتحرك الدعوى مهما ظهر من أدلة جديدة، فمن شروط إعادة التحقيق بسبب ظهور أدلة جديدة هو أن تظهر هذه الأدلة قبل انتهاء المدة المقرر قانونا لسقوط الدعوى الجنائية.

ü الشرط الثالث: أن تطلب النيابة العامة إعادة التحقيق.

لا يجوز إلغاء أمر قاضي التحقيق بعدم المتابعة بسبب ظهور أدلة جديدة إلا بناء على طلب من النيابة العامة، ذلك أن العودة في التحقيق هو تحريك للدعوى وهو ما تختص به النيابة العامة، ولا يجوز للمطالب بالحق المدني استعمال هذا الحق مباشرة بل يقدم طلب إعادة التحقيق معززا بالدلائل الجديدة الى النيابة العامة التي لها وحدها الحق في تقرير ما إذا كان هناك موجب لالتماس إعادة التحقيق بسبب ظهور أدلة جديدة أم لا، وفي حالة الإيجاب فإنها تقدم ملتمسا بذلك إلى قاضي التحقيق.

الفقرة الثانية: نماذج لملتمسات النيابة العامة بإعادة التحقيق بسبب ظهور دلائل جديدة.

























· نمادج أخرى في اطار اعادة التحقيق بسبب ظهر أدلة جديدة لكن ثم رفعوها من طرف المطالب بالحق المدني:



























· من خلال هذا الفصل والدي هو بعنوان أوامر قاضي التحقيق و أنواعها حاولت أن أوفر بعض النماذج للقرارات التي يتخذها عبر أوراق التي يصر من خلالها أوامره التي سبق وتطرقنا لها وهي :































الخاتمة

لا يختلف اثنان على كون مؤسسة التحقيق الإعدادي من الأعمدة الهامة في صرح المحاكمة العادلة، إذ تعد مرحلة هامة بالنظر إلى ما توفره من الضمانات لفائدة المتهم خاصة بعد مروره من مرحلة التمهيدي وما يمكن أن يشوبها من تجاوزات ومن هذه الضمانات استنطاقه من طرف قاضي التحقيق وتمتعيه بمؤازرة الدفاع.

فمسطرة التحقيق الإعدادي تأتي بين مرحلتين:

المرحلة الأولى: وهي مرحلة البحث التمهيدي والتي يقوم بها عناصر الشرطة القضائية تحث إشراف النيابة العامة، هذه المرحلة رغم أهميتها فإنها بالظر إلى مدة الحراسة النظرية وكثرة الأعباء على الضابطة القضائية وانعدام التكوين القانوني لأفرادها يمكن أن تشوبها الكثير من الخروقات و التجاوزات وفي النهاية تكون محاضر البحث التمهيدي سريعة وقد لا تتوصل إلى الحقيقة بالمرة.

المرحلة الثانية: وهي المرحلة المحاكمة، هذه المرحلة يجب أن تتوفر فيها جميع مواصفات المحاكمة العادلة وتنبني على تحقيق مثمر من أجل الوصول الى الحقيقة وإصدار أحكام قضائية تكون عنوان لها.

فبين هاتين المرحلتين تتضح أهمية التحقيق الاعدادي كمرحلة وسطى يلعب فيها قاضي التحقيق دورا هاما في استجلاء الحقيقة بما مكنه القانون من سلطات واسعة لم يمنها حتى للنيابة العامة أو هيئة الحكم.

فالقانون منح قاضي التحقيق سلطات واسعة من استنطاق المتهمين، والاستماع الى الشهود، وإجراء المواجهة، والتنقل و الحجز و التفتيش وتجميد الأموال التي لها علاقة بتمويل الإرهاب، والاعتقال الاحتياطي، والوضع المتهم تحت المراقبة القضائية، والاستعانة بالخبراء، والتقاط المكالمات والاتصالات المنجزة بواسطة الاتصال عن بعد، وغير ذلك من السلطات الامر الذي يجعل كل الوسائل متاحة أمامه من اجل الوصول إلى الحقيقة لتفادي إحالة أي متهم على جلسة الحكم دون الحكم دون أن تتوفر دلائل كافية على ارتكابه الأفعال المنسوبة إليه.

