قراءة في مشروع القانون المتعلق باستعمال الوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية



الدكتور نورالدين الناصري أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بسطات و منسق ماستر المعاملات الالكترونية



     مقدمة:
  إن عصرنة العدالة تعد حاليا من أكبر التحديات التي تواجهها الدول السائرة في التطور الذي يشهده العالم في مختلف مجالات الحياة، فالتحولات العميقة والسريعة التي عرفتها المجتمعات الحديثة تتجه للاستعمال المتزايد لتكنولوجيات الإعلام والاتصال في مختلف الميادين، وقد كان لها أثر مباشر في تسيير المرفق القضائي، وأصبحت الأنظمة القضائية، رغم ما تتميز به من طابع محافظ، مطالبة بتحديث وسائل عملها وأساليب إدارتها.
         لقد عملت وزارة العدل المغربية منذ الشروع في تنفيذ توصيات اللجنة الوطنية لإصلاح العدالة، على تطوير وتحديث المرفق القضائي، وتوفير الشروط الضرورية لإعطاء القضاء وجها حديثا يواكب العصر، حتى يستجيب للاحتياجات العملية والمتطلبات التنموية المختلفة، ويؤدي رسالته على أكمل وجه، وذلك في إطار توفير سلامة وسرية وأمن المعلومات والبيانات.
         ويأتي مشروع القانون المتعلق باستعمال الوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية بشكل يلامس التطلعات الملكية السامية  التي جعلت من إصلاح القضاء ورشا مفتوحا على الدوام قوامه "جعل القضاء في خدمة المواطن"  والذي نادى بشأنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه من خلال رسالته السامية بتاريخ 21-10-2019 للمؤتمر الدولي بمراكش بدورته الثانية حول "العدالة والاستثمار" بضرورة تبني لامادية الإجراءات والمساطر القضائية والتقاضي بانخراط كل مكونات العدالة في ورش التحول الرقمي[1].
         وهو الشيء الذي لن يتحقق دون بلورة هذا التصور عاجلا من خلال الانتقال الفوري من مستوى التصور التنظيري إلى مستوى أجرأة المحكمة الرقمية وتنزيلها في أقرب وقت كان، ولعل ذلك يجد مرجعيته في إطار المجهودات المبذولة لاستكمال مشروع هذه المحكمة في أفق سنة 2021، خاصة أنها تشكل بندا مهما من البنود المعتمدة من قبل ميثاق إصلاح العدالة الذي تم إطلاقه في 30 يوليوز 2013، والذي جاء في أحد توصياته :
          ” 9- وضع أسس "محكمة رقمية" منفتحة على محيطها وعلى المتقاضين…..مع سن المقتضيات اللازمة لذلك".
            ونعتقد أن لجائحة  فيروس كورونا المستجد آثارا عميقة على الصعيدين الدولي والوطني، حيث غيرت هذه الجائحة العديد من الأنماط السلوكية والعادات التي درج عليها الناس، ومن أهم هذه المجالات نجد المجال القضائي، الذي أصبح عاجزا عن أداء وظيفته التي كان عليها من قبل، الأمر الذي جعل وزارة العدل المغربية تبحث عن حل لإعادة الروح للجهاز القضائي، وذلك عن طريق استغلال المادة الثالثة من المرسوم قانون المتعلق بحالة الطوارئ الصحية[2] التي تضمنت صيغة عامة هي بمثابة تفويض عام يعطي للسلطة التنفيذية الصلاحية في أن تحل محل السلطة التشريعية لكي تتخذ "جميع التدابير اللازمة التي تقتضيها هذه الحالة" وهي صيغة مكنت السلطة التنفيذية من سلطة تقديرية واسعة لاتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بمواجهة حالة الطوارئ الصحية.
          وكان اللجوء لوسائل الاتصال الحديثة هو الحل الوحيد الذي يمكن أن يعيد الروح من جديد للمؤسسة القضائية، وذلك في إطار الإجراءات الاحترازية التي يقوم بها المغرب لمحاربة تفشي فيروس كورونا المستجد حيث تم اعتماد هذه الأخيرة في العديد من محاكم المملكة مؤخرا، إلا أن ذلك أثار جدلا واسعا داخل الساحة القانونية حيث عبر العديد عن استيائهم من هذا الحل الذي يفتقد لمشروعيته القانونية وكذا معارضته مع ضمانات المحاكمة العادلة.
          وبناء على ذلك، فقد بادر المشرع المغربي لسد الفراغ القانوني، الذي كان يعرفه نظام التقاضي عن بعد، وذلك بإصدار مشروع قانون يتعلق باستعمال الوسائط الالكترونية في الإجراءات القضائية، حيث سيعمل هذا النص القانوني على إلحاق بعض التعديلات على قانون المسطرة المدنية وكذا المسطرة الجنائية.
          وقبل الخوض في قراءة المشروع موضوع الدراسة، لابد من الوقوف عند  الوسائل القانونية (أولا) والتقنية (ثانيا) والتأهيلية (ثالثا) في التقاضي عن بعد، ثم شروط العمل بتقنية التقاضي عن بعد(رابعا)، وأخيرا قراءة في المشروع (خامسا).
أولا-  الوسائل القانونية في التقاضي عن بعد
من بين أهم الوسائل التي تساهم في عملية التقاضي عن بعد، نجد التشريع،  والذي يعني وجود مجموعة من القواعد القانونية المكتوبة التي تصدر من سلطة مختصة في الدولة وهي السلطة التشريعية وتكون ملزمة، بحيث تكون ملائمة لحالة التقدم التقني والعلمي من خلال استخدام وسائل الاتصال الحديثة لتطبيق إجراءات التقاضي الكترونيا وعبر شبكة الاتصال الدولية.
ويتم ذلك بطريقتين، حيث تتمثل الأولى في استبعاد القواعد التقليدية وإصدار قانون جديد ينظم تلك القواعد، والثانية تطويع وتطوير ما هو قائم من قواعد اختصاص تقليدية، واختيار ما يصلح منها لتطبيق إجراءات التقاضي الالكتروني، ابتداء من تقديم مقال الدعوى إلى موقع المحكمة المختصة عبر البريد الالكتروني، وانتهاء بصدور الحكم القضائي،  لذلك لابد من إعادة النظر في القوانين النافذة لكل دول العالم، للتفاعل مع هذا التغيير نتيجة للتطور التكنولوجي الحاصل في المجتمعات ويتماشى معه لاستيعاب التقنية العلمية الجديدة التي دخلت في كل مجالات الحياة، وهو ماسعى إليه المشرع المغربي من خلال المشروع المتعلق باستعمال الوسائط الالكترونية في الإجراءات القضائية، وهنا تبرز أهمية الوسيلة التشريعية لهذا النظام، لتكون نقطة ارتكاز ووسيلة قانونية مشروعة لتطبيق إجراءات هذه الآلية الحديثة، باستخدام وسائل التقنية العلمية الحديثة، ومن ثم مواكبة المتغيرات واستثمارها لتحقيق العدالة واللحاق بالعالم المتقدم([3]).
ولعل أهم هذه الوسائل نجد:
1-    القانون النموذجي بشأن التجارة الالكترونية:
أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها المرقم (51/ 162) في جلستها العامة (85) في 16/12/1996 القانون النموذجي بشأن التجارة الالكترونية الذي اعتمدته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، وورد في ديباجة القانون النموذجي :" وإذ تؤمن بان اعتماد اللجنة للقانون النموذجي بشان التجارة الالكترونية سيساعد على نحو هام جميع الدول في تعزيز تشريعاتها التي تنظم استخدام بدائل للأشكال الورقية للاتصال وتخزين المعلومات وعلى صياغة هذه التشريعات في حال عدم وجودها"و "توصي بان تولي جميع الدول اعتبار محبذا للقانون النموذجي عندما تقوم بسن قوانينها أو تنقيحها , وذلك بالنظر إلى ضرورة توحيد القوانين الواجبة على البدائل للأشكال الورقية للاتصال وتخزين المعلومات"([4]).
