القانون 55.19 تبسيط أو تعقيد للمساطر الإدارية ؟



من إنجاز الطالب : الغنضور محمد - ماستر الإدارة العامة و الإستثمار

تقديم :
تمثل الإدارة الأداة الأساسية التي تقوم من خلالها الدولة بتنزيل سياساتها سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية، وعليه ونظرا لهذا الدور الحيوي للإدارة باعتبارها نقطة احتكاك الدولة مع المواطن فإنه من اللازم إيلاء أهمية قصوى بالإدارة من خلال تتبع عملها رصد المشاكل التي تحول دون تنفيذها للسياسات المُسطرة.
ولا يخفى على أحد المشاكل والإكراهات التي تتخبط فيها الإدارة في زمن يُفترض فيه السهولة في الولوج والسرعة في الإجراءات نظرا لما حققته الإنسانية من تقدم في مجال تكنولوجيا التواصل.
وتعاني الإدارة من مشاكل تتعلق بالنصوص القانونية، وتعقد الهياكل الإدارية، وعدم فعالية المساطر الإدارية وتأخرها، كما تعاني من تمركز تقديم الخدمات وسلطة القرار...
وقد حاولت الدولة في مجموعة من الفترات القيام بتحديث أجهزتها الإدارية، وذلك تحت ضغط أطراف خارجية سواء بشكل مباشر كالبنك الدولي أو بشكل غير مباشر من خلال تحفيز المستثمرين الأجانب للاستثمار، فلا يُعقل ان يضع مستثمر أمواله في دولة تُوصف إدارتها بالتعقيد، هذا فضلا على ما تحدثه هذه الاستثمارات من امتصاص للبطالة.
وقد ساهم الضغط الداخلي بدوره في دفع الدولة للقيام بتحديث إداراتها، هذا الضغط الذي تجلت أبرز صوره في الاحتجاجات التي عرفها المغرب الكبير والمشرق العربي ككل تمخض عنها في المغرب التعديل الدستوري لسنة 2011.
فحاولت الدولة من خلال هذا الدستور تدارك المشاكل التي تعصف بالإدارة، ولعل أبرز تجلي بذلك في الدستور هو الباب الثاني عشر منه المتعلق بالحكامة الجيدة.
غير أن الوضع الإداري لم يعرف تغيرا جذرا، حيث لم يتم تنزيل هذه المبادئ التي جاء بها الدستور إلا في بعض المواد القانونية المتفرقة على بعض القوانين ولم يكن هنالك تحديث بنيوي شمولي.
إلى أن صدر بتاريخ 19 مارس 2020 القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، وهو قانون يتضح من قراءة أولية له أنه لا يتعلق بإدارة بعينها وإنما يهم كل الإدارات لكون محور انطلاقه هو القرار الإداري وبالتالي فإن كل الإدارات معنية بهذا النص القانوني.
وكما هو واضح من اسمه فإن الهدف من هذا القانون هو تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية وتذليل الصعوبات أمام المرتفق سواء كان مواطنا أو مقاولة، من أجل تحصله على القرارات والتراخيص والشهادات التي يطلبها بنوع من الانسيابية والسرعة.
ولأجل ذلك ارتأيت كتابة هذا المقال في محاولة لتحليل وسبر أغوار هذا القانون نظرا لما له من تأثير مهم في حياة المواطن الذي تجده غارقا في كم هائل من الأوراق ينتقل بها من هذه الإدارة إلى تلك في سبيل حصوله على قرار أو رخصة، أو شهادة.
واستنادا لذلك يمكننا طرح مجموعة من الأسئلة والتساؤلات منها:
- ما هي المستجدات التي جاء بها هذا القانون في إطار تبسيط المساطر الإدارية ؟
- وما هي الضمانات الممنوحة للمرتفق للاستفادة من هذه المستجدات ؟
- وهل هذه المستجدات فعلا تخدم تبسيط المساطر ؟
- وما هي المراحل التي يجب المرور منها للاستفادة من إيجابيات هذا القانون ؟

ولمحاولة الإجابة على هذه الإشكالات سنعتمد التقسيم الأتي:

أولا: أسس القانون 55.19
1- نطاق ومبادئ القانون 55.19
2- مصنفات القرارات الإدارية
ثانيا: الأجهزة المتدخلة والمساطر المتبعة
1- الهيئات والآليات المتدخلة لتنفيذ القانون 55.19
2- مسطرة الحصول على قرار إداري


أولا: أسس القانون 55.19

لقد بدأ القانون 55.19 بالتنصيص على نطاقه والمبادئ التي تؤطر تنزيله(1)، كما ألزم الإدارات بجرد جميع القرارات التي تدخل ضمن اختصاصها (2).

1- نطاق ومبادئ القانون 55.19

أ- من حيث النطاق:
إن القانون 55.19 يعمل على تحديد القواعد التي تنظم العمل الإداري الذي يهدف إلى إصدار قرارات إدارية يطلبها المرتفقين من الإدارات.
وقد حدد هذا القانون الإدارات المعنية به في كل من الإدارات العمومية والجماعات الترابية ومجموعاتها وهيئاتها والمؤسسات العمومية وكل شخص اعتباري أخر خاضع للقانون العام والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام.
وقد أحسن المشرع الصياغة هنا حيث إنه اعتبر أن كل أشخاص القانون العام ملزمين بمقتضيات هذا القانون، بل وتوسع في ذلك ليشمل الهيئات المكلفة بمهام المرفق العام، وغني عن البيان أن بعض هذه الهيئات تعتبر وفق قوانينها الأساسية أشخاص اعتبارية تخضع للقانون الخاص، وهي كذلك ملزمة بالتقيد بمقتضيات هذا القانون عندما يعهد إليها من طرف شخص من أشخاص القانون العام للقيام بمهام المرفق العام.
كما حصر مجال تطبيقه على القرارات التي تسلمها الإدارة للمرتفق بطلب منه، وهي على سبيل المثال لا الحصر التراخيص والرخص والأذونات والشهادات والمأذونيات والمقررات.

