التدخل الإرادي في منازعات العقار في طور التحفيظ، ما بين الأصل والاستثناء




                                                              الأستاذ: الحسن اولياس
 باحث في العلوم القانونية و الإدارية

  تمهيد:

         يستوجب رفع الدعوى ، تقديم مقال مستوف للشكليات المتطلبة قانونا، وأداء الرسم القضائي عليه-ما لم يكن معفى من ذلك-ووجود طرفين هما المدعي والمدعى عليه (تحديد أطراف الخصومة)، وتوفر شروط التقاضي فيهما معا، وتعيين المطالب المراد الحكم وفقها، تعيينا نافيا للجهالة، كما يصطلح على ذلك في الفقه الإسلامي، وسند ذلك الفصول 1 و5 و32 من من قانون المسطرة المدنية، إذ لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة والأهلية والمصلحة للترافع أمام القضاء،  كما أن تقديم الدعوى يجب ان يتم ضمن إطار قانوني صحيح عن طريق تقديم عريضة متضمنة لبيانات الأطراف وتحديد موضوع الادعاء، وذكر الوقائع والموجبات القانونية التي يبني عليها المدعي مطالبه، إضافة إلى تدعيم المقال بالسندات والوثائق المثبتة للحق، دون أن إغفال  توفر عنصر حسن النية في التقاضي...
        غير أن الدعوى بمفهومها الدال على المطالبة بالحق أمام القضاء، لا تتجمد من حيث أطرافها على أول صورة قدمت وفقها، بل إنها تتطور خلال  سريان  ومتابعة إجراءاتها  أمام المحكمة المعنية ، فيخرج منها خصوم إما لتنازلهم أو لاعتبارهم أطراف غير معنيين بها...، ويدخل خصوم آخرون باعتبار أن رافع تلكم الدعوى لم يعمد إلى إدخالهم منذ أول مرة لسبب أو لأخر،  ولعل هذا الأمر يعد من حسنات التقاضي ، تماشيا أو أخدا بعين الاعتبار ركن الصفة في التقاضي، فلا يمكن الحكم وفق طلبات المدعي وهو غير ذي صفة في التقاضي، كما انه من غير العدل والإنصاف الحكم على مدعى عليه لا يتوفر على الصفة،( وهو ما يعبر عنه قانونا بتوجيه الدعوى من قبل غير ذي صفة أو توجيهها ضد غير ذي صفة) .
        وبالإضافة لما تقدم أيضا، ومن زاوية أخرى، لا يمكن حرمان أي شخص من التدخل للدفاع عن حقوق له، في نزاع معروض أمام القضاء لم يكن طرفا فيه، لان القول بخلاف ذلك فيه ضرب لمبادئ العدالة والإنصاف في حق المتدخل، ومن الممكن أن تهدر حقوق الاغيار بمجرد عدم إدخالهم في الدعوى من قبل المدعي أو طلب إدخالهم من قبل المدعى عليه أو المحكمة نفسها إذا تبين لها أن الأمر يستدعي ذلك.
        ولعل من حسنات هذا التدخل أيضا، تجنب إقامة أكثر من دعوى في موضوع واحد، بشكل يكفل تقليص عدد الدعاوى الكثيرة التي تثقل كاهل المحاكم، إضافة إلى توفير الوقت ودراسة الدعاوى والحسم فيها ضمن إطار وسقف زمني محدد،مع الأخذ بعين الاعتبار صدور حكم ملزم للمدعي والمدعى عليه والمتدخل في الدعوى في آن واحد.
      اعتبارا لذلك ، وانطلاقا مما سبق سياقه، فان التدخل الإرادي في الدعوى، هو طلب شخص من الغير أن يصبح طرفا في دعوى قائمة، يقدم عن طريق دعوى مستوفية لشروطها القانونية من ذي صفة ومصلحة، ويلتمس من خلالها طلبات محددة...
       ومن المعلوم أن التدخل إما أن يكون انضماميا، أي لمؤازرة أحد أطراف الدعوى فقط ومساندته للحصول على حقه أمام القضاء، أو تدخلا اختصاميا، وهو الحالة التي يطلب فيها المتدخل حقا لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى.