 ونصت أحكام المادة الثالثة منه، والمخصصة لتعريف المصطلحات على أنه لأغراض هذا القانون : أ- يراد بمصطلح (رسالة البيانات) المعلومات التي يتم إنتاجها أو إرسالها أو استلامها أو تخزينها بوسائل الكترونية أو  بصرية أو  وسائل مماثلة،  بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، تبادل البيانات الالكترونية، أو البريد الالكتروني أو البرق أو التلكس أو النسخ البرقي. كما نصت المادة السادسة منه المخصصة للكتابة على : 1- عندما يشترط القانون أن تكون المعلومات مكتوبة، تستوفي رسالة البيانات، ذلك الشرط، إذا تيسر الإطلاع على البيانات الواردة فيها على نحو يتيح استخدامها بالرجوع إليها لاحقا، 2- تسري أحكام الفقرة الأولى سواء اتخذ الشرط المنصوص عليه فيها شكل التزام أو اكتفي في القانون بمجرد النص على العواقب التي تترتب إذا لم تكن المعلومات مكتوبة،  ونصت الفقرة الأولى من المادة التاسعة منه على أنه :" في أي إجراءات قانونية، لا يطبق أي حكم من أحكام قواعد الإثبات من أجل الحيلولة دون قبول رسالة البيانات كدليل اثبات..."([5])
2-    القانون النموذجي بشأن التوقيعات الالكترونية
أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها المرقم (56/80) في 12/12/2001 القانون النموذجي بشأن التوقيعات الالكترونية، الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، وورد في ديباجته، أن الجمعية العامة للأمم المتحدة "توصي بأن تولي جميع الدول اعتبارا ايجابيا للقانون النموذجي بشان التوقيعات الالكترونية إلى جانب القانون النموذجي بشان التجارة الالكترونية المعتمد في عام 1996, و المستكمل في عام 1998, عندما تقوم بسن قوانينها أو تنقيحها, وذلك بالنظر إلى ضرورة توحيد القوانين الواجب التطبيق على بدائل الأشكال الورقية للاتصال وتخزين المعلومات وتوثيقها" وعرفت المادة (2/ج) منه رسالة البيانات بأنها تعني "معلومات يتم إنشاؤها أو إرسالها أو استلامها أو تخزينها بوسائل الكترونية أو ضوئية أو بوسائل مشابهه،بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، التبادل الالكتروني للبيانات أو البريد الالكتروني أو البرق أو التلكس آو النسخ البرقي([6])".
3-    نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية
كما أجازت المحكمة الجنائية الدولية بموجب الفقرة الثانية من المادة 68 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية([7])  واستثناء من مبدأ علنية الجلسات المنصوص عليها في المادة 67 دوائر المحكمة أن تقوم حماية للمجني عليه والشهود أو المتهم بإجراء أي جزء من المحاكمة في جلسات سرية أو بالسماح بتقديم الأدلة بوسائل الكترونية خاصة أخرى([8]).
4-    البروتوكول الإضافي للاتفاقية الأوروبية للمساعدة القضائية المتبادلة في المسائل الجزائية
يعد هذا البروتوكول من أهم الوسائل القانونية، التي تطرقت لمسألة التقاضي الالكتروني في جميع بنوده، والتي سوف نتطرق  إلى بعض منها عند حديثنا عن شروط استخدام تقنية التقاضي الالكتروني.

ثانيا-  الوسائل التقنية في التقاضي عن بعد.
بعد أن كانت العلاقات القانونية تقع أغلبها في العالم المادي المحسوس، وبوسائل تقليدية ورقية، تغيرت الموازين وظهرت اليوم وسائل تقنية حديثة فرضتها التطورات الحاصلة في العالم، الذي من أهم سماته سيادة الوسائل الالكترونية وخاصة وسائل الاتصال الحديثة، التي تعتمد خاصة على شبكة الانترنت ودعائهما، والتي تولدت عنها ضرورة إنشاء هيئات قضائية الكترونية ساعدت في تقريب المسافة وإزالة الحواجز بكافة أشكالها بين أطراف الدعاوى القضائية.
1-    دعائم شبكة الانترنت المساعدة في إجراءات التقاضي الالكتروني:
إن الثورة العلمية التقنية حطمت الحدود الجغرافية والسياسية؛ فقد أصبحنا نواجه تحديات عدة في وقت أصبح من الممكن أن تنتقل المعلومات بشكل آني من دون أي ضوابط أو حدود، ومن هنا تزداد الخطورة للحفاظ على السرية والعدالة في التعامل بالتقنيات العلمية الحديثة.
فالانترنت"Internet"، التي تخطت الحواجز الجغرافية والطبيعية تتنوع المعاملات عن طريقيها ولعل أهمها البريد الالكتروني والقوائم البريدية والشبكة العنكبوتية العالمية"World Wide Web  "والتي يرمز لها"W WW"، والتي يطلق عليها أيضا اختصارا خدمة "الويب""Web"، وكذا التيلي نات"Telenet".
هذه الدعائم الإلكترونية تسهم بشكل كبير في تفعيل التقاضي الإلكتروني وسنوجز بيانها كالتالي:
‌أ.       البريد الالكتروني L’adresse électronique
يعد البريد الالكتروني([9]) من أهم الدعائم لشبكة الانترنت بصفة عامة، والخدمة الأكثر استعمالا،فهو خدمة تساعد على إرسال واستقبال الرسائل بواسطة الأجهزة الرقميّة من خلال شبكة الإنترنت، وقد تكون هذه الرسائل على شكل نصوص، أو رسومات، أو قد تستخدم لإرسال الملفات الصوتية والرسومات المتحركة ما بين المستخدمين، وإلى جانب ذلك، فإن البريد الإلكتروني يمكن المستخدم من إرسال البريد لفرد محدد، أو مجموعة محددة ، أو مع مجموع من المستخدمين خلال نفس الوقت، بالإضافة لإتاحة العديد من الخيارات المتعلقة بهذه المراسلات كإمكانية حفظها، وتحريرها، وطباعتها، وغير ذلك. تلك الرسائل تستخدم في مجال التقاضي الإلكتروني بتلقي وإرسال التبليغات القضائية، الأحكام، ملفات الدعاوى، العرائض، التي يمكن أن يرسلها الأطراف لمحاميهم...إلخ.
‌ب.     الشبكة العنكبوتية العالمية World Wide Web
الإنترنت (بالإنجليزية: Internet) هي مجموعة متصلة من شبكات الحاسوب التي تضم الحواسيب المرتبطة حول العالم، و التي تقوم بتبادل البيانات فيما بينها بواسطة تبديل الحزم بإتباع بروتوكول الإنترنت الموحد (IP). تقدم الإنترنت العديد من الخدمات مثل الشبكة العنكبوتية العالمية (الويب)، و تقنيات التخاطب، و البريد الإلكتروني، وبرتوكولات نقل الملفات FTP. تمثل الإنترنت اليوم ظاهرة لها تأثيرها الاجتماعي و الثقافي في جميع بقاع العالم، و قد أدت إلى تغيير المفاهيم التقليدية لعدة مجالات مثل العمل و التعليم و التجارة و بروز شكل آخر لمجتمع المعلومات([10]) وهناك الملايين من مواقع الويب على الشبكة لكل منها عنوانه الخاص الذي يشار إليه بأحرف مختصرة والذي يقوم مقام العنوان العادي أو رقم الهاتف([11])، وعليه تعد دعامة أساسية للتواصل الالكتروني في جميع المجالات ليكون بالإمكان استخدامها في المجال القضائي، إذ تسطيع وزارة العدل لأي دولة استغلالها في المسائل القضائية والمتابعات الجزائية عبر أقاليم متعددة، من خلال فتح مواقع الكترونية، لتصبح بذلك مرفقا عموميا الكترونيا حكوميا.