ب- من حيث المبادئ:
لقد تم التنصيص على عشرة مبادئ عامة تؤطر علاقة المرتفق بالإدارة، منها ما قد تم إيراده مسبقا في دستور 2011 ومنها مبادئ جديدة تعلن عن بداية مسار جديد في علاقة المرتفق بالإدارة، وهذه المبادئ هي كالأتي:
- الثقة بين المرتفق الإدارة، وهو مبدأ جديد جاء به هذا القانون ليفتح من خلاله عصرا جديدا في علاقة المرتفق بالإدارة التي يشوبها التشنج والريبة المتبادلة، فالإدارة لا تزال تشك في المرتفق بكونه يسعى للحصول على قرار أو ترخيص لا تتوفر فيه الشرط القانونية للحصول عليه، أما المرتفق فلا يزال ينظر للإدارة وهو يستحضر الممارسات الإدارية المخزنية السابقة مع ما ترسب من هذه الممارسات في الإدارات العمومية في وقتنا الحالي.
كل هذه الأفكار المسبقة التي لا تساعد على خلق جو من الثقة، جاء هذا القانون يضع حدا لها من خلال تكريسه لهذا المبدأ، وقد نص على مقتضى في غاية الأهمية ينبني على هذا المبدأ، وهذا المقتضى يتجلى في إمكانية استبدال بعض الوثائق والمستندات والمعلمات المطلوبة من طرف الإدارة بتصريح بالشرف يدلي به المرتفق المعني.
إلا إن تطبيق هذا المقتضى يظل رهين بسلطة الإدارة عند إعداد مصنفات قراراتها الإدارية التي تتخذها، وبالتالي فإن تنزيل هذا المقتضى من عدمه سيتضح لنا بعد إعداد هذه المصنفات.
- شفافية المساطر والإجراءات الإدارية عبر تدوينها وتوثيقها وإخبار المرتفقين بمحتواها بكل السائل الملائمة ولاسيما اعتماد الوسائل الإلكترونية.
وسيساهم هذا المبدأ إذا تم تنزيله بالشكل الجيد إلى تفادي معضلة كبيرة يصطدم بها المرتفق عند رغبته في التحصل من الإدارة على قرار أو ترخيص، حيث تغيب بأغلب الإدارات توصيفات للقرارات التي تتخذها والمساطر التي يتعين سلكها لإصدار القرار، كما ترف الإدارات اختلافا وعدم توحيد في الوثائق الواجب على الموتفق الإدلاء بها.
- تبسيط المساطر والإجراءات ولاسيما حذف المساطر غير المبررة والعمل على تخفيض المصاريف والتكاليف المترتبة عليها بالنسب للمرتفق والإدارة.
إلا أن تطبيق هذا المبدأ يبقى رهنا بتطبيق المبدأ الذي سبقه حيث إن شفافية المساطر من خلال تدوينها سيعمل على حذف المساطر السابقة غير المنصوص عليها وغير الضرورية من طرف الإدارات، وبالتالي ربح الوقت والجهد وتخفيض التكلفة سواء بالنسبة للإدارة أو المرتفق.
- تحديد الآجال القصوى لدراسة طلبات المرتفقين ومعالجتها والرد عليها، وسيسمح هذا المبدأ بدوره بالقطع مع إشكالية طول انتظار المرتفق للتحصل على القرار الإداري، وهذا الجانب كان ولا يزال فيه كثير من الالتباس باستثناء بعض القرارات التي تم استثنائها في بعض القوانين تُحدد أجالا يتعين على الإدارة احترامها للحصول على القرار الإداري.
في حين تبقى مجموعة من القرارات الإدارية غير محددة بآجال معينة وتُترك هذه الأخيرة لتقدير كل إدارة على حدا، وهذا ما يفتح الباب على مصراعيه لمجموعة من الممارسات لعل أخطرها ضرب مبدأ المساواة بعرض الحائط.
- وفي هذا الإطار فقد نص هذا القانون على أن الأجل الأقصى لمعالجة الطلبات هو 60 يوما ويقلص هذا الأجل إلى 30 يوما فيما يتعلق بالقرارات الضرورية لإنجاز مشاريع الاستثمار والمحددة بنص تنظيمي، ولا يمكن تمديد هذه الآجال إلا مرة واحدة عندما تتطلب معالجة طلب المرتفق إنجاز خبرة تقنية أو لحث عمومي كما أن هذه القرارات المعنية بتمديد الآجال ستحدد بنص تنظيمي لم يصدر بعد بدوره.
- اعتبار سكوت الإدارة بمثابة موافقة على طلبات المرتفقين بعد مرور الأجل المحدد أعلاه، ويشكل هذا المبدأ أحد أهم المبادئ التي جاء بها هذا القانون.
فالقاعدة الفقهية تقول أنه "لا يُنسب للساكت قول ولكن السكوت في معرض الحاجة بيان"، وقد أحسن المشرع في اعتماد هذا المبدأ الذي أصبح بعد التنصيص عليه مكسبا حقوقيا مهما للمرتفقين يحُد من السلطة التقديرية للإدارة ويلجمها.
فالمرتفق عند تقديمه طلب للإدارة فإنه ينتظر من هذه الأخيرة أن تُبيح عن ردها سواء بالموافقة أو الرفض، وإن سكوتها يخلق حالة من الريبة والشك جاء هذا المبدأ ليزيلها باعتبار أن سكوت الإدارة يقع في معرض الحاجة إلى البيان وبالتالي فإن سكوتها هو بيان يدل على موافقتها.