إن هذه السلطات الممنوحة لقاضي التحقيق من أهميتها إلا أن هناك إشكالات عملية تقف حجر عثرة أمام أنجاز قاضي التحقيق لمهمته على الوجه المطلوب والأمثل.

فمرورا من علاقته بالنيابة العامة إلى كثرة ملفات التحقيق المحالة عليه من طرف هذه الأخيرة إلى عدم تفرغه للتحقيق وصولا إلى انعدام الوسائل الضرورية للقيام بمهمته وغيرها من الإشكالات تجعل مهمته صعبة جدا تتطلب منه الكثير من الصبر.

فعلاقة قاضي التحقيق بالنيابة العامة تتقاطع في العديد من المحاور فهو بصفته ضابطا ساميا للشرطة القضائية بالرغم مما منحه المشرع له من أولوية في الاستئثار بالبحث إلا أنه عند ممارسة هذه المهام يبقى تحت الإشراف والمتابعة من طرف النيابة العامة ما يتعارض مع استقلاليته كقاضي للتحقيق.

وأن رغم أولويته في استئثار بالبحث التمهيدي في الحالة التلبس، في هذه الحالات قد لا تصل الى علمه ولا يضع يده عليها إلا بمحض الصدفة، ذلك أن المشرع منحه هذه الميزة دون أن يمنحه آلياتها.

فكيف يمكن لقاضي التحقيق أن يباشر عمله كضابط سام للشرطة القضائية في المرحلة البحث التمهيدي وهو لا يعلم بارتكاب الجرائم على عكس النيابة العامة التي تصل إلى عامها جميع الجرائم المرتكبة عن طريق الضابطة القضائية.

من الإشكالات أيضا كثرة ملفات التحقيق المحالة من طرف النيابة العامة على قاضي التحقيق والتي في أغلبها ، عندما يكون التحقيق اختياريا، تكون جاهزة تتضمن جميع وسائل الإثبات لا تحتاج سوى قرارا بالإحالة المباشرة الى المحكمة أو العكس قرار بالحفظ لكون النزاع لا يتضمن أية عناصر جرمية.

أيضا تتجلى علاقة النيابة العامة بالقاضي التحقيق و الاشكالات التي تروم حولها في حالة تعدد قضاة الحكم و تعيين النيابة العامة لقاضي التحقيق التي ترغب هي في توليه التحقيق الأمر الذي يثير في العديد من الحالات الكثير من التساؤلات التي نحن في غنى عنها خاصة عندما نرى كثرة الملفات التي عين فيها قاضي التحقيق بعينه دون غيره.

هناك أيضا إشكالية توضيح بجلاء العلاقة بين النيابة العامة و قاضي التحقيق في وجهها السيئ في أيام الديمومة، حيث يبدأ قاضي التحقيق دوامه ويبقى في مكتبه بانتظار ملفات التحقيق التي يمكن أن تحال اليه من طرف النيابة العامة، التي تقوم بدراستها وتحيلها على قاضي التحقيق في أخر وقت العمل فيضطر هذا الأخير إلى انجاز إجراءات التحقيق بعد وقت العمل الأصلي إلى وقت متأخر.

هناك أيضا حالة عدم تفرغ قضاة التحقيق لمهمتهم الأساسية وهي مسطرة التحقيق، إذ نجد أن الكثير منهم ونظرا لتوزيع المهام التحقيق، بالمحاكم يترأسون جلسات الحكم أو يكونون أعضاء فيها بالإضافة إلى مهام التحقيق، ما يؤثر بشكل كبير على جلسات التحقيق وملفاته التي تتراكم بشكل واضح.

رغم كل هذه العراقيل و الإشكالات العملية التي ذكرناها و تلك التي غابت عنا وهي كثيرة يبقى قاضي التحقيق قائما بمهمته النبيلة بما يتمتع به من الصبر لأنه يؤمن بأن مهمته أسمى من أن تحول بينه وبين ها العقبات ومن هنا يستحق قاضي التحقيق أن ننحني له إجلال وإكبارا للمهمة التي أنيطت به، وايمانا بأنه لم يكن له أن يقوم بها أحسن قيام لولا إيمانه بسمو الغاية ونبل الوسيلة وإيثاره من أجل الوصول الى الحقيقة براحته ووقته.