‌ج.     خدمة الوي- في"Wi-Fi "
هي اختصارا  Wireless Fidelity، وهي نوع من أنواع تكنولوجيا اللاسلكية، وبروتوكول شبكي لاسلكي يسمح لأجهزة الاتصال بالإنترنت دون الحاجة إلى أسلاك الإنترنت، وهي من أكثر الوسائل شيوعا لتوصيل البيانات لاسلكيا في موقع ثابت، كما أنها عبارة عن علامة تجارية خاصة بشركة Wi-Fi Alliance ، وهي رابطة دولية من الشركات، والتي تعمل في مجال تقنيات ومنتجات LAN اللاسلكية
تحكم الوي– في معايير "IEEE 802.11" تستخدم للربط بين مجموعة من أجهزة النظام المعلوماتي (جهاز حاسوب، جهاز التوجيه"Routeur"، الهاتف الذكي، موديم"Modem internet") في إطار شبكة معلوماتية حتى تسمح بتحويل المعطيات بينها، ويمكن للمستخدمين الاستفادة منها في مجالات أخرى، وهي التخابر الهاتفي المرئي والصوتي، المحلي أو الدولي، كما نشأت دائم أخرى لا تقل أهمية عن Wi-fi، تتمثل في 3G، 4 G، والتي لا تحتاج إلى ربط، أكثر عملية، تساعد خاصة عملية التحقيقات في الأماكن التي لا يوجد بها جهاز التوجيه"Routeur"([12]). 
وهذا يسمح بالاستفادة من هذه الخاصية في التحقيقات الجنائية والتعرف على أماكن تواجد الأشخاص.
2-    المحكمة الالكترونية
لغرض تطبيق إجراءات التقاضي عن بعد، لا بد من وجود محكمة تعمل بالوسائل الإلكترونية، يباشر من خلالها مجموعة من القضاة النظر في الدعاوى، والفصل بها بصفة قانونية؛ بمعنى بموجب تشريعات تخولهم مباشرة ذلك بتلك الوسائل، باعتماد تقنيات فائقة في الحداثة لملفات الدعاوى والتي سيتم تدوين الإجراءات القضائية من خلالها؛ بمعنى برمجة الدعوى القضائية الالكترونية.
               والتقاضي من خلال المحكمة الالكترونية([13])،دعامة من دعائم التقاضي الالكتروني، وتعد كتنظيم تقني معلوماتي يتيح للمتداعين تسجيل دعواهم، وتقديم أدلتهم وحضور جلسات المحاكمة، تمهيدا للوصول إلى الحكم وتنفيذه، من خلال وسائل الاتصال الالكترونية، والتي هي جزء من نظام معلوماتي يمكن القضاة من الاتصال بالخصوم دون حضورهم المادي، ومباشرة إجراءات التقاضي، والتحقيق وسماع الشهود من خلال هذه الدعامة، خاصة عبر الأقاليم الدولية([14]).
               فالمحكمة الإلكترونية عبارة عن حيز تقني معلوماتي ثنائي الوجود (شبكة الربط الدولية+مبنى المحكمة) يعكس الظهور المكاني الإلكتروني لأجهزة ووحدات قضائية وإدارية على الشبكة، تعمل هذه الأجهزة على استقبال الطلبات القضائية، ولوائح الدعاوى، وتجهيز برامج الملفات الإلكترونية، وتوفير متجدد للمعلومات حول مستجدات الدعاوى، وقرارات الأحكام، بما يمثل تواصلا دائما مع جمهور المواطنين والمحامين، كما تمكن هذه المحكمة أصحاب العلاقة من المتقاضين، ووكلائهم، من الترافع، وتحضير الشهود، وتقديم البيانات، والاتصال المباشر مع العاملين في المحكمة، في كل وقت ومن أي مكان، كما توفر المحكمة آليات جديدة ومتطورة لمتابعة الدعاوى والاطلاع على مجريات الجلسات - بل وحتى حضور الجلسات إلكترونيا – وقرارات الأحكام بكل يسر وسهولة،  كما تتيح شفافية وسرعة في الحصول على المعلومات.
و بناء عليه، فتجهيز المحكمة وقاعاتها، والأقسام الإدارية التابعة لها، والتنفيذية فيها سيأخذ طابعا تقنيا، يمكن القضاة والخصوم من متابعة دعواهم والحضور، وتسجيل الطلبات، والاتصال بموظفي وقضاة المحاكم، اتصالا مرئيا إلكترونيا.
وعلى العموم، فإن المحاكم الالكترونية، بحاجة هي الأخرى إلى مجموعة من الوسائل، حتى تتم عملية التقاضي بفعالية وطريقة جيدة، هذه الوسائل تتمثل فيما يلي:
-        موقع الكتروني،
-        الحاسوب،
-        السجلات الالكترونية، بالصيغتين "Pdf, Word"
-        أجهزة نقل الصوت، كاميرات، مايكروفونات.
ثالثا- الوسائل التأهيلية في التقاضي الإلكتروني( الإمكانيات البشرية).
يتوجب لتطبيق إجراءات التقاضي عن بعد من خلال الهيئة القضائية الافتراضية، وجود ثلاث وسائل تأهيلية أساسية تتمثل فيما يلي([15]):
1.    قضاة متخصصون في مجال القضاء الإلكتروني :
ويصطلح على تسميتهم بقضاة المعلومات،وهم مجموعة متخصصة من القضاة النظاميين، يباشرون المحاكمات من خلال موقع، كل منهم لدى المحكمة الالكترونية، والتي لها موقع الكتروني على الانترنت ضمن نظام قضائي يمكن أن نطلق عليه دائرة المعلوماتية القضائية ([16])،ويباشر هؤلاء القضاة تطبيق إجراءات التقاضي الالكتروني، وتدوينها في ملف الدعوى الالكترونية، وهي مكنة الوصول إلى إثبات الحق موضوع الدعوى، من خلال مجموعة متطورة من الإجراءات الالكترونية ([17]). ويتحقق هذا العنصر من خلال الحصول على دورات مكثفة في علوم الحاسوب نظم الاتصال وبرامج المواقع الالكترونية وتجهيز مكاتبهم بأحدث الأجهزة والمعدات الحاسوبية التي ستمكنهم من تسجيل الدعوى القضائية الكترونيا ومتابعة سيرها والنظر فيها.
2.    كتاب ضبط المواقع الالكترونية
إلى جانب القضاة، نجد موظفين آخرين، يتمثلون في مجموعة من الحقوقيين والمتخصصين أيضا بتقنيات الحاسوب والبرمجيات، وتصميم وإدارة المواقع الالكترونية، مؤهلين للعمل في هذا المجال ويمارسون واجبات عديدة في العمل القضائي الإجرائي نذكر أهمها:
‌أ.        تسجيل الدعاوى وإرسالها مع ما تتضمنه من أدلة إثبات، أو أي وثائق أخرى يمكن إرسالها بوساطة الماسح الضوئي"Scanner والاحتفاظ بالأصل لغرض إرساله للمحكمة في حالة طلبها له،
‌ب.    تجهيز جدول مواعيد الجلسات،
‌ج.     استيفاء الرسوم الكترونيا بإحدى وسائل الدفع الالكتروني،
‌د.       الاتصال بأطراف الدعوى وتبليغه بالحضور في مواعيد انعقاد الجلسات بعد التأكد من صفة كل منهم سواء كانوا أطراف الدعوى، أو شهودا، أو غيرهم قبل إدخالهم إلى موقع المحكمة الافتراضية أمام القاضي،
‌ه.       متابعة الدعاوى وعرض الجلسات.