وعليه فإن مضمون هذه المادة يعني بأنه ليس كل الطلبات التي التزمت في مقابلها الإدارة بالسكوت فإن سكوتها يُعد بمثابة موافقة، وهو ما عززته المادة 19 من نفس القانون التي تنص على أنه سيصدر نص تنظيمي سيحدد لائحة الطلبات المتعلقة بالقرارات الإدارية التي يُعتبر فيها سكوت الإدارة بمثابة موافقة.
وبالتالي فقد تراجع المشرع هنا على مبدأ قد نص عليه في هذا القانون ليمنح للنص التنظيمي الذي سيصدر فيما بعد سلطة إفراغ هذا المبدأ من محتواه بخلق استثناءات لا نعرف حجمها، بل إن حجمها قد يصل بها إلى مرتبة القاعدة ليصبح الاستثناء هو اعتبار سكوت الإدارة بمثابة موافقة.
لم يقف القانون عند هذا الحد بل إنه ألزم المرتفق في حالة كان سكوت الإدارة على طلب يُعد بمثابة موافقة بالتقدم للإدارة المعنية بعد مرور الأجل للحصول على قرار سكوت الإدارة، هذه الأخيرة التي يجب أن تسلم له قرار سكوتها في أجل 7 أيام، وإذا لم تمنح له قرار السكوت فله أن يتوجه للسلطة الحكومية التي تتبع لها الإدارة المعنية، ويجب على هذه السلطة أن تمنح للمرتفق القرار الإداري داخل اجل 15 يوما من تاريخ عرض الأمر عليها.
ونظرا لكل ما تم تفصيله فإننا نستنتج بأن مبدأ اعتبار سكوت الإدارة بمثابة موافقة مبدأ يستحيل تطبيقه من الناحية العملية والحالة هذه، حيث أدخل المشرع المرتفق في دوامة من الشروط والإجراءات وكأن هذا القانون الذي عنوانه تبسيط المساطر جاء ليعقد من المساطر.
ولقد كان حريا بالمشرع أن ينص على هذا المبدأ بدون خلق طرق للالتفاف والتنصل منه من طرف الإدارات ويَعتبر سكوت الإدارة بمثابة موافقة قاعدة عامة بدون الدخول في خلق استثناءات وتعقيدات.
- التناسب بين موضوع القرار الإداري والوثائق والمستندات والمعلومات المطلوبة للحصول عليه، وذلك بهدف تخفيف العبء على المرتفق في الوثائق التي عليه جمعها للحصول على قرار أو ترخيص قد يكون ترخيصا بسيط لا يُبرر كثرة المستندات والوثائق المطلوبة للتحصل عليه.
- تحسين جودة الخدمات المقدمة للمرتفقين، من خلال العمل على تسريع وتيرة الأداء والرفع من فعالية معالجة الطلبات ورقمنة الإجراءات الإدارية.
ونص من قبل دستور 2011 في فصله 154 على الجودة باعتبارها معيارا يجب أن تخضع له المرافق العمومية في إطار تقديم خدماتها للمرتفقين، وقد جاء هذا القانون ليعزز هذا المعيار ويُفصل فيه وقد أحسن المشرع عندما ربطه برقمنة الإجراءات الإدارية واستخدام تقنيات نظم المعلومات مما سيسمح بنزع الصفة المادية عن مجموعة من الإجراءات وبالتالي التقليص من احتمالات قيام بعض مظاهر الفساد الإداري وعلى رأسها الرشوة.
- عدم مطالبة المرتفق عند إيداعه ملف طلبه، بالإدلاء بوثيقة أو مستند أو بمعلومة أو القيام بإجراء أكثر من مرة واحدة.
- تقريب الإدارة من المرتفق فيما يخص إيداع الطلبات المتعلقة بالقرارات الإدارية ومعالجتها وتسليمها للمرتفق، ويرتبط هذا المبدأ بما هو جاءت به مبادئ الحكامة الجيدة المنصوص عليها في الفصل 154 من الدستور وخاصة مبدأ الإنصاف في تغطية التراب الوطني.
وإن تم التنصيص على هذا المبدأ دستوريا وفي هذا القانون كذالك، إلا أن التطبيق العملي لمبدأ تقريب الإدارة من المرتفق يحتاج لموارد بشرية ومالية ولوجستيكية مهمة، فبعض المجالات الترابية لا تزال تفتقد لمجموعة من الإدارات الشيء الذي يجعل المنتمين لهذه المجالات ينتقلون لكيلومترات طويلة للوصول لأقرب إدارة يمكنهم من خلالها الاستفادة من خدمات المرفق العام.
- تعليل الإدارة لقراراتها السلبية بخصوص الطلبات المتعلقة بالقرارات الإدارية وإخبار المرتفقين المعنيين بذلك بكل الوسائل الملائمة.
وقد سبق للقانون 03.01 أن أقر بهذا المبدأ فيما يتعلق بالقرارات الإدارية السلبية، وجاء هذا المبدأ في القانون 55.19 ليكرس ويؤكد عليه وخاصة في مجال القرارات الإدارية التي تصدرها الإدارة بطلب من المرتفق.
وعلاوة على كل هذه المبادئ فقد ألزم القانون الإدارات بعدم إمكانية مطالبة المرتفقين إلا بالقرارات والوثائق والمستندات التي تنص عليها النصوص القانونية، والتي تم جردها وتصنيفها وتوثيقها وتدوينها ونشرها بالبوابة الوطنية للمساطر والإجراءات الإدارية.