       وفي إطار القانون المقارن،نجد أن المشرع  السوري أجاز التدخل، " لمن يطلب الانضمام إلى أحد الخصوم، أو لمن يحق له سلوك تعرض الغير الخارج عن الخصومة"، و أباح  القانون المصري التدخل ألانضمامي على اعتبار أن المتدخل يقتصر على الانضمام لأحد الخصمين، ولا يطالب بحق ذاتي لنفسه.
      وبالنسبة للمشرع المغربي، و بالرجوع إلى قانون المسطرة المدنية، نجد أن هذا الأخير نظم التدخل الإرادي في الدعوى بموجب الفصل 111 منه، الذي ينص على ما يلي:" يقبل التدخل الإرادي ممن لهم مصلحة في النزاع المطروح".
      كما أن المشرع المغربي ربط مؤسسة التدخل الإرادي في الدعوى، بطريق من طرق الطعن ألا وهو تعرض الغير الخارج عن الخصومة، حينما نص في الفصل 144 من قانون المسطرة المدنية، على انه: " لا يقبل أي تدخل إلا ممن قد يكون لهم الحق في أن يستعملوا التعرض الخارج عن الخصومة"
      هذا، وقد ثار نقاش وجدل قانونيين حول المرحلة القضائية التي يجوز فيها تطبيق مقتضيات هذا الفصل وبعبارة أخرى هل يجوز التدخل الإرادي في الدعوى خلال المرحلة الاستئنافية فقط اعتبارا لكون تنصيصات هذه المؤسسة القانونية وردت في الباب الرابع من القسم الثالث من قانون المسطرة المدنية الذي نظم القواعد والإجراءات أمام محكمة الاستئناف،بشكل دفع بالبعض إلى القول انه لا يحق سلوك هذه المسطرة إلا أمام محاكم الاستئناف ، أم انه مقبول حتى خلال المرحلة الابتدائية.
     مهما يكن من أمر، فان مبادئ العدالة والإنصاف وصون حقوق الأطراف أمام القضاء بصورة عامة،  تقتضي قبول التدخل الإرادي في أية مرحلة متى توافرت شروطه وموجباته، بل إن محكمة النقض نفسها وباعتبارها اعلي جهة قضائية في البلاد،  قضت في قرار صادر عنها في الملف عدد7202/85، بأنه يقبل التدخل الإرادي لأول مرة أمامها من طرف شريك لم يتم استدعاؤه في أي طور من أطوار الدعوى ، الرامية إلى إجراء قسمة بتيه في عقار.
      وبالتالي، فان عنصر المصلحة أو المطالبة بحق في موضوع النزاع المعروض على المحكمة، هو شرط ضروري وجوهري يتعين توفره في حق أي من الغير يطالب بحقوق ما على نزاع معروض أمام القضاء ليس بطرف فيه.
     وإذا كان الأمر كذلك، بالنسبة للدعاوى بصورة عامة التي يؤطرها الفصل 111 من قانون المسطرة المدنية المتحدث عنه، فهل تطبيقات هذا الفصل تجد لها إطارا وتطبيقا لها في المنازعات المتعلقة بالتحفيظ العقاري، وبعبارة اصح هل يجوز التدخل الإرادي في النزاعات المرتبطة بالعقار في طور التحفيظ والمعروضة على أنظار المحاكم المختصة للبت فيها، وهل يمكن في هذا الإطار تطبيق مقتضيات قانون المسطرة المدنية باعتبارها الشريعة العامة أم يتعين التقيد بما تمليه نصوص ظهير 12 غشت1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري المغير والمتمم بالقانون 07/14.
     في محاولة لدراسة الموضوع و الإحاطة به من كافة جوانبه، سيتم تقسيم هذا البحث إلى محورين: الأول سيتم التطرق فيه للحديث عن أطراف الدعوى في مادة التحفيظ العقاري والمرحلة التي يتم فيها تحديد مراكزهم القانونية، على أن يتم التطرق بعد ذلك للحديث عن إمكانية التدخل الإرادي من قبل الغير في منازعات التحفيظ، والحالات التي يكون فيها هذا التدخل مقبولا، و سيتم اغناء الدراسة باجتهادات قضائية في الموضوع، مع أخر مستجد لها على صعيد محكمة النقض، دون إغفال الإبداء ببعض الملاحظات وبوجهة نظرنا في الموضوع.