3.    إدارة المواقع والمبرمجين:
يحتاج التقاضي الإلكتروني لوجود إدارة المواقع وبرمجتها، توكل إلى أشخاص مؤهلين علميا في مجال المعلوماتية والبرمجة الالكترونية، وهم غالبا وهي مجموعة من الفنيين المختصين بالمجال الالكتروني الذين يعملون على الأجهزة التقنية ويستخدمون البرامج الالكترونية اللازمة لها يتواجدون خارج قاعة المحكمة عادة، أو في الأقسام المجاورة لها، يكون من أهم واجباتهم متابعة سير إجراءات المحاكمة، ومعالجة العطل التي قد تحدث في الأجهزة والمعدات أثناء المرافعة، وكذلك معالجة الأخطاء الفنية قبل وقوعها، والقيام بحماية النظام من الفيروسات، وإحباط محاولة دخول المخربين والفضوليين على موقع المحكمة، بالإضافة إلى مساعدة كتاب الضبط بتنفيذ واجباتهم التقنية وهذا ما يسمح بتحقيق حماية معلوماتية وفنية لبيانات وإجراءات التقاضي الإلكتروني([18]).
4.    محامون معلوماتيون:
إن مصطلح المحامي المعلوماتي، يطلق على المحامي الذي يحق له تسجيل الدعوى والترافع في المحكمة الالكترونية، وهو يمثل نوعا حديثا من أنواع الممارسة المهنية للمحاماة، حيث يستلزم الأمر معرفة علوم الحاسوب ونظم الاتصال، وتصميم البرامج والمواقع الالكترونية، مع ضرورة وجود الأجهزة والمعدات الحاسوبية المرتبطة بشبكة الاتصالات الدولية، من خلال مزود الخدمة في مكاتب المحامين الخاصة لتمكنهم من أداء واجباتهم بالشكل الذي يؤدي فيه المحامي رسالة القضاء بشفافية وبمهنية، لذا يتوجب أن يكون المحامي على استعداد تام لهذه الفكرة على الصعيدين الشخصي والمكتبي([19]).
رابعا- شروط العمل بتقنية التقاضي عن بعد
إن استخدام آلية التقاضي الالكتروني، يفرض على أي دولة التقيد بجملة من الشروط، خاصة فيما يتعلق بمسألة المساعدة القضائية بين الدول.([20])
والجدير بالذكر، أن القانون الدولي، وضع ثلاثة شروط أساسية، نستعرضها فيما يلي:
1- عدم تعارض استخدام تقنية التقاضي الالكتروني مع قانون الدولة المطلوب منها التنفيذ:
اشترطت الفقرة الثانية من أحكام المادة 09 من البروتوكول الإضافي للاتفاقية الأوروبية للمساعدة القضائية المتبادلة في المسائل الجزائية، ألا ينطوي استخدام هذه التقنية تعارضا مع المبادئ الأساسية لقانون الدولة المنفذة، ومن ثم فإن لهذه الأخيرة رفض هذا الاستخدام، إذا قدرت أنه يؤدي إلى إهدار المبادئ الأساسية لقانونها الداخلي ([21])، على اعتبار أن الاختصاص القضائي لا يعود لهذه الدولة.
2- توافر الوسائل والإمكانيات التي تساعد الدولة المعنية بالتنفيذ من استخدام آلية التقاضي الالكتروني:
إلى جانب شرط عدم تعارض المحادثة المرئية، أو التقاضي الالكتروني مع المبادئ القانونية الأساسية للدولة، نجد الشرط الثاني والذي يتمثل في إلزامية توافر الوسائل والإمكانيات التي تساعد على التنفيذ، لدى الدولة المنفذة.
حيث تطرقت لهذا الشرط، الفقرة الثانية من أحكام المادة 09 من البروتوكول الإضافي الثاني للاتفاقية الأوروبية للمساعدة القضائية السالفة الذكر، وأقرت صراحة ضرورة توافر الإمكانيات والوسائل الفنية التي تمكن الدولة المنفذة من إجراء ذلك، كما أجازت لها إمكانية الرفض لاستخدام هذه التقنية، في حال عدم حيازتها لهذه التجهيزات، مراعاة للجانب المالي لتلك الدولة ([22])، كما يمكن أن تعرض عليها الدولة الطالبة للتحقيق عن بعد عبر الوسائل الالكترونية ، المساعدة لتوفير ما يلزمها من معدات أو خبرات لاستخدام هذه التقنية، سواء على سبيل الإعارة أو الهبة([23]).
3-    حصر استخدام آلية التقاضي الالكتروني في سماع الشهود والخبراء من أقاليم مختلفة:
إن المفهوم الشائع لتقنية التقاضي عن بعد، هو أن عملية التقاضي برمتها تستند على التقنية الحديثة باستعمال الانترنت، لكن في الواقع، غير ذلك، إذ تقتصر فقط على سماع الشهود وإفادات الخبراء، حيث يمكن للسلطات القضائية لإحدى الدول المتعاقدة، طلب سماع شخص يتواجد على إقليم دولة متعاقدة أخرى-بصفته شاهد أو خبير-عبر هذه التقنية، متى ثبت استحالة أو عدم ملائمة المثول الفعلي لهذا الشخص أمامها، وهذا وفقا لأحكام المادة الفقرة الأولى من المادة 09 من ذات البروتوكول([24]).
والملاحظ من خلال فقرة هذه المادة، أن واضعي البروتوكول، بحصرهم التقنية في سماع الشهود والخبراء، حتى لا تثير إشكالات قانونية على الصعيد الدولي ومسائل الاختصاص ([25]).

         خامسا- قراءة في مشروع القانون المتعلق باستعمال الوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية
         مشروع القانون المتعلق بعصرنة العدالة، والذي يأتي، كما هو معلوم، في إطار برنامج رامي إلى إدماج وسائل التكنولوجيات الحديثة ضمن المنظومة الوطنية القضائية وتأسيس بنيتها التقنية على أسسى سليمة للإسهام فى تعزيز ثقة المواطن والمتقاضي تجاه القضاء وتحسين خدمات المرفق القضائي وترقيتها.
         وبهذا نكون أمام آلية ناجعة ومستمرة كتصور  لتطبيق نظام قضائي جديد قائم على أسس و قواعد  تشريعية و أحكام قضائية قادرة على مواجهة كل التحديات التي قد تعيق المسار التحصيلي للمواطنين في ممارسة حقهم في التقاضي.
         وبناء على ذلك، فقد بادر المشرع المغربي لسد الفراغ القانوني، الذي كان يعرفه نظام التقاضي عن بعد، وذلك بإصدار مشروع قانون يتعلق باستعمال الوسائط الالكترونية في الإجراءات القضائية، حيث سيعمل هذا النص القانوني على إلحاق بعض التعديلات على قانون المسطرة المدنية وكذا المسطرة الجنائية.
         ويمكن القول إن هذا المشروع تضمن العديد من المقتضيات الإيجابية، حيث حاول واضعوه تبني الكثير من القواعد الجديدة لتبسيط المساطر على المتقاضي.
         وبالرغم من التقييم الإيجابي العام لمقتضيات مسودة استعمال الوسائط الالكترونية في الإجراءات القضائية، نسجل مجموعة من الملاحظات السلبية التي ينبغي بنظرنا تداركها، منها ما هو شكلي ومنها ما هو موضوعي، وذلك ما سنناقشه من خلال الموضوع التالي:
        المحور الأول: ملاحظات تهم المشروع بصفة عامة
       لقد جاء المشروع بأحكام جديدة من أجل وضع سند قانوني يسهم باستعمال أمثل للمعلوماتية والتكنولوجيا الحديثة للإعلام والاتصال في الخدمات وكذا الإجراءات القضائية.