2- مصنفات القرارات الإدارية

تعد مصنفات القرارات الإدارية عبارة عن مجموعة من الوثائق تتضمن بيانات تُبين جميع القرارات الإدارية التي تدخل في مجال اختصاص كل إدارة على حدا، ويجب على هذه الأخيرة أن تقوم بتصنيف هذه القرارات وتوثيقها وتدوينها في مصنفات يُحدد نموذجها بنص تنظيمي.
وبالفعل قد صدر مرسوم عن رئيس الحكومة يُحيل بموجبه مهمة إعداد نموذج مصنفات القرارات الإدارية للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية والسلطة الحكومية المكلفة بإصلاح الإدارة، وقد صدر عن هاتين الأخيرتين قرار مشترك يُحدد في ملحقه رقم 1 نموذج مصنفات القرارات الإدارية وذلك بغية تسهيل المأمورية على الإدارات العمومية من أجل إعداد مصنفاتها وتحديد البيانات الضرورية لهذه الأخيرة.
وقد تضمن هذا النموذج مجموعة من البيانات وهي كالتالي:
- تسمية القرار الإداري ومراجعه القانونية.
- الإدارة أو الإدارات المكلفة بتلقي الطلبات ودراستها ومعالجتها.
- لائحة الوثائق والمستندات المكونة لملف طلب القرار الإداري وكيفيات إيداعه، مع التمييز بين تلك التي يجب على المرتفق الإدلاء بها وتلك التي يتعين أن تتحصل عليها الإدارة المكلفة بتسليم القرار الإداري من إدارات أخرى.
- المصاريف والرسوم والأتاوى الواجب أداؤها من طرف المرتفق والمحدثة بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.
- الأجل المحدد لرد الإدارة على طلب المرتفق.
- الآثار المترتبة على سكوت الإدارة داخل الأجل المحدد وطرق الطعن المتاحة للمرتفق.
- حالات وشروط إنجاز الخبرات التقنية أو البحوث العمومية.
ولعل من أهم ما جاء به هذا القانون ومن حسناته التي تلامس بشكل كبير حياة المواطن هو إلزام الإدارات ب :
- عدم مطالبة المرتفق بأكثر من نسخة واحدة من ملف الطلب المتعلق بالقرار الإداري ومن الوثائق والمستندات المكونة لهذا الملف.
- عدم مطالبة المرتفق بتصحيح الإمضاء على الوثائق والمستندات المكونة لملف الطلب.
- عدم مطالبة المرتفق بالإدلاء بوثائق أو مستندات إدارية متاحة للعموم ولا تعنيه بصفة شخصية.
- عدم مطالبة المرتفق بالإدلاء بنسخ مطابقة لأصول الوثائق والمستندات المكونة لملف الطلب، غير أنه يمكن للإدارة، في حالة الشك في صحة النسخ المدلى بها، أن تطلب من المرتفق، بكل وسائل التواصل الملائمة، مرة واحدة، مع تعليل طلبها تقديم أصول الوثائق والمستندات المعنية.
وقد أحسن المشرع بإلزام الإدارات بهذه المقتضيات التي ستحول دون التعقيد والبطء الإداري، وإجبار المرتفق على الوقوف في طوابير طويلة داخل الجماعات وملحقاتها لتصحيح الإمضاء أو مطابقة النسخ لأصولها لدقائق طويلة.
وجدير بالذكر أن هذا القانون قد دخل حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ نشر النصوص التنظيمية الثلاث، وقد صدرت جميعها، إلا أن تطبيقه لم يدخل حيز النفاذ بعد وذلك راجع للشروط المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 29 من نفس القانون.
حيث إن تطبيق مقتضيات هذا القانون خاصة المقتضيات التي تلزم الإدارة رهين بإعداد الإدارات لمصنفات قراراتها الإدارية ونشرها بالبوابة الوطنية لتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية داخل أجل 6 ستة أشهر من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ، وهو الامر الذي لم يتحقق بعد.
الشيء الذي جعل رئيس الحكومة يصدر منشورا يُطالب فيه الإدارات بالإسراع في إعداد مصنفات قراراتها الإدارية، وموضحا فيه للإدارات بكون القانون 55.19 قد دخلت مقتضياته حيز التنفيذ بإصدار المرسوم رقم 2.20.660 المتعلق بتطبيق بعض مقتضيات القانون في21 شتنبر 2020، وإصدار القرار المشترك بوزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة رقم 2332.20 بتاريخ 28 شتنبر 2020.
كما أن فترة 6 الستة أشهر الممنوحة للإدارات بإعداد مصنفات قراراتها الإدارية والمصادقة عليها ونشرها بالبوابة الوطنية للمساطر والإجراءات الإدارية، وقد بدأ سريانها ابتداء من 28 شتنبر 2020، هذه الفترة التي انتهت بتاريخ 28 مارس 2012 بدون إصدار لهذه المصنفات مما يبين التأخر والتعثر الذي يشهدُه هذا القانون المهم في مسار العمل الإداري، الذي من المفروض فيه أن يخلق نفسا جديدا للعمل الإداري بشكل بنيوي ستتأثر به الإدارة بشكل إيجابي قبل المرتفق.
وبالتالي فإنه من اللازم التسريع والضغط على الإدارات العمومية من أجل إخراج مصنفات قراراتها الإدارية لحيز الوجود لكي يستطيع المرتفق الاستفادة من إيجابيات هذا القانون

ثانيا: الهيئات والآليات المتدخلة والمسطرة المتبعة

لقد أُنيطة مهمة تنفيذ القانون 55.19 بهيئات وأليات كل في نطاق اختصاصها (1)، وقد وحْد هذا القانون نسبيا المساطر المتبعة من طرف المرتفق للحصول على قرارات يطلبها من الإدارة (2).

