النظرية العامة للقانون الدستوري : الدولة





حاليا الدولة هي الشكل العادي لتنظيم المجتمعات السياسية فهي تقدم الإطار الذي بداخله تنشأ القواعد والظواهر التي تدرس في موضوع القانون الدستوري والمؤسسات السياسية.


الدولة هي في نفس الوقت فكرة وواقع, تجريد وتنظيم ليست لها حقيقة ملموسة ولكن وجودها يلمس في الحياة اليومية.
الدولة صرح يشكل قاعدة السلطة - السند المجرد للسلطة - فهي تمكن من تأسيس السلطة خارج شخص الحكام , تمارس السلطة باسم الدولة.
لكلمة "دولة" عدة مقاربات :
-الدولة هي أولا السلطة المركزية تعارضا مع الجماعات المحلية : في المغرب الجماعات , الجهات ....
-تعني الدولة كذلك الحكام لتمييزهم عن المحكومين , فهي تدل على السلطات العمومية في مجموعها :"الدولة مسؤولة عن المحافظة على النظام" 
في هذا المعنى يتعارض مجال الدولة مع مجال المجتمع المدني الذي يتشكل من الأفراد والجموع الخاصة.
-أخيرا نسمي الدولة مجتمعا سياسيا منظما : الدولة المغربية , الدولة الفرنسية...
2-العناصر المكونة للدولة :
تتكون الدولة من ثلاثة عناصر: سلطة الإكراه تمارس على ساكنة مجتمعة على إقليم.
أ-سلطة الإكراه :
للدولة سلطة تحديد قواعد السلوكات وفرض احترامها. فكرة الدولة مرتبطة بفكرة القانون 
*السلطة القانونية للدولة
تحدد الدولة عددامن قواعد الحياة في المجتمع , تكون هذه القواعد ملزمة للأفراد. تفسر هذه القواعد كإكراهات
*امتلاك القوة من طرف الدولة :
للدولة حق امتلاك القوة أو على الأقل استعمالها المشروع , يتصرف الحكام باسم الدولة ولذلك يستعملون الإدارة وكذلك القوات المسلحة (الدرك والجيش) من أجل تطبيق القرارات التي تتخدها الدولة.
تخضع ارادة المحكومين للإكراه الممارس من طرف سلطات الدولة . والملاحظ هنا هو أن الدولة بإمكانها استعمال القوة لتنفيذ قراراتها , وأكثر من ذلك يجب على الأفراد أن يلجؤوا الى الدولة للحصول على احترام القواعد التي يحددونها بأنفسهم لتنظيم العلاقات فيما بينهم. ليس لهم الحق في استعمال القوة بأنفسهم.
سلطة الاكراه التي تمارسها الدولة لا تنحصر على المواطنين بل تطبق كذلك على الأجانب الذين يعيشون داخل حدودها. 
ب-الساكنة
ليست هناك دولة بدون ساكنة . سلطة إعطاء الأوامر تمارس على ساكنة معينة بصفتها أمة.
ج-الإقليم
تستقر الساكنة على الإقليم الذي هو فضاء له حدود.
3-الخصائص القانونية للدولة:
من الناحية القانونية , للدولة ثلاث خصائص هامة:
- الدولة تنظيم يتوفر على الشخصية المعنوية ,
- للدولة سيادتها.
* الدولة تنظيم يتوفر على الشخصية المعنوية :
تمارس سلطة الدولة من خلال تنظيم الدولة جماعة منظمة.أشكال هذا التنظيم ترتكز على التمييز بين الحكام والمحكومين وعلى وجود أجهزة الدولة وقواعد تحدد العلاقات بين هذه الأجهزة وكذلك مع المحكومين.
بتنظيمها على هذا الشكل تكون الدولة كيانا يتميز عن شخص هؤلاء الذين يتكلمون باسمها.
نقول أن الدولة شخص معنوي (une personne morale)
لقد تم تكوين مفهوم الشخصية المعنوية لإسناد تواجد وكفاءة قانونية للدولة.
اللجوء إلى مفهوم الشخصية المعنوية يمكن من تفسير بعض جوانب إطار الدولة :
-لا تخلط شخصية الدولة مع شخص مسيريها وهو ما يؤدي إلى :
+كون القرارات التي تتخدها سلطات الدولة تعرف بكونها ليست متخدة من طرف هذه السلطات بصفة شخصية ولكن من طرف الدولة.
+ترتبط السلطة بالوظيفة وليس بشخص صاحبها والخضوع يتم للقاعدة وليس للذي قام بسنها.
+ذمة الحكام المالية منفصلة عن ذمة الدولة
+تعني الشخصية المعنوية كذلك أن الدولة بإمكانها امتلاك أموال وإبرام الاتفاقيات والعقود وتحمل المسؤولية . للدولة وجود قانوني مماثل لوجود الاشخاص الذاتيين والذي يعطيها نفسه الصلاحيات.
+أخيرا ترمز الشخصية المعنوية إلى وجود الدولة في الخارج وترمز كذلك الى استمرارية الجماعة بعد تعاقب الأفراد الذن يشكلونها. يتغير الحكام والدولة تبقى.
*-للدولة سيادتها
هنا تبرز الخاصية القانونية الأساسية للدولة. فالدولة وحدها تملك السيادة ولا تعترف بأي سلطة تعلوها أو تنافسها.
تتكرس سيادة الدولة في:
-سلطة الدولة ليست خاضعة
-سلطة الدولة مستقلة

لا تتوفر الدول كلها على نفس الشكل , هناك عدة أنواع من الدول تختلف حسب درجة توحيدها القانوني


نميز الدول الأحادية عن الدول المركبة

I - الدولة الأحادية : l'état unitaire

أ - تعريف
في الدول الأحادية يكون كل المواطنين خاضعين لسلطة واحدة : برلمان واحد يشرع لمجموع المواطنين وهؤلاء يخضعون لسلطة حكومة واحدة أو لقانون واحد

ب - الخصائص
عموما تعرف الدولة الأحادية قسمات ترابية , هناك وسائل ربط بين الساكنة والسلطة المركزية .
مبدئيا يكون ضروريا تقريب الادارة من المواطنين , هذه القسمات الترابية هي نتيجة اللاتمركز وللامركزية.