     إن الأحكام المقترحة في المشروع - التي تجد أساسها في القانون المدني- ستسمح باستعمال التقنيات الإلكترونية إلى جانب الوسائل التقليدية المنصوص عليها في التشريع الساري المفعول في مجال التبليغات ونشر الأحكام القضائية وتبادل الوثائق والمستندات وفقا للقانون.
       وينبغي التوضيح بأن الأهداف التي يصبو إليها النص ومنها على وجه التحديد الجوانب المتعلقة بالتبادل الإلكتروني للوثائق القضائية، تتطلب تحديد الشروط التي تضمن موثوقية هذه الوثائق وسلامتها، وكيفية التحقق من صحتها ومن الجهة التي أصدرتها، وكل ذلك لإعطائها القيمة القانونية نفسها للوثائق الورقية.
       وعلى غرار برامج عصرنة العدالة في جل دول العالم، يتناول المشروع مسألة استعمال تقنية المحادثة المرئية عن بعد في التحقيق والمحاكمة، سيما في الحالات التي يصعب فيها تنقل الشهود لبعد المسافة وبصفة استثنائية لاستجواب المتهمين المعتقلين، كما سيكون لهذا الإجراء فائدته بشكل خاص في مجال التعاون الجنائي الدولي.
        إن إلقاء نظرة أولية على المشروع المتعلق باستعمال الوسائط الالكترونية في الإجراءات القضائية، يجعلنا نتساءل حول العنوان، لكونه عنوانا مبهما وغامضا، وبالتالي يستوجب إعادة صياغة العنوان بشكل يمكن القارئ من فهم المحتوى قبل الخوض في النصوص القانونية، ونقترح كعنوان" التقاضي الالكتروني في الإجراءات القضائية "، لكون مصطلح التقاضي الإلكتروني أعم، فمفاده" تنظيم تقني معلوماتي يتيح للمتقاضين تسجيل دعواهم، وتقديم أدلتهم، وحضور جلسات المحاكمة، تمهيدا للوصول إلى إصدار الحكم وتنفيذه، من خلال وسائل الاتصال الإلكترونية، والتي هي جزء من نظام معلوماتي يمكن القضاة من الاتصال بالمتقاضين دون حضورهم الشخصي من خلال هذا النظام"[26].
        كما يلاحظ على المشروع أنه جاء بمجموعة من المؤسسات والمصطلحات الجديدة من قبيل (حسابات إلكترونية مهنية/ عنوان الكتروني/تقنيات الاتصال عن بعد/ المنصة المعلوماتية / النظام المعلوماتي / النظام الإلكتروني/مصطلحات الوسائط الإلكترونية / الدعامات الإلكترونية) والتي تستوجب تحديد مفاهيمها، لتفادي حدوث لبس لدى القارئ، وبالتالي على المشرع تخصيص المادة الأولى من هذا المشروع لتبيان المقصود من هذه المصطلحات كما هو الشأن في بعض القوانين الأخرى، لاسيما أن هذه المصطلحات ذات طبيعة معلوماتية وتبدو متشابهة على الرغم من أن لها معاني مختلفة يصعب على غير المعتادين على الجوانب المعلومياتية البحتة فهمها.
        ومن الملاحظات الشكلية أيضا تكرار الإشارة الى الموازاة بين الوثيقة المحررة على دعامة الكترونية والوثيقة المحررة على دعامة ورقية. فمن رأينا لا جدوى من ذلك لأنه سبق للمشرع المغربي أن حسم في هذا الموضوع من خلال القانون 53.05 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية والذي صدر سنة 2007. وما يعاب عن هذا المشروع كذلك تقييد بعض النصوص بضرورة صدور نصوص تنظيمية، وبالتالي صدور نص قانوني جامد منذ البداية.


         المحور الثاني: ملاحظات بخصوص استعمال الوسائط الالكترونية في قانون المسطرة المدنية.
         إن ما نمر به هذه الأيام في المغرب، يحتم علينا إعادة النظر في إجراءات التقاضي، حيث كلما اتضح للمشرع المغربي أن قاعدة قانونية أصبحت متجاوزة ولا تساير التطور الحاصل داخل المجتمع إلا وتدخل قصد تطويرها لتساير الحداثة والعولمة، وهذا ما طرأ على قانون المسطرة المدنية الذي كانت بعض قواعده هشة وتقليدية، حيث أضفى عليها المشرع آليات التتميم والنسخ والتغيير بمقتضى القانون المتعلق باستعمال الوسائط الالكترونية في الإجراءات القضائية.
         وبالرجوع لفصول المشروع، نلاحظ أن بعض مضامينه قد جاءت متعارضة مع بعض القوانين الخاصة، من ذلك نذكر تعارض هذا المشروع مع مشروع قانون التنظيم القضائي رقم 38.15 فيما يخص الغرفة الاستئنافية، حيث نص مشروع قانون المسطرة المدنية في الفصل 141 على توجيه المقال إلى غرفة الاستئنافات بالمحكمة الإبتدائية، في حين نجد مشروع قانون التنظيم القضائي رقم 38.15 ألغى هذه الغرفة، مما يظهر عدم الانسجام بين المشروعين.
         وفي الحالة التي يكون فيها تعيين المحامي اختياريا حسب مقتضيات المادة 32 من القانون رقم 28.08 المنظم لمهنة المحاماة، فإن أغلبية من يعيش في البوادي لا دراية لهم بالتقاضي الالكتروني كما أنهم لا يتوفرون على بريد إلكتروني فكيف سيتم تدبير ذلك؟
        كما نلاحظ عدم تعديل الفصل 47، وبالضبط الفقرة الرابعة منه والتي تنص على مايلي :"... يحكم غيابيا إذا لم يحضر المدعى عليه أو وكيله رغم استدعائه طبقا للقانون ما لم يكن قد توصل بالاستدعاء بنفسه وكان الحكم قابلا للاستئناف، ففي هاته الحالة يعتبر الحكم بمثابة حضوري تجاه الأطراف المتخلفة". فعندما سيتم تفعيل التبليغ عن طريق البريد الالكتروني، فإن التبليغ هنا لابد من أن يكون شخصيا حيث لا أحد يمكنه الاطلاع على محتوى البريد الالكتروني سوى الشخص صاحبه، وبالتالي كان الأحرى أن يتم الإشارة للتبليغ الالكتروني وكيف سيكون وصف الحكم في هاته الحالة.
        ومن الملاحظات كذلك، عدم إدراج المسؤول عن معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي التي يدرجها المتقاضين عند إيداع مقالاتهم عبر النظام الالكتروني، وهذا ما يتعارض مع أحكام القانون رقم 09.08. وكذا الإشارة إلى الحقوق التي أوجب من خلالها المشرع في القانون رقم 09.08 على المسؤول عن المعالجة أن يمنحها للشخص المعني بالمعالجة كالحق في التصحيح.