1- الهيئات والآليات المتدخلة لتنفيذ القانون 55.19

لقد تم إحداث اللجنة الوطنية لتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية (أ) للسهر على تنفيذ القانون 55.19، كما تم التنصيص على ضرورة إحداث بوابة وطنية للمساطر والإجراءات الإدارية (أ) كآلية لتنفيذ هذا القانون.

أ- اللجنة الوطنية لتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية
يتم إحداث اللجنة الوطنية لتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية تحت رئاسة رئيس الحكومة وذلك للقيام بتحديد الإستراتيجية الوطنية المتعلقة بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية والعمل على تتبع تنفيذها وتقييمها، كما تقوم بالإضافة إلى ذلك بالمصادقة على مصنفات القرارات الإدارية باستثناء المتعلقة بالجماعات الترابية وهيئاتها حيث تتولى المصادقة على مصنفات هذه الأخيرة وزارة الداخلية باعتبارها سلطة الرقابة الجماعات الترابية.
وتعمل هذه اللجنة كذلك على تتبع تقدم ورش رقمنة المساطر والإجراءات الإدارية، حيث تم إلزام الإدارات برقمنة المساطر والإجراءات المتعلقة بمعالجة وتسليم القرارات الإدارية التي تدخل في مجال اختصاصها وتلك المتعلقة بأداء المصاريف الإدارية ذات الصلة، وذلك في أجل أقصاه 5 خمس سنوات ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ.
كما تسهر على تبادل جميع الوثائق والمستندات الإدارية التي توجد في حوزتها والتي تتطلبها دراسة القرارات الإدارية، بكل وسيلة من وسائل التواصل الملائمة، والإشراف على إنجاز دراسات لقياس مدى رضا المرتفقين.
في حين أحال القانون 55.19 مهمة تحديد تأليف هذه اللجنة وكيفية سيرها على نص تنظيمي، وقد صدر هذا الأخير بتاريخ 21 ديسمبر 2020، الذي حدد أعضاء هذه اللجنة التي تتكون بالإضافة إلى رئيسها من:
- وزير الداخلية
- الأمين العام للحكومة
- الوزير المكلف بإصلاح الإدارة
- الوزير المكلف بالاقتصاد الرقمي
وتتولى السلطة الحكومية المكلفة بإصلاح الإدارة كتابة اللجنة، كما يمكن لرئيس هذه اللجنة أن يدعو للمشاركة في أشغال اللجنة أي سلطة حكومية أخرى معنية بالنقط المدرجة في جدول أعمالها.
وتجتمع هذه اللجنة كلما اقتضت الضرورة ذلك بدعوة من رئيسها الذي يحدد جدول أعمال اجتماعها، ولاسيما للمصادقة على مصنفات القرارات الإدارية المقترحة من طرف الإدارات المعنية.
وبالفعل قد عقدت هذه اللجنة أول اجتماعاتها بتاريخ 16 أكتوبر 2020، حيث تم اعتماد خارطة طريق تتضمن تخطيط استراتيجيا وجدولة زمنية محددة لكيفية تفعيل مقتضيات القانون، بالطريقة التي تضمن تكامل وتنسيق المجهودات المبذولة من طرف جميع المعنيين.
وسيتم تنفيذ خارطة الطريق المذكورة من خلال ثلاثة أجزاء كبرى متكاملة، حيث خصصت المرحلة الأولى لوضع إطار منهجي من أجل إعداد الإدارات لتنزيل هذا الورش ومواكبتها في إعداد مشاريع مصنفات قراراتها الإدارية، بينما تتمحور المرحلة الثانية حول العمل على نشر مصنفات القرارات الإدارية بالبوابة الوطنية للمساطر والإجراءات الإدارية ومواكبة الإدارات من أجل الشروع في تبسيط المساطر والإجراءات المتعلقة بقراراتها الإدارية، أما المرحلة الثالثة فتتعلق بمواكبة الإدارات في إنجاح ورش رقمنة المساطر والإجراءات من خلال تفعيل الواجهة التفاعلية الرقمية للبوابة الوطنية للمساطر والإجراءات الإدارية.
بالإضافة إلى ذلك، تم إحداث لجنة تقنية منبثقة عن اللجنة الوطنية لتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، مهمتها مساعدة اللجنة الوطنية في إنجاز المهام المنوطة بها، لاسيما فيما يتعلق بتدارس مشاريع مصنفات القرارات الإدارية المعدة من طرف الإدارات قبل رفعها للجنة الوطنية قصد المصادقة عليها، وتتكون هذه اللجنة من ممثلين عن كل من وزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة والأمانة العامة للحكومة ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، وتتولى مواكبة وتقديم الدعم التقني للإدارات المعنية فيما يخص تنزيل مقتضيات هذا القانون.
ولمواكبة الإدارات في إنجاح هذا الورش الهام، ستعمل كتابة اللجنة الوطنية لتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، الذي يضطلع بمهامها قطاع إصلاح الإدارة، بمعية اللجنة التقنية، على تقديم الدعم اللازم للإدارات فيما يخص الإجراءات والتدابير المعتمدة لتفعيل مقتضيات هذا القانون لاسيما من خلال:
- إعداد دلائل عملية تشرح كيفيات إعداد مصنفات القرارات الإدارية الخاصة بالإدارات وقواعد تبسيطها ورقمنتها.
- تقديم الدعم والمواكبة للإدارات فيما يخص إعداد مصنفات القرارات الإدارية التي تدخل في مجال اختصاصها، وتبسيطها والتخطيط لرقمنتها.
- تقديم الدعم والمواكبة للإدارات فيما يخص تبسيط المساطر والإجراءات
المتعلقة بالقرارات الإدارية التي تدخل في مجال اختصاصها والتخطيط لرقمنتها.
- إدارة التغيير الذي تفرضه مقتضيات القانون 55.19 على الإدارات، خاصة فيما يتعلق بالممارسات الجديدة التي تنص عليها.
- تنظيم حملات تحسيسية وتوعوية بصفة منتظمة، وتكوين المسؤولين على
مستوى الإدارات العمومية المعنيين بتتبع تنزيل هذا الورش من أجل فهم مشترك للمبادئ والقواعد التي جاء بها القانون 55.19.
وقد عقدت هذه اللجنة الوطنية لتبسيط الإجراءات والمساطر الإدارية بعد ذلك اجتماعها الثاني بتاريخ 18 مارس 2020، خُصص للوقوف على تقدم إعداد مصنفات القرارات الإدارية وفق خارطة الطريق المعتمدة في اجتماعها الأول المتعلق بكيفيات تنزيل مقتضيات القانون 55.19.
وفي خضم هذا الاجتماع تقدمت اللجنة التقنية بعرض لأنشطتها منذ إحداثها حيث تطرقت إلى كونها قد توصلت من كافة القطاعات الوزارية بعدد مهم من مصنفات قراراتها الإدارية بالإضافة إلى أكثر من 200 مؤسسة عمومية، وتجمْع لها ما يفوق 3000 قرار إداري تمت دراسة مدى مطابقتها للقانون 55.19 وحذف غير المطابق منها.
وعليه فقد تمت المصادقة في نفس الاجتماع على 638 قرار إلا أنها لم تُنشر بعد نظرا لعدم إحداث البوابة الوطنية لتبسيط الإجراءات والمساطر.