من كل ما سلف، نتساءل في الأخير إلى أي حد وصل المشرع بمستجدات قانون المسطرة الجنائية في مجال التحقيق بمؤسسة قضاء التحقيق هل وصل الى الغاية التي يريدها؟ ثم هل نجحت مؤسسة التحقيق لدى المحكمة الابتدائية جديدا على مستوى تصريف القضايا أم أنها بالعكس كرست بطء المسطرة؟.

















المراجع المعتمدة:

1- أحمد الخمليشي: شرح قانون المسطرة الجنائية في جزئيين.

2- إدريس طارق السباعي: قضاء التحقيق في جزئيين.

3- عبد الواحد العالمي: شرح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية, الجزء الثاني الطبعة الاولى.

4- أحمد بوسقيعة: التحقيق القضائي, دار الحكمة للنشر والتوزيع ص87

5- عبد الغاني رياضي نائب وكيل العام للملك محكمة الاستئناف القنيطرة , جهاز قاضي التحقيق اختصاصات واجراءات المسطرية المطبقة امامه,(دراسة تحليلية وعملية ونقدية ) الطبعة الاولى.

6- الدكتور عبد الرحيم بنبوعيدة: الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية,(الشرطة القضائية, النيابة العامة, التحقيق الاعدادي) الطبعة 2015.

7- الاستاذ محمد بوزبع: شرح قانون المسطرة الجنائية الجزء الاول (الدعوى العمومية, السلطات المختصة بالتحري في الجرائم, منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية سلسلة الشروح والدلائل العدد 2004,2 الطبعة الثانية.

8- محمد عياط : دراسة في المسطرة الجنائية المغربية ,الجزء الاول مطبعة بابل 1991.

9- الميلودي يامل: ضمانات المتهم في مرحلة التحقيق الاعدادي, بحت نهاية التمرين بالمعهد الوطني للدراسات القضائية, سنة 1996-1998.

10- الطيب لزق: الاعتقال الاحتياطي بين قانون المسطرة الجنائية الحالية و ق.م.ج الجديدة, مجلة القصر العدد ص 1.

11- محمد عياط : مسطرة التلبس الى أين : مجلة الإشعاع " عدد 3 لسنة 1990 ص 9.

12- أنظر كذلك محمد عياط حول مسطرة المحاكم في حالة التلبس في القانون المغربي : مجلة القانون و الاقتصاد عدد 4 سنة 1988.

13- الاستاد عبد الله القروشي رئيس غرفة بمحكمة الاستئناف بفاس ، مقال "قضاء التحقيق أية فعالية" ص64.

14- - الدكتور أحمد فتحي سرور" الوجيز في القانون الاجراءات الجنائية" دار النهضة العربية، طبعة 1982،1983.

15- الاستاد بوشعيب عسال: "سرية التحقيق الاعدادي" مجلة الملحق القضائي ، العدد 40، يناير 2007.

16- الدكتور محمد السعيد رمضان:" مبادئ قانون الاجراءات الجنائية " الجزء الأول سنة 1993.

17- - شريف سيد كامل " التحقيق الابتدائي الطبعة الاولى 1996 دار النهضة العربية.

18- محمد العروصي: حقوق الدفاع في مرحلة التحقيق الإعدادي طبقا لأحكام التشريع الجنائي المغربي'' رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا، جامعة محمد الخامس كلية الحقوق بالرباط آكدال سنة 1999-2000.

19- المستشار إيهاب عبد المطلب، الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون الإجراءات الجنائية، المصدر القومي للإصدارات القانونية الطبعة 2007.

20- محمد أحداف : شرح المسطرة الجنائية ومسطرة التحقيق الاعداد'' الجزء الثاني ، مكتبة سجاماسة، مكناس الطبعة الأولى 2005.