       وبخصوص الطعن بالاستئناف، لم يشر المشروع إلى أي تعديل بخصوص أجل الاستئناف المنصوص عليه في الفصل 134، وكذا تاريخ ابتداء الطعن، فعند تبليغ الحكم بطريقة الكترونية، هل أجل الاستئناف سيبتدئ من تاريخ الاطلاع على الرسالة أم من تاريخ وضع الحكم في الحساب الالكتروني ؟
      وبخصوص التبليغ الالكتروني، يمكن أن يتم دون احترام للساعات القانونية للتبليغ ودون الحصول على أي إذن مكتوب أو معلل من طرف رئيس المحكمة التي تنظر في القضية، وهذا ما يستشف بمفهوم المخالفة للمادة 78 من مشروع قانون المسطرة المدنية التي نصت على أنه: "مع مراعاة حالات التبليغ الإلكتروني، لا يجوز تبليغ أي طي قضائي، قبل الساعة السابعة صباحا وبعد الساعة العاشرة ليلا إلا في حالات الضرورة وبناء على إذن مكتوب ومعلل من طرف رئيس المحكمة التي تنظر في القضية، أو من طرف قاضي التنفيذ، أو من طرف القاضي المختص حسب الأحوال."
      أما فيما يتعلق اعتبار كل إجراء بلغ إلى المحامي في بريده الالكتروني صحيحا، بحسب ما تضمنته الفقرة الأخيرة في كل من المادة 73 والمادة 346 من مشروع قانون المسطرة المدنية، نرى بأن هذا المقتضى سيخلق بعض من الإشكالات على المستوى العملي،  وهذا ما يدفعنا إلى طرح مجموعة من التساؤلات منها :
-        هل يقصد بالبريد الالكتروني للمحامي البريد الخاص به أم بريده المهني؟
-        وما هو الأثر القانوني المترتب إذا تم إرسال الإجراء إلى المحامي في بريده الالكتروني لكنه لم يتوصل به لظروف تقنية من قبيل عطل في شبكة الانترنت مثلا؟
       لقد أضفى المشرع الحجية على صور المستندات في الإجراءات التي تتم عبر الوسائط الالكترونية في المادة 2-41، وهذا ما يتماشى مع مقتضيات الفصل 440 من ظهير الالتزامات والعقود التي نصت في فقرتها الثانية على أنه "تقبل للإثبات نسخ الوثيقة القانونية المعدة بشكل إلكتروني متى كانت الوثيقة مستوفية للشروط المشار إليها في الفصلين 1-417 و2-417 وكانت وسيلة حفظ الوثيقة تتيح لكل طرف الحصول على نسخة منها أو الولوج إليها."
        كما نصت الفقرة الثانية من الفصل 329 على ما يلي " يمكن لرئيس محكمة ثاني درجة أو من ينوب عنه، بصفة استثنائية أن يغير المستشار المقرر كلما حصل موجب لذلك بمقرر معلل، يضمن بالنظام المعلوماتي." وفي هذه الحالة يجب التنصيص على الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف كما هو متعارف عليه وليس رئيس محكمة ثاني درجة.
        أما في الفصل 3-41،  فقد جاء فيه ما يلي " تضمن بالمنصة الإلكترونية الحسابات الإلكترونية المهنية للمحامين والمفوضين القضائيين والخبراء، والعناوين الإلكترونية الرسمية للإدارات العمومية وللأطراف الراغبين في ذلك، ليتم اعتمادها في التبليغ الالكتروني". هنا يمكن طرح سؤال ما الجدوى من ذكر الحساب الالكتروني للمفوض القضائي والحال أنه سيتم الاعتماد على التبليغ الالكتروني؟ هل دور المفوض القضائي لا زال فعالا ؟ وإن كان ذلك ما المغزى من التبليغ الإلكتروني؟
        المحور الثاني: ملاحظات بخصوص استعمال تقنيات الاتصال عن بعد في قانون المسطرة الجنائية.
        اتجه المغرب وعلى غرار باقي التشريعات المقارنة إلى عصرنة قطاع العدالة من خلال استعمال تقنيات الاتصال عن بعد في تسيير الإجراءات الجنائية من جهة، والمحافظة على صحة السجين من وباء كورونا المستجد من جهة أخرى.
        وكما هو معلوم فإن المادة الجنائية يسيطر عليها مبدأ الشرعية الإجرائية، حيث لا يمكن مباشرة أي إجراء في حق شخص ما إلا وكان ذلك الإجراء منظما في قانون المسطرة الجنائية تنظيما محكما ومحاطا بضمانات قانونية.
        الأمر الذي جعل المشرع يسارع إلى تدارك هذا النقص الذي اعترى هذا الإجراء ويبادر إلى إصدار مشروع قانون يتعلق باستعمال تقنيات الاتصال عن بعد، نظم فيه كيفية استعمال تقنيات الاتصال عن بعد في المادة الجنائية.
        وبالرجوع لهذا المشروع ،نجده يطرح العديد من الملاحظات وهي:
        من خلال الاطلاع على مقتضيات المادة 1-193، والتي تنص على أنه "إذا وجدت أسباب جدية تحول دون حضور المتهم أو الضحية أو المطالب بالحق المدني أو الشاهد أو الخبير... يمكن لقاضي التحقيق تلقائيا أو بناء على ملتمس النيابة العامة أو أحد الأطراف أو من ينوب عنهم أن يقرر تلقي تصريحاته أو الاستماع إليه أو مواجهته عبر تقنية الاتصال عن بعد بكيفية تضمن سرية البت" يتبين لنا أنه تم إغفال موافقة المتهم في حالة ما تم اللجوء لاستعمال تقنية الاتصال عن بعد تلقائيا من قبل قاضي التحقيق أو بناء على ملتمس النيابة العامة، فموافقة المتهم على هذا الإجراء أمر ضروري، والذي يفيد بمفهوم المخالفة أنه لا يحق له التمسك فيما بعد ببطلانه، فهو تنازل صريح من جانبه عن التمسك بالبطلان.
        ثم ماذا عن كاتب الضبط الذي يكون دائما بجانب قاضي التحقيق عند مباشرته لإجراء من إجراءات التحقيق، حيث لم يأت المشرع على ذكره؟
        أما بخصوص المادة 2-193 من المشروع التي تنص على ما يلي:
       "يوجه قاضي التحقيق إنابة قضائية لقاضي التحقيق بالمحكمة التي يوجد بدائرتها الشخص المعني بالأمر، يبين فيها الأسباب التي تبرر اللجوء إلى تقنية الاتصال عن بعد، وهوية الشخص أو الأشخاص موضوع هذا الإجراء، ويحدد المهمة المطلوبة وتاريخ وساعة إنجازها.
       يستدعي قاضي التحقيق الموجهة إليه الإنابة الشخص أو الأشخاص في التاريخ المحدد إلى مكتب أو قاعة مجهزة بتقنية الاتصال عن بعد، بعد التأكد من هويتهم، ويشعر النيابة العامة لدى محكمته بذلك.
       يتم الاستماع إلى الشخص أو الأشخاص أو استنطاقهم أو مواجهتهم مع الغير من قبل قاضي التحقيق مصدر الإنابة.
(..).
       يوقع الشخص الذي تم الاستماع إليه على المحضر إلى جانب قاضي التحقيق الموجهة إليه الإنابة وكاتب الضبط، أو يشار إلى رفضه التوقيع أو إلى استحالة ذلك.
       يحيل قاضي التحقيق الموجهة إليه الإنابة فورا نسخة من المحضر إلى النيابة العامة بمحكمته ونسخة أخرى إلى القاضي مصدر الإنابة لإضافتها إلى الملف، ويحتفظ بأصل الملف في ملف خاص.
       إذا كان الشخص مؤازرا بمحام، فيمكن لهذا الأخير الحضور إلى جانب مؤازره بالمكان الذي يجري فيه تنفيذ الإنابة أو إلى جانب قاضي التحقيق مصدر الإنابة".
     فإن التعديل المقترح لهذه المادة هو كالآتي:
    - "(..) يتم الاستماع إلى الشخص أو الأشخاص أو استنطاقهم أو مواجهتهم مع الغير من قبل قاضي التحقيق مصدر الإنابة، بعد إشعارهم بحقهم في رفض اعتماد تقنية الاتصال عن بعد، ما لم يتنازلوا صراحة عن هذا الحق، وينص على ذلك في المحضر.