ب- البوابة الوطنية للمساطر والإجراءات الإدارية
نصت المادة 26 من القانون 55.19 على إحداث البوابة الوطنية للمساطر والإجراءات الإدارية التي سيتم تحديد كيفيات تدبيرها بنص تنظيمي، وستنشر في هذه البوابة وجوبا مصنفات القرارات الإدارية المصادق عليها أو التي تم التحقق من مطابقتها الأحكام هذا القانون، كما ستنشر فيها وجوبا المؤشرات المتعلقة بمعالجة وتسليم القرارات الإدارية التي تعدها الإدارات سنويا والتي سيتم تحديد لائحتها وكيفيات إعدادها بنص تنظيمي.
وفي هذا الإطار، وبغية توفير الشروط اللازمة لإنجاح تفعيل مقتضيات هذا القانون في الآجال المحددة، يتم العمل حاليا على بلورة ووضع تصور شامل لهذه البوابة كمنصة رقمية مشتركة وموحدة، حيث ينتظر أن تضم مجموعة من الفضاءات الرقمية، منها:
- فضاء إخباري يسمح للمرتفقين بالحصول على المعلومات الخاصة بالمساطر والإجراءات المتعلقة بالقرارات الإدارية.
- فضاء تفاعلي لفائدة المرتفق، يهم كل ما يتعلق بإيداع طلبات القرارات الإدارية وتسليم وصل إيداعها وتتبعها والتسليم الرقمي للقرارات موضوع هذه الطلبات، بالإضافة إلى توفير الخاصيات الرقمية المتعلقة باعتبار سکوت الإدارة بعد انصرام الأجل المحدد، بمثابة موافقة وإيداع الطعون الإدارية.
- فضاء خاص بالتبادل البيني الرقمي للمستندات والوثائق والبيانات الضرورية
المعالجة طلبات القرارات الإدارية بين الإدارات دون مطالبة المرتفق بالإدلاء بها عند تقديمه لملف طلبه.
- فضاء خاص بالإدارات، يمكنها من وضع مشاريع مصنفات القرارات الإدارية بطريقة إلكترونية ونشر المؤشرات المتعلقة بمعالجة وتسليم القرارات الإدارية.
وسيتم العمل على تطوير هذه البوابة من خلال اعتماد مقاربة تدريجية، عن طريق إنجاز وإطلاق الفضاءات ذات الأولوية، بما يسمح باحترام الآجال المحددة في القانون 55.19.
وبالموازاة مع ذلك فقد بادرت وزارة الداخلية إلى إطلاق بوابة إلكترونية تحت مسمى
" البوابة المندمجة للمساطر الإدارية للقرب " تتضمن جميع المساطر والإجراءات المتداولة على مستوى الإدارات الترابية، وذلك تفعيلا لمقتضيات القانون 55.19 وفي أفق إحداث البوابة الوطنية لتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية.