القرارات:

- قرارات صادرة عن الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بطنجة ضد أمر قاضي التحقيق المتعلقة بمنح السراح المؤقت ، طعنت فيها النيابة العامة.

- قرار عدد 1187 بتاريخ 28.10.2008 في الملف الجنائي عدد 18.08,1156.

- قرار عدد 4934 صادر بتاريخ 1984.05.24 في الملف 63068، منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 137.

- قرار صادر عن محكمة الاستئناف بوجدة تحت عدد 2859 بتاريخ 30-03-2004 في الملف عدد 17-2004، منشور بمجلة المنظار عدد 9 ص:207.

- قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 16-05-1985 تحت عدد 4435 في الملف الجنحي 76706 بمجموعة قرارات المجلس الأعلى المادة الجنائية ، الجزء الثاني .

























v الفهرس

التمهيد.........................................................................................1

تطور التاريخي...............................................................................4

الفصل الأول : خصائص التحقيق الاعدادي ونطاقه و الاجراءات الخاصة به.......................7

المبحث الاول: تعيين قاضي التحقيق و اختصاصاته..................................................9

المطلب الاول: تعيين قاضي التحقيق.................................................................10

الفقرة الاولى: على مستوى القانون المقارن........................................................10

الفقرة الثانية: على مستوى القانون المغربي.......................................................11

المطلب الثاني: اختصاصات قاضي التحقيق.........................................................13

الفقرة الاولى: سلطات قاضي التحقيق في اطار البحت عن وسائل الإثبات........................14

الفقرة الثانية: سلطات يمارسها قاضي التحقيق عبر مساعده ولها صبغة تقنية. ................20

المبحث الثاني : اجراءات التحقيق الاعدادي و الضمانات التي يوفرها المتهم....................22

المطلب الاول: اجراءات التمهيدية للتحقيق الاعدادي...............................................23

الفقرة الاولى: اجراءات المطالبة بالتحقيق الإعدادي من طرف النيابة العامة.....................23

الفقرة الثانية: المطالبة بإجراءات من طرف المتضرر..............................................25

المطلب الثاني: خصائص ومميزات التحقيق الاعدادي..............................................27

الفقرة الاولى: سرية التحقيق..........................................................................27

الفقرة الثانية: ثنائية التحقيق والطابع القضائي للتحقيق............................................29

الفصل الثاني : أوامر قاضي التحقيق وبطلان اجراءاته.............................................31

المبحث الاول : انواع اوامر قاضي التحقيق واستئنافها............................................32

المطلب الاول : الأوامر المتعلقة بضمان الامتثال المتهم.............................................32

الفقرة الاولى: الامر بالحضور والإحضار والامر بالإيداع في السجن والقاء القبض..............33

الفقرة الثانية: الاوامر المتعلقة بحسن سير التحقيق.................................................34

المطلب الثاني : استئناف اوامر قاضي التحقيق......................................................38

الفقرة الاولى : الاوامر القابلة للاستئناف من طرف النيابة العامة.................................39

الفقرة الثانية : الاوامر القابلة للاستئناف من طرف المتهم او المطالب بالحق المدني...........41

المبحث الثاني : بطلان اجراءات التحقيق واعادة التحقيق بسبب ضهور ادلة جديدة.............44

المطلب الاول : بطلان اجراء التحقيق................................................................45

الفقرة الاولى: البطلان القانوني.......................................................................45

الفقرة الثانية البطلان القضائي........................................................................47

المطلب الثاني : اعادة التحقيق بسبب ضهور ادلة جديدة..........................................48

الفقرة الاولى: شروط اعادة التحقيق بعد صدور الاوامر بعدم المتابعة ............................49

الفقرة الثانية: بعض ملتمسات النيابة العامة بإعادة التحقيق بسبب ظهر أدلة جديدة............50

· نماذج تتعلق بإعادة التحقيق من طرف المطالب بالحق المدني.....................................53

· نماذج تتعلق بالأوامر التي يصدرها قاضي التحقيق.................................................62

الخاتمة..................................................................................................67

قائمة المراجع:.........................................................................................70

الفهرس:................................................................................................72


















إرسال تعليق

أحدث أقدم