     (..) يوقع الشخص الذي تم الاستماع إليه على المحضر إلى جانب قاضي التحقيق الموجهة إليه الإنابة وكاتب الضبط، أو يشار إلى رفضه التوقيع أو إلى استحالة ذلك، مع بيان أسباب ذلك.
     يحيل قاضي التحقيق الموجهة إليه الإنابة فورا نسخة من المحضر إلى القاضي مصدر الإنابة لإضافتها إلى الملف، ويحتفظ بأصل المحضرفي ملف خاص.
     إذا كان المتهم أو المطالب بالحق المدني مؤازرا أو مرفوقا بمحام، فيمكن لهذا الأخير الحضور إلى جانب مؤازره بالمكان الذي يجري فيه تنفيذ الإنابة أو إلى جانب قاضي التحقيق مصدر الإنابة.
     يستدعى المحامي طبقا للكيفيات المنصوص عليها في المادة 139 أعلاه". .
     فوفقا لهذا التعديل المقترح على المادة 2-193 أعلاه، نسجل ما يلي:
-        تمت إضافة إشعار الشخص المراد الاستماع إليه بحقه في رفض استعمال تقنية الاتصال عن بعد، وتسجيل هذا الإشعار والجواب عنه بالمحضر.
-        تمت إضافة "مع بيان أسباب" رفض التوقيع أو استحالته، كضمانة قانونية للمستمع إليه.
-        تم حذف إحالة قاضي التحقيق الموجهة إليه الإنابة القضائية لنسخة من المحضر على النيابة العامة بمحكمته، لأنها ليست طرفا في الدعوى المعروضة على قاضي التحقيق المكلف بالقضية، وأن سرية البحث تقتضي عدم تسليمها أي نسخة من المحضر.
-        تمت إضافة طريقة استدعاء المحامي، وإلا سيظل الأمر غامضا بهذا الخصوص.
-        تمت إضافة عبارة "مرفوقا" في الفقرة ما قبل الأخيرة من التعديل، لأن محامي المطالب بالحق المدني لا يؤازر وإنما ينوب.عنه
-        تم تغيير لفظ "الشخص" في الفقرة الأخيرة من مشروع المادة بالمتهم أو المطالب بالحق المدني، نظرا إلى كون المحامي لا يكون إلا بجانب هذين الطرفين فقط.
-        تمت الاستعاضة عن لفظ "الملف" بالمحضر في الفقرة ما قبل الأخيرة من المشروع.
         وهو نفس الأمر بالنسبة للمادة 4-347 التي تنص على أنه إذا وجدت أسباب جدية تحول دون حضور المتهم أو الضحية أو الشاهد أو المطالب بالحق المدني... فإنه يمكن للمحكمة تلقائيا أو بناء على ملتمس النيابة العامة أو أحد الأطراف أو من ينوب عنهم تطبيق مقتضيات المادة 1-193 من هذا القانون،  حيث يجب أن يتم التنصيص على ضرورة موافقة المتهم الذي سيخضع للمحاكمة عن بعد، أما في الحالة التي يرفض فيها المتهم أو دفاعه أن يتم التواصل عبر هذه التقنية، فإن المحكمة ملزمة بالاستجابة للطلب.
         ويجب أن يكون حضور كاتب ضبط في قاعة المحاكمة، وليس الانتقال إلى المؤسسة السجنية كما هو الحال عليه الآن حيث يجب التنصيص على ذلك، كما هو الشأن في بعض التشريعات وعلى رأسهم المشرع الإماراتي الذي نص في المادة 10 من قرار وزير العدل رقم 259 لسنة 2019 بشأن الدليل الإجرائي لتنظيم التقاضي باستخدام الوسائل الالكترونية والاتصال عن بعد في الإجراءات الجزائية على ما يلي: "يحضر مع القاضي في المحاكمات عن بعد كاتب يتولى تحرير المحضر، والتوقيع عليه مع القاضي".
         وتجدر الإشارة إلى أنه إلى جانب الموافقة الصريحة من أجل المحاكمة عن بعد، لا بد في أول جلسة وقبل الإيداع في السجن وحتى في قضايا الجنايات أن يحال المتهم فورا على هيئة المحكمة  ليستفيد من مقتضيات المادة 385 ق م ج المتعلقة بإشعاره بالحق في طلب أجل قصد تهييئ دفاعه واختيار محام وذلك تحت طائلة البطلان.
        وواضح  أن محاكمة المتهم باستعمال تقنية الاتصال عن بعد ليست مشوبة بأي بطلان ما دام هناك نص يؤطرها، وكذلك الأمر بالنسبة للمقتضيات المتعقلة بالإحضار، وتطهيرا للإجراءات يكفي إشعار المتهم ودفاعه بأنه سيحاكم من معتقله وعدم اعتراضه مادامت الفقرة الثالثة من المادة 324 منحت الأطراف إمكانية التنازل عن التمسك بالدفع بالبطلان إذا لم يكن مقررا إلا لمصلحتهم فقط، على أن يكون تنازل المتهم  صريحا، بحضور محاميه أو بعد استدعائه بصفة قانونية.
        وبخصوص المادة 3-749 التي نصت في فقرتها الأولى على أنه: "يمكن لوزير العدل أن يأذن، في إطار تنفيذ إنابة قضائية دولية، لمحكمة أجنبية بالاستماع إلى شخص أو أكثر، إذا كان موجودا بالمغرب ووافق صراحة على قبول هذا الطلب".
        فإننا نقترح أن يكون ذلك الإذن من طرف الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، حيث يتماشى مع القانون 33.17 القاضي بنقل اختصاصات وزير العدل بصفته رئيسا للنيابة العامة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفتة الرئيس الجديد والأصح لها.
        والتعديل المقترح هو:
       "يمكن للوكيل العام للملك لدى محكمة النقض في إطار تنفيذ إنابة قضائية دولية، لمحكمة أجنبية بالاستماع إلى شخص أو أكثر، إذا كان موجودا بالمغرب ووافق صراحة على قبول هذا الطلب".
    وأخيرا، لاننكر بأن هذا المشروع جاء بتصور رائد لعصرنة القضاء إلا أنه هو صورة طبق الأصل للنظام الفرنسي الذي يتعرض اليوم لانتقاذات لاذعة، لذا وجب التريث في إخراج هذا النص إلى الوجود حتى يمكن إشراك جميع أجنحة العدالة وتجهيز المحاكم بالمعدات التقنية اللازمة وخلق برنامج مكثف لتكوين كل الأطر البشرية العاملة في مجال العدلة من قضاة ومحامون وكتاب للضبط وخبراء ومفوضون قضائيون وغيرهم، كما يجب الاغتراف من الأنظمة التي أثبتت فعاليتها على غرار الدول الأسكندنافية التي تعد الأقوى عالميا في مؤشرات استقلالية العدالة لوجود علاقة شبه قوية بين تطور الدولة والنظام القضائي القوي.




[1] مقتطف من الرسالة الملكية السامية الموجهة للمؤتمر الدولي بمراكش :”ندعو لاستثمار ما توفره الوسائل التكنولوجية من إمكانيات لنشر المعلومة القانونية والقضائية، وتبني خيار تعزيز وتعميم لا مادية الإجراءات والمساطر القانونية والقضائية، والتقاضي عن بعد،  باعتبارها وسائل فعالة تسهم في تحقيق السرعة والنجاعة… مع الحرص على تقعيدها قانونيا، وانخراط كل مكونات منظومة العدالة في ورش التحول الرقمي..” انتهى الخطاب الملكي السامي.
[2] قامت الحكومة بتدارس مشروع مرسوم القانون رقم 292/20/2 المتعلق بحالة الطوارئ الصحية يوم 22/3/2020 المقدم في إطار الفصل 81 من الدستور، والذي تم التصويت عليه في البرلمان يوم 23/3/2020  وصدر في الجريدة الرسمية يوم 24/3/2020 تحت رقم 6867 مكرر.
([3])  هادي حسين الكعبي ونصيف جاسم محمد الكرعاوي "مفهوم التقاضي عن بعد ومستلزماتهمجلة المحقق الحلى للعلوم القانونية، العدد الأول، السنة الثامنة، 2016،  ص 313 ومابعدها.
([4])  القرار رقم A/RES/51/162، الجمعية العامة للأمم المتحدة، http://www.un.org/arabic/documents/GARes/51
([5])القانون النموذجي بشأن التجارة الالكترونية على الخط :https://www.uncitral.org
([6])القانون النموذجي بشأن التوقيعات الالكترونية على الخط :https://www.uncitral.org
([7])نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية  على الخط: http://www.un.org/arabic/documents/basic/rome_statute.pdf
([8])فاروق محمد صادق الأعرجي،المحكمة الجنائية الدولية نشأتها وطبيعتها ونظامها الأساسي، دار الخلود،لبنان، 2012،ص 252 .
([9]) Heinz Tschabitscher , "What is Email?"، www.lifewire.com, Retrieved 17-3-2018. Edited.
([10])اسم إنترنت في الإنجليزية (بالإنجليزية: Internet) يتكون من البادئة inter التي يعني "بين" و كلمة net التي تعني "شبكة"، أي "الشبكة البينية" و الاسم دلالة على بنية إنترنت باعتبارها "شبكة ما بين الشبكات" أو شبكة من شبكات" (بالإنجليزية: a network of networks) أو (بالإنجليزية: interconnected networks)، و مع هذا فقد شاعت خطأ في وسائل الإعلام العربية تسمية "الشبكة الدولية للمعلومات" ظنا أن المقطع inter في الاسم هو اختصار كلمة "international" التي تعني "دولي".
وكما يدل اسمها فإن شبكة إنترنت هي شبكة ما بين عدة شبكات تدار كل منها بمعزل عن الأخريات بشكل غير مركزي و لا تعتمد أيا منها في تشغيلها على الأخريات، كما قد تستخدم في كل منها داخليا تقنيات حاسوبية وشبكية مختلفة، و ما يجمع بينها هو أن هذه الشبكات تتصل فيما بينها عن طريق بوابات تربطها ببروتوكول مشترك قياسي هو بروتوكل إنترنت.
          ومع هذا ففي العصر الحالي تستخدم الغالبية العظمى من الشبكات المكونة لإنترنت بروتوكول إنترنت داخليا، وذلك بسبب ميزات تقنية فيه و بسبب الخبرة المتراكمة في تشغيله و صيانته، و كذلك بسبب شيوع العتاد وأنظمة التشغيل الذي تطبق هذا البروتوكول و تدعمه مبدئيا.
([11])  خالد ممدوح ابراهيم، التقاضي الالكتروني: الدعوى الالكترونية وإجراءاتها أمام المحاكم، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2008، ، ص 59.
([12])Melanie Pinola ، "Understanding Wi-Fi and How it Works"، www.lifewire.com, Retrieved 23-6-2018. Edited.
([13])  آنظر : صفاء أوتاني، "المحكمة الالكترونية- المفهوم والتطبيق"، مجلة جامعة دمشق للعلوم الإقتصادية والقانونية، المجلد 28، العدد الأول، 2012، ص 166 ومابعدها.
([14])  إن من بين أهم توصيات المؤتمر الدولي، المنعقد في القاهرة في الفترة من 2-4 حزيران، حث الدولة على إنشاء كيان دولي يساعد على التنسيق بين الجهات الحكومية، ومؤسسات المجتمع المدني لملاحقة المجرمين أينما كانوا، ولضمان نشر التعامل الآمن مع الشبكات الدولية، وذلك عن  طريق إنشاء محكمة الكترونية مستقلة للبت في التجاوزات والجرائم الالكترونية.آنظر: المرجع نفسه، ص 173.
([15]) هادي حسين الكعبي ونصيف جاسم محمد الكرعاوي، المرجع السابق، ص 296.
 ([16])حازم محمد الشرعة، التقاضي الالكتروني والمحاكم الالكترونية، دار الثقافة ، الأردن،2010،ص62.
([17])  در الأمر بها من القاضي إلى مجموعة من الموظفين المتخصصين بالعمل الحاسوبي المعلوماتي.بعد قيامهم بتحضير المتداعين أو وكلائهم ومباشرة المحاكمة، ويتم تدوينها الكترونياً بالصوت والصورة، بحيث يستمع القاضي المعلوماتي لأقوالهم ومرافعاتهم ودفاعاتهم وكذلك الاتصال بالموظفين، والاستفسار منهم بما يتعلق بالأمور الإدارية والإجرائية المتعلقة بالدعاوى مع استمرار عملية التصوير والتي تنقل إلى موقع الدائرة المعلوماتية القضائية وبيان مضمونها للخصوم ضمن هذا النظام.
([18])صفاء أوتاتي،  "المحكمة الالكترونية- المفهوم والتطبيق"، مجلة جامعة دمشق للعلوم الإقتصادية والقانونية، المجلد 28، العدد الأول، 2012،، ص 176 ومابعدها.
([19])  محمد محمد الألفي،"المحكمة الإلكترونية بين الواقع والمأمول"، مؤتمر الحكومة الإلكترونية السادس "الإدارة العامة الجدیدة والحكومة الإلكترونية" دبي - دولة الإمارات العربية المتحدة، 9- 12 دیسمبر2007، ص 19.
([20]) سنقوم بإدراج بعض الشروط المدونة في  بنود البروتوكول الإضافي للاتفاقية الأوروبية للمساعدة القضائية المتبادلة في المسائل الجزائية، التي تم التوقيع عليه في ستراسبورغ في 08/11/2001، ودخلت حيز التنفيذ 01/02/2004، على اعتبار أن هذه التقنية وليدة مكافحة الفساد والجرائم على المستوى الدولي، والتي اعتنقتها الدول من أجل تسهيل عملية  التحقيق والتقاضي على المستوى الدولي.
([21])  « La Partie requise consent à l'audition par vidéoconférence pour autant que le recours à cette méthode ne soit pas contraire aux principes fondamentaux de son droit et à condition qu'elle dispose des moyens techniques permettant d'effectuer l'audition.», Voir : le contenu du «  Projet de 2ème Protocole Additionnel à laConvention Européenne d'entraide judiciaire en matière pénale » en ligne : https://rm.coe.int/09000016804f87db
([22]) « Si la Partie requise ne dispose pas des moyens techniques permettant une vidéoconférence, la Partie requérante peut les mettre à la disposition de la Partie requise avec l'accord de cette dernière.»
 ([23])سالم عمر، الإنابة القضائية الدولية في المسائل الجنائية، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، مصر، 2001، ص 197.
([24]) « Si une personne qui se trouve sur le territoire d'une Partie doit être entendue comme témoin ou expert par les autorités judiciaires d'une autre Partie, cette dernière peut demander, s'il est inopportun ou impossible pour la personne à entendre de comparaître en personne sur son territoire, que l'audition ait lieu par vidéoconférence, conformément aux paragraphes 2 à 7.  »
([25]) سالم عمر، مرجع سابق، ص 193.
[26] - خالد إبراهيم ممدوح: " إجراءات التقاضي عن بعد في المواد المدنية والجزائية" ط1، سنة : 2019 دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، ص: 16

أحدث أقدم