2- مسطرة الحصول على قرار إداري

إن تفعيل مقتضيات القانون 55.19 ستخلق نقلة نوعية في مسطرة الحصول على القرارات الإدارية من خلال تحديد هذه المساطر أولا وتحديد الوثائق المطلوبة للحصول على قرار إداري، هذا بالإضافة للآجال القصوى للرد على الطلبات.
حيث إن أول ما يجب على المرتفق القيام به من أجل تقديم طلبه هو الإطلاع أولا على البوابة الوطنية للمساطر والإجراءات الإدارية التي سيجد فيها مصنف القرار الإداري الذي يرغب فيه، الذي سيتضمن جميع المعلومات التي سيحتاجها مما يحول دون دخول المرتفق في التخبط والتعقيد.
ثم بعد استجماعه للوثائق المطلوبة والتي في حوزته، - حيث إن القانون منع على الإدارات إلزام المرتفق بوثيقة توجد في حوزة إدارة عمومية يمكن للعموم الحصول عليها- فيقوم بتقديم طلبه للإدارة المعنية وذلك مقابل وصل يُسلم له فورا، ويتضمن هذا الوصل إما:
- عبارة "ملف مودع"، إذا كان الملف يتضمن جميع الوثائق والمستندات المطلوبة.
- عبارة "ملف في طور الإيداع" في حالة عدم إدلاء المرتفق بوثيقة أو مستند أو أكثر من الوثائق أو المستندات المطلوبة، وفي هذه الحالة تحدد الإدارة في الوصل المذكور بشكل حصري ودفعة واحدة، لائحة الوثائق والمستندات التي يتعين على المرتفق الإدلاء بها، تحت طائلة إرجاع الملف، داخل أجل أقصاه 30 يوما، ابتداء من تاريخ تقديم الطلب، ولا يحتسب الأجل المحدد للإدارة لمعالجة الطلب وتسليم القرار الإداري موضوع الطلب إلا ابتداء من تاريخ تقديم جميع الوثائق والمستندات المطلوبة.
وإذا تبين للإدارة، بعد تسليم الوصل المذكور أن وثيقة أو مستندا من الملف المودع غير مستوف للشروط المطلوبة في المصنفات، وجب عليها خلال النصف الأول من الأجل المحدد لمعالجة الطلب المتعلق بالقرار الإداري أن تطلب من المرتفق بكل وسيلة من وسائل التواصل الملائمة مع تعليل طلبها استبدال الوثيقة أو المستند المعني.
وفي هذه الحالة يتعين على المرتفق تحت طائلة إرجاع الملف الإدلاء بهذه الوثيقة أو المستند داخل أجل أقصاه 30 يوما، ابتداء من تاريخ توصله بطلب الإدارة. ويترتب على طلب الإدارة استبدال وثيقة أو مستند تعليق سريان الأجل المحدد لمعالجة الطلب المتعلق بالقرار الإداري إلى حين تقديم المرتفق لهذه الوثيقة أو المستند.
في حين تستثنى من هذه المسطرة القرارات الإدارية التي تتم معالجتها وتسليمها فورا.
كما يجب على الإدارات العمل على إحداث منصات إلكترونية بشكل تدريجي لتمكين المرتفقين من إيداع طلباتهم وإخبارهم عبر هذه المنصات بمآل طلبهم وتسليمهم عند الاقتضاء القرارات الإدارية موضوع الطلب.
ويمكن للإدارة أيضا أن تطلب من المرتفق خلال النصف الأول من الأجل المحدد لمعالجة الطلب المتعلق بالقرار الإداري، وبكل وسيلة من وسائل التواصل الملائمة الإدلاء بالمعلومات التكميلية اللازمة لمعالجة طلبه، ولا يمكن للإدارة أن تطلب هذه المعلومات إلا مرة واحدة بالنسبة لكل طلب.
ويترتب على طلب المعلومات التكميلية، تعليق سريان الأجل المحدد المعالجة الطلب المتعلق بالقرار الإداري إلى حين تقديم المرتفق لهذه المعلومات، وفي هذه الحالة يستأنف احتساب الآجال ابتداء من استكمال الملف في حدود المدة الزمنية المتبقية من الأجل المحدد لمعالجة الطلب.
وللإدارة حق عدم الرد على الطلبات المقدمة بصورة متكررة من قبل نفس المرتفق في شأن الحصول على قرار إداري سبق البت فيه سلبيا، ما لم يطرأ تغيير في شروط تسليم القرار المذكور أو في وثائق ومستندات الملف.
ويجب على الإدارة أن تحدد أجل لمعالجة الطلب وتسليم كل قرار إداري، لا يمكن أن يتعدى هذا الأجل مدة أقصاها 60 يوما.، غير أن هذا الأجل الأقصى يقلص إلى 30 يوما فيما يتعلق بمعالجة طلبات المرتفقين للحصول على القرارات الإدارية، المحددة بنص تنظيمي والضرورية لإنجاز مشاريع الاستثمار.
ولا يمكن للإدارة أن تمدد هذه الآجال إلا مرة واحدة عندما تقتضي معالجة طلب المرتفق إنجاز خبرة تقنية أو بحث عمومي، ولا يمكن أن تتعدى مدة هذا التمديد المدة اللازمة لإنجاز الخبرة أو البحث المذكورين، وفي هذه الحالة تبلغ الإدارة المعنية المرتفق بكل وسيلة من وسائل التواصل الملائمة بالأجل الجديد لتقديم جوابها.
هذا بالإضافة إلى وجوب تعليل القرارات الإدارية السلبية وذلك بالإفصاح في صلب القرار السلبي عن الأسباب التي دعت الإدارة لاتخاذه وإخبار المرتفق بها، مع الأخذ بطبيعة الحال بالاستثناءات التي حددتها القوانين.
إلا أن هذا القانون قد أدخل المرتفق في حالة من التعقيد تخالف روح هذا القانون عند مقابلة طلبه بسكوت الإدارة، فهذا القانون في البدء أعتبر سكوتها بمثابة موفقة مبدأ عاما، إلا أنه جاء بعد ذلك ليخلق حالة من التعقيد سبق التفصيل فيها ستجعل من مبدأ اعتبار سكوت الإدارة بمثابة موافقة صعب المنال إن لم يكن مستحيلا.
ولم يبقى في مجال مسطرة الحصول على قرار إداري وفق القانون 55.19 إلا أن نشير للخاصية الجديدة التي جاء بها هذا القانون والمتعلقة بإمكانية تبادل المعطيات والوثائق التي تدخل ضمن الوثائق المطلوبة للحصول على قرار إداري بين الإدارات الشيء الذي سيبسط على المرتفق عناء وتكليف إحضارها، ويمكن للإدارة القيام بهذه العملية بعد الحصول على الموافقة المسبقة للمرتفق وإرسال نسخ من هذه الوثائق للمرتفق لأخذ موافقته قبل استعمالها لمعالجة طلبه.