- اللاتمركز : la déconcentration
يتمثل اللاتمركز في ممارسة بعض اختصاصات الدولة من طرف تعينها الدولة نفسها وتتوزع عبر التراب الوطني : البريد والمواصلات والمياه والغابات , الأشغال العمومية , الضرائب... يقوم الموظفون أو أعوان الدولة بتنفيذ أوامر السلطة المركزية ويتخدون قرارات تحت مراقبتها , لذلك فهم مندمجون في التدرج الإداري .

- اللامركزية : la décentralisation
تتمثل اللامركزية في إسناد بعض اختصاصات الدولة لسلطات ينتخبها المواطنون على الصعيد المحلي (اللامركزية الترابية ) او لأجهزة مستقلة تتكلف بتسيير أنشطة ذات مصلحة عامة (اللامركزية الوظيفية)

2-الدولة الفدرالية 
هنا تتركب الدولة من عدة كيانات تظهر كدول مجردة من بعض الاختصاصات وتجمعها روابط الاتحاد

أ- تعريف :
تتركب الدولة الفدرالية من عدد من الكيانات يتغير اسمها : دولة مفدرلة وكنتونات .... لها مظاهر دولة ( دستور , برلمان , حكومة , محاكم) ولكنها محرومة من السيادة الخارجية (ليس لها علاقة مع الخارج) واختصاصاتها ليست غير محدودة لأنها تمارس وفقا لقواعد ينص عليها دستور الدولة الفدرالية أي ان السيادة الداخلية نفسها مقلصة.

ب- تحليل
عند التحليل تظهر الدولة الفدرالية شكلا خاصا للامركزية.
-تستفيد الدول المفدرلة من استقلال واختصاصات أكثر أهمية من تلك التي تتوفر عليها عادة الجماعات اللامركزية.
-تساهم الدولة المفدرلة لا تشكل صنفا متجانسا , فهي كثيرة في المجتمعات الدولية المعاصرة : الولايات المتحدة , ألمانيا الفدرالية , الهند , البرازيل , كندا ....
ج- التنظيم الداخلي
يتركب إقليم الدولة الفدرالية من مجموعة اقاليم للدول المفدرلة ...
-تنظيم الدول المفدرلة :
تهيئ كل دولة دستورها وتنظم سلطاتها العامة وذلك باحترام الدستور الفدرالي.
-تنظيم الدولة الفدرالية:
للدولة الفدرالية دستورها . تتميز بنية الدولة الفدرالية بوجود برلمان يتكون من مجلسين : مجلس الشيوخ ومجلس النواب في الولايات المتحدة الامريكية البند ستراث و البند ستاك في ألمانيا
يمثل احد المجلسين الساكنة في مجموعها وتقوم كل دولة ببعث مندوبين يتناسب عددهم مع ساكنتها , المجلس الثاني هو مجلس الدول الذي تمثل فيه الدول على قدم المساواة فيما بينها بغض النظر عن ساكنتها , هكذا لألاسكا مع 599000 نسمة مقعدان في مجلس الشيوخ كما هو الشأن بالنسبة لدولة كاليفورنيا بساكنة 32 مليون شخص.

3- توزيع الإختصاصات بين الدولة الفدرالية والدول المفدرلة :
تتميز الدولة الفدرالية بتموضع نظامين قانونيين : يخضع المواطن في نفس الوقت للقانون الذي تهيئه الدولة الفدرالية و للقانون الصادر عن دولته المفدرلة.

أ - مفاتيح توزيع الاختصاصات :
هناك مفتاحان لتوزيع الإختصاصات :
- في الغالب ينص الدستور على الاختصاصات المسندة للدولة الفدرالية وكل المواد الأخرى تترك للدولة المفدرلة : إنها حالة الولايات المتحدة مثلا.
-احيانا على العكس يعطي الدستور لائحة الصلاحيات المسندة للدولة المفدرلة وتتدخل الدولة الفدرالية وحدها في الميادين الأخرى : الهند وكندا.

ب - الإتجاهات المهيمنة على توزيع الاختصاصات :
من خلال تنوع الأنظمة , تبرز المهيمنات :

- تتحكم الدولة الفدرالية في الجيش وتتصرف في العلاقات الدولية كما تملك السيادة الخارجية , لا يمكن للدولة المفدرلة إبرام المعاهدات أو الانخراط في منظمة دولية أو اعتماد تمثيلية دبلوماسية في الخارج .
-تتوفر الدول المفدرلة على سلطة الحصول على الضرائب كما تملك صلاحيات واسعة في مجال القانون الخاص ( الأحوال الشخصية , التجارة , الأبناك , التأمينات ) غالبا ما تتصرف في التعليم و أحيانا في قواعد سير السيارات , أخيرا للدولة المفدرلة محاكمها الخاصة بها .
- يسير تطور الأنظمة الفدرالية في اتجاه تدعيم الدولة الفدرالية على حساب الدولة المفدرلة .
- يؤدي توزيع الإختصاصات بين الاتحاد وأعضائه إلى نزاعات حول تفسير الدستور يسند حلها الى محكمة عليا . تلزم هذه المحكمة احترام القانون من طرف الدولة الفدرالية ومن طرف الدولة المفدرلة.



إرسال تعليق

أحدث أقدم