المبحث الأول:المنازعة في التحفيظ ( أطراف الدعوى، وتحديد المراكز القانونية)

      إذا كانت الدعوى في القضايا العادية وكما سلف الذكر أعلاه، ترفع بمقال مكتوب أمام المحكمة المختصة ووفق الشكليات القانونية المتطلبة، فانه بالنسبة لدعوى التحفيظ نجد أن كلا من موضوعها و أطرافها يحددان خلال المرحلة الإدارية للمسطرة و أمام المحافظ على الأملاك العقارية و الرهون.
        وفي هذا الإطار، جاء في قرار صادر عن محكمة النقض:" التعرض دعوى يحدد موضوعها أمام المحافظ، ويوضح المتعرض حدود ومدى تعرضه، وتبت فيها المحكمة كما أحيلت عليها".( قرار عدد 2804 بتاريخ05 يوليوز2000، الملف المدني عدد 2251/1/1997، منشور بكتاب قضاء المجلس الأعلى في التحفيظ، من سنة1991 إلى سنة2002، للأستاذ عبد العزيز توفيق، ص74 وما بعدها).
     و ورد في قرار أيضا :" التعرض هو دعوى يحدد موضوعها أمام المحافظ على الأملاك العقارية وان المحكمة تبت فيما يخص وجود ومدى الحق المدعى به من طرف المتعرض ، وان ذلك لا يمنع قضاة الموضوع من فحص الرسوم المستدل بها من لدن الأطراف ليقارنوا بين قوة إثبات كل رسم...."( القرار عدد1473، بتاريخ16/04/2008، في الملف عدد 1314/1/1/2006).
      وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي، تطرق إلى تنظيم التعرض العادي في صريح المادتين  24 و27 من ظهير التحفيظ العقاري، إذ ورد بالمادة 24 ما يلي:
" يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ خلال أجل شهرين يبتدئ من يوم نشر الإعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية إن لم يكن قام بذلك من قبل وذلك:
1-في حالة المنازعة في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو بشأن حدود العقار؛
2-في حالة الادعاء باستحقاق حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع تأسيسه؛ ..............".
      وأضافت المادة27 التالي:
" لا يقبل أي تعرض باستثناء ما هو منصوص عليه في الفصل29 بعد انصرام اجل قدره شهران يبتدئ من تاريخ نشر الإعلان المذكور في الفصل23 من هذا الظهير بالجريدة الرسمية"
     كما تناول المشرع أيضا تنظيم مؤسسة التعرض الاستثنائي من خلال المادة29 من نفس القانون، التي جاء فيها:
" بعد انصرام الأجل المحدد في الفصل 27 أعلاه، يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية، ولو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق، شريطة إلا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية".
   اعتبارا لهذه المعطيات ، وما دام التعرض على مطلب التحفيظ هو الإجراء الذي يترتب عليه إحالة الملف على المحكمة للبت في النزاع، فان هذه الأخيرة ملزمة بالبت في حدود ذلكم الإجراء، وبعبارة اصح فان اختصاصها منحصر في البت في صحة أو عدم صحة التعرض على مطلب التحفيظ لا غير، ودون أن تتعدى ذلك للنظر في أمور أخرى.
ولعل هذا الأمر هو ما كرسه المشرع، في نص المادة37 من ظهير 12 غشت1913، المتعلق بالتحفيظ العقاري، المغير والمتمم بالقانون07/14، حيث جاء في هذه المادة:
"......................
و تبت المحكمة في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين ونوعه ومحتواه ومداه، وتحيل الأطراف قصد العمل بقرارها على المحافظ الذي له وحده النظر في قبول طلب التحفيظ أو رفضه كلا أو بعضا...................."
     كما أن هذا المعطى،  هو ما تزكى من خلال عدة قرارات صادرة عن محكمة النقض منها على سبيل المثال فقط:
- القرار عدد 2523 بتاريخ 13/06/2000 في الملف المدني عدد 1642/1/99، ( منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى في التحفيظ العقاري90-02، لعبد العزيز توفيق، ص72 وما يليها).
- القرار عدد 2415 بتاريخ 07/06/2000، في الملف المدني 574/98، منشور بنفس المرجع السابق، ص 70 وما بعدها.
    انطلاقا مما سبق سياقه ، يتضح ويتجلى  أن مسطرة تحفيظ عقار أو حق عيني معين ، إن لم تكن أصلا موضوع أي تعرض عادي أو استثنائي، فلا يمكننا الحديث فيها  إطلاقا عن المرحلة القضائية ، لان التعرض هو الإطار الأساسي الذي يتولد عنه نزاع التحفيظ وهو المؤسسة التي على أساسها تنقل الخصومة من مرحلتها الإدارية إلى مرحلتها القضائية ،  يكون القضاء فيها هو المؤهل للبت في موضوع صحة الحق أو الحقوق المتعرض عليها ضد مطلب التحفيظ من عدم ذلك.  
     وبعبارة اصح، فان من نتائج التعرض على عملية التحفيظ، فرز نزاع حول استحقاق العقار أو الحق العيني موضوع طلب التحفيظ، وبمجرد التعرض تتحدد أطراف الدعوى في المسطرة، إذ يتضح المدعي (الذي هو المتعرض)، من المدعى عليه (طالب التحفيظ)، وحينئذ يحال النزاع على المحكمة للفصل في الحقوق المتنازع عليها.
      غير انه أثناء إحالة النزاع وفق ما تم سياقه، هل يجوز للغير الذي لم يكن لا بطالب تحفيظ ولا متعرض، ان يتدخل في الدعوى للمطالبة بحق له على المتنازع حوله، وبعبارة أدق هل يجوز التدخل الإرادي في الدعوى بالنسبة لمنازعات التحفيظ العقاري، وان كانت الإجابة بنعم، فما هي الحالات التي يقبل فيها هذا التدخل.

المبحث الثاني:التدخل الإرادي في نزاعات التحفيظ العقاري بين الأصل والاستثناء

        سبقت الإشارة آنفا، إلى كون أطراف الدعوى تتحدد في مسطرة التحفيظ، بدءا من التعرض على مطلب التحفيظ خلال المرحلة الإدارية وداخل الأجل العادي أو الاستثنائي، وبمرور هذا الأجل يقفل باب التعرض ويصبح غير ذي موضوع ممن تقدم به.
           وهذا معناه، أن كل من لم يتقدم بطلب للتحفيظ، أو لم يبادر إلى تقديم تعرض ضده، فانه يصبح عديم الصفة بعد ذلك للمطالبة بعقار أو حق عيني موضوع النزاع ، ولو كان يملك حقا فعلا  وكنتيجة حتمية لذلك لا يقبل تدخله في النزاع أثناء عرض الملف على المحكمة المختصة للبت فيه، لسبب بسيط هو انعدام صفته القانونية في التقاضي بعدما فاتته فرصة طلب التحفيظ أو التعرض وسقوط حقه في المطالبة ، ولو كان فعلا ومن الناحية الواقعية للعقار أو الحق العيني المعني.
    وفي هذا الإطار، صدرت عدة أحكام وقرارات تسير في هذا المنحى، على النحو التالي:

1-    على صعيد محكمة النقض:

·        القرار عدد2392 بتاريخ 04/07/2007، في الملف المدني عدد 2700/1/1/2005، الذي جاء فيه:
" ...حيث أن الطاعنة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لم يسبق لها أن تعرضت على مسطرة التحفيظ حتى يمكن أن تكون طرفا في النزاع.كما ان مقال التدخل الذي تقدمت به في مرحلة ما قبل النقض، قررت محكمة الاستئناف رفضه بمقتضى قرارها رقم265 الصادر بتاريخ 18/07/2001، والذي لم تطعن فيه بالنقض، مما تصبح مقتضياته نهائية بالنسبة لها ، وبالتالي فان النزاع بعد النقض لم تكن طرفا فيه، مما تنعدم معه صفتها في الطعن الحالي ، وبالتالي التصريح بعدم قبوله"
·        القرار عدد2057 بتاريخ 28/05/2008، في الملف المدني عدد 1458/1/1/2007، الذي جاء فيه:
"لكن، حيث انه بمقتضى الفصل37 و43 من ظهير التحفيظ، انما تبت المحكمة في وجود الحق المتعرض به، ومداه وبالتالي فان مسطرة البت في التعرض على مطلب التحفيظ، نظمها ظهير12 غشت1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري، الذي لم ينص على جواز تدخل الغير في المدعي، خاصة وان النزاع في مسطرة التحفيظ العقاري ينحصر بين طالب التحفيظ والمتعرض لا غير، وبالتالي لا تطبق قواعد قانون المسطرة المدنية إلا إذا نص الظهير المذكور على إحالة صريحة بخصوص ذلك، مما يكون معه القرار غير خارق للمقتضى المحتج به، والسبب على غير أساس"
·        القرار عدد432 بتاريخ 27/01/2010، في الملف المدني عدد 3873/1/1/2008، الذي جاء فيه:
" ...لكن ردا على السبب أعلاه، فان التدخل الإرادي غير جائز، في مسطرة التحفيظ العقاري كما نظمها ظهير12/08/1913، وان القرار المطعون فيه حين علل بان:' المستأنفة لم تتعرض على المطلبين واكتفت بالتدخل اختياريا أمام المحكمة بعد إحالة الملف عليها من المحافظة العقارية . وان المحكمة ملزمة بالنظر في التعرضات المحالة عليها من طرف المحافظ دون غيرها، وهو ما اعتمده الحكم الابتدائي عندما قضى بعدم قبول التدخل الاختياري، فانه يكون بهذا التعليل المنتقد من الطاعنة قد رد ضمنيا على جميع دفوعها المثارة أعلاه، فجاء بذلك معللا ومرتكزا على أساس، والسبب بالتالي غير جدير بالاعتبار".
·        القرار عدد998 بتاريخ 02/03/2010، في الملف المدني عدد 2749/1/1/2008، الذي جاء فيه:
" لا مجال للاحتجاج في قضايا التحفيظ العقاري بخرق الفصل 111 من قانون المسطرة المدنية، مادام النزاع فيها يتعلق بمسطرة التحفيظ العقاري والتي ينظمها قانون خاص وهو ظهير 12 غشت1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري، وهذا القانون لا يسمح للغير بالتدخل في الدعوى".
·        القرار عدد1103 بتاريخ 09/03/2010 في الملف المدني عدد 2844/1/1/2008، الذي جاء فيه:
" لكن ردا على الوسيلة ، فانه فضلا عن ان القرار لم يقض بشيء، لفائدة المتدخلين ضد الطاعن ، فانه أجاب عن الدفع المذكور حينما علل بأنه:" بخصوص مقال التدخل الإرادي فانه من القواعد العامة ان المحكمة لا تبث إلا في التعرضات المحالة عليها من طرف المحافظ دون غيرها من الطلبات وان مسطرة التحفيظ هي الواجبة الإتباع ولا تطبق قواعد المسطرة المدنية، مما تكون معه الوسيلة خلاف الواقع"
·        القرار عدد 5088 بتاريخ 22/11/2011، في الملف المدني عدد 3495/1/1/2009، جاء فيه:
" لكن ردا على الوسيلتين معا لتداخلهما، فان المحكمة لم تبت في الموضوع، وإنما اقتصرت على البت في الشكل فقط، وقضت وعن صواب بعدم قبول مقال التدخل الاختياري في الدعوى بعلة " انه بمقتضى الفصل24 من ظهير التحفيظ العقاري، فان جميع الحقوق المدعى بها بشان العقار موضوع مطلب التحفيظ، ينبغي ان تصاغ في شكل تعرضات ومن تم فان مسطرة التدخل المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية، لا تجد مجالا لتطبيقها في النازلة"، فانه نتيجة لما ذكر كله يكون القرار معلل ومرتكزا على أساس قانوني ، والوسيلتان معا بالتالي غير جديرتين بالاعتبار".

2-    على صعيد محاكم الموضوع:

·        قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 22/05/1988 في الملف عدد 262، جاء فيه:
" إن مسطرة التدخل.... غير مقبولة في مسطرة التحفيظ العقاري، التي لا تخضع لمقتضيات قانون المسطرة المدنية، ما عدا في الأحوال المنصوص عليها فيها صراحة( منشور بمجلة المحاكم المغربية، عدد48 ص110 وما يليها).
   غير أن التدخل الإرادي في دعوى منازعات التحفيظ العقاري، يكون جائزا، وحسب بعض الحالات المقررة بموجب العمل القضائي منها:
      - أن التدخل الإرادي جائز، متى كان الهدف منه مؤازرة أحد أطراف الدعوى أمام المحكمة، إما طالب التحفيظ أو المتعرض، بمعنى أن المتدخل هنا لا يطالب بحق معين على العقار،  وإنما فقط مساندة طالب التحفيظ أو المتعرض في ادعاءاته ليس إلا.
- كما أن التدخل الإرادي أيضا، مقبول تقديمه من قبل ورثة المتوفى، طالبا للتحفيظ كان أو متعرضا.
ويمكن في هذا المقام، الاستشهاد بقرارات صادرة عن محكمة النقض بالخصوص:
·        القرار عدد2639 بتاريخ 13 نونبر1985، في الملف عدد 74015، الذي جاء فيه