خاتمة :
إن التحديث الإداري عمل لا يتوقف، فهو عمل دوري وضروري للتجاوب مع المتغيرات المحيطة وخاصة المتغيرات التي فرضها زمن العولمة.
وإن القانون 55.19 جاء كمحاولة للتجاوب مع هذه المتغيرات التي جعلت الإدارة تعرف تأخرا في اللحاق بركب التغيرات المحيطة بها والمتسارعة من تقدم سريع في التقنيات الرقمية.
إلا أنه وإن كانت جل المقتضيات التي جاء بها هذا القانون توصف بالإيجابية ماعدا ما تم الإشارة له في مسالة إفراغ مبدأ اعتبار سكوت الإدارة بمثابة موافقة من محتواه، فإن التنزيل الجيد لهذا القانون يبقى رهينا بعوامل أخرى غير العوامل القانونية.
ولعل أهم هذه العوامل التي قد تؤثر بشكل سلبي في تنزيل هذا القانون هو العامل البشري المتمثل في الموارد البشرية داخل الإدارات العمومية التي يُسجل عليها حتى الآن التأخر في إعداد مصنفات قراراتها الإدارية.
إلا أن الأيام المقبلة هي الفيصل فيما يتعلق بمدى انسجام الممارسة الإدارية مع مقتضيات وروح القانون 55.19.
---------------------------
لائحة المراجع:
- ظهير رقم 1.11.91 صادر في 27 شعبان 1432 بتنفيذ نص الدستور، الجريدة الرسمية عدد 5964 بتاريخ 28 شعبان 1432، الصفحة 3600.
- ظهير رقم 1.20.06 صادر في 11 من رجب 1441 بتنفيذ القانون رقم 55.19 بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، الجريدة الرسمية عدد 6866، بتاريخ 24 رجب 1441، الصفحة 1626.
- مرسوم رقم 2.20.660 صادر في 29 من محرم 1442 بتطبيق بعض مقتضيات القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، الجريدة الرسمية عدد 6919، بتاريخ 3 صفر 1442، الصفحة 4850.
- قرار مشترك لوزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة رقم 2332.20 صادر في 4 صفر 1442 بتحديد نموذج مصنفات القرارات الإدارية ونموذج وصل إيداع طلبات الحصول عليها، الجريدة الرسمية عدد6921 بتاريخ 10 صفر 1442، الصفحة 5419.
- منشور رقم 2020/20، بتاريخ 6 جمادى الأولى 1442، الموجه إلى السيد وزير الدولة والسيدات والسادة الوزراء والوزراء المنتدبين والمندوبين السامين والمندوب العام، حول موضوع تفعيل مقتضيات القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية.
- تقرير البنك الدولي حول الإدارة المغربية سنة 1995.
- الدليل العملي لإعداد مصنفات القرارات الإدارية، وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، دجنبر 2020.
- الموقع الإلكتروني www.cg.gov.ma
---------------------------
الهوامش :
- تقرير البنك الدولي حول الإدارة المغربية سنة 1995.
- ظهير رقم 1.11.91 صادر في 27 شعبان 1432 بتنفيذ نص الدستور، الجريدة الرسمية عدد 5964 بتاريخ 28 شعبان 1432، الصفحة 3600.
- ظهير رقم 1.20.06 صادر في 11 من رجب 1441 بتنفيذ القانون رقم 55.19 بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، الجريدة الرسمية عدد 6866، بتاريخ 24 رجب 1441، الصفحة 1626. 
-المادة 2 من القانون 55.19
-المادة 8 من القانون 55.109.
- المادة 5 من الظهير الشريف رقم 1.58.376 صادر في 3 جمادى الأولى 1378 بتنظيم الحق بتأسيس الجمعيات، حيث ينص على أنه: " يجب على السلطة المحلية أن تسلم الوصل النهائي للجمعية وجوبا داخل أجل أقصاه 60 يوما." 
 لم يصدر بعد هذا النص التنظيمي.
- المادة 16 من القانون 55.19.
- ظهير شريف رقم 1.02.202 صادر في 12 من جمادى الاولى 1423 بتنفيذ القانون رقم 03.01 بشأن إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية.
- مرسوم رقم 2.20.660 صادر في 29 من محرم 1442 بتطبيق بعض مقتضيات القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، الجريدة الرسمية عدد 6919، بتاريخ 3 صفر 1442، الصفحة 4850.
- قرار مشترك لوزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة رقم 2332.20 صادر في 4 صفر 1442 بتحديد نموذج مصنفات القرارات الإدارية ونموذج وصل إيداع طلبات الحصول عليها، الجريدة الرسمية عدد6921 بتاريخ 10 صفر 1442، الصفحة 5419.
- المادة 6 من القانون 55.19
- المادة 7 من القانون 55.19
  النصوص التنظيمية: 1- المحدد بموجب لنموذج مصنفات القرارات الإدارية. 
                            2- المحدد بموجبه لنموذج وصل التسلم.
                            3- المحدد لتأليف اللجنة الوطنية لتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية. 
- منشور رقم 2020/20، بتاريخ 6 جمادى الأولى 1442، الموجه إلى السيد وزير الدولة والسيدات والسادة الوزراء والوزراء المنتدبين والمندوبين السامين والمندوب العام، حول موضوع تفعيل مقتضيات القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية.
- المادة 25 من القانون 55.19.
- مرسوم رقم 2.20.600 بتطبيق بعض مقتضيات القانون 55.19 السالف الذكر.
- الدليل العملي لإعداد مصنفات القرارات الإدارية، وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، دجنبر 2020، الصفحة 14.
- الموقع الإلكتروني www.cg.gov.ma تاريخ الإطلاع 13 أبريل 2021.
- موقع الإلكتروني للبوابة: www.massater.ma 

إرسال تعليق

أحدث أقدم