تعرف على الفرق بين المسؤولية المدنية والمسؤولية الجنائية

تعرف على الفرق بين المسؤولية المدنية والمسؤولية الجنائية


التعريف بالمسؤوليتين المدنية والجنائية :

اذا كان الوضع في الوقت الحاضر قد استقر على أن لكل من المسؤوليتين المدنية والجنائية نطاقا خاصا بها  و أحكاما تميز احداهما عن الاخرى ، فان الامر لم يكن كذلك لدى معظم التشريعات القانونية القديمة ، فلم تظهر بوادر الفصل بين المسؤوليتين عند الرومان سوى في ظل قانون الالواح الاثني عشر الذي فصل بين الجرائم الخاصة التي تستتبع التعويض و الجرائم العامة التي تستوجب الزجر والعقاب . وعند صدور قانون اكيليا فان الاتجاه التشريعي انصرف الى حصر قائمة بعض  الجرائم الذي يلزم فيها مرتكب هذه الافعال باداء غرامة او تعويض من نوع خاص وهكذا فان من قتل العبيد او الماشية او تسبب في جرحها فانه يتوجب عليها اداء اعلى قيمة بلغها العبيد او الماشية في ذلك العام ...  واستمر الحال على هذه الوتيرة في ظل القرون الوسطى الى ان تم الفصل بين المسؤوليتين المدنية و الجنائية وذلك في النصف الثاني من القرن الثامن عشر , الا انه بالرغم من هذه الازدواجية في انظمة المسؤولية الجنائية والمدنية فان معالم التفرقة بينهما تظل غير واضحة .
اما عن مفهوم المسؤولية الجنائية فهي تعني تحميل الشخص لتبعات افعاله الجنائية المجرمة بمقتضى نص في القانون كالقتل او السرقة او خيانة الامانة او الاختلاس مثلا وانطلاقا من هذا المعنى فان المسؤولية الجنائية ترتبط ارتباطا وثيقا بالعقاب ولا تنفصل عنه ونظرا لخطورة الافعال الجنائية و مساسها بالنظام العام فان العقوبات التي حددها المشرع غالبا ما تكون صارمة تتراوح بين العقوبات والغرامات الزجرية والعقوبات السالبة للحرية و قد تصل الى حد الاعدام في بعض الحالات الخاصة .
وعلى عكس المسؤولية الجنائية التي تترتب على ارتكاب المجرم لأفعال محظورة تضر بالمجتمع فان المسؤولية المدنية لها نطاق ضيق اذ انها تهدف الى حماية مصلحة خاصة يملك المضرور امكانيات واسعة للتنازل عن حقه في التعويض كلا او جزءا لا فرق في ذلك بين ان يكون الضرر ناتجا عن الاخلال بالتزام عقدي او التزام تقصيري . فالمسؤولية المدنية اذا تعني الزام المسؤول باداء التعويض للطرف المضرور في الحالات التي تتوافر فيها شروط هذه المسؤولية فهي لا تحمل معنى الردع الذي تنطوي عليه المسؤولية الجنائية و انما تفيد معنى جبر الضرر الذي تسبب فيه الشخص المسؤول .

عناصر التفرقة بين المسؤوليتين المدنية والجنائية :

بالرغم من ارتباط المسؤوليتين المدنية والجنائية بمجموعة من الأحكام المشتركة بضعها يتعلق بشروط تحقق هاتين المسؤوليتين والبعض الآخر بتعلق بالاثار القانونية المترتبة عنهما الا ان ذلك لا يحول دون ابراز نقاط  الاختلاف التي تميز بين هذين النوعين من المسؤولية والتي نجملها فيما يلي  :

  • تنشأ المسؤولية الجنائية عن اقتراف المجرم للأفعال المحظورة بمقتضى فصول القانون الجنائي اذ ان المبدأ هو انه لا جريمة ولا عقوبة الا بنص اما بخصوص المسؤولية المدنية فانها تتربت على الاخلال بالالتزامات و الواجبات التي يفرضها مبدأ التعايش الاجتماعي سواء كان منصوصا عليها في بنود قانونية او كانت مستخلصة من المبادئ العامة التي تحتم احترام حقوق الغير وعدم الاضرار بها . 
  • باعتبار ان الدعوى الجنائية تقوم على انتهاك المجرم للحق العام ، لذلك فانه لا يحق للطرف المضرور التنازل عن مقتضيات الدعوى العمومية بمحض ارادته لانها ليست ملكه و انما هي حق خالص للمجتمع الذي تمثله النيابة العامة ، وعلى العكس من ذلك فان للمضرور كامل الحرية في التنازل عن مطالبه المدنية لتعلق ذلك بمصلحته الشخصية لا فرق في ذلك بين التنازل الحاصل من قبل المحاكمة او الذي يحدث بعدها .
  • نظرا لخطورة الافعال الجنائية فان الجزاء المترتب عنها يتمثل في مجموعة من العقوبات الصارمة كالسجن والمصادرة والغرامات التي تأخد طابعا زجريا ، اما عن الجزاء المدني فهو ينحصر في التعويض الذي تراه المحكمة مناسبا لجبر الضرر الذي احدثه الشخص المسؤول . 
  • يمكن للدعوى المتعلقة بالمطالبة المدنية ان تكون تابعة للدعوى العمومية وليس العكس ، فاذا نتج عن الفعل الواحد دعويان احداهما جنائية والاخرى مدنية كالضرب والجرح المسبب لعاهة بالمضرور فان هذا الاخير له الحق في رفع دعوى المطالبة المدنية الى المحكمة الزجرية وذلك في شكل دعوى مدنية تابعة للدعوى العمومية كما ان له الخيار في رفعها بطريقة مستقلة الى المحكمة المدنية .
  • و أخيرا فان لكل من الدعوى المسؤولية الجنائية و دعوى المسؤولية المدنية تقادما مستقلا يختلف من حالة لاخرى فالدعوى الجنائية تتقادم بمرور 15 سنة من يوم اقتراف الفعل بالنسبة للجنايات و 4 سنوات بالنجسبة للجنح وسنة للمخالفات . اما بخصوص الدعاوي المدنية فان تقادمها يختلف باختلاف ما اذا كانت عقدية او تقصيرية ( الفصلين 106 و 387 ق.ل.ع )
أحدث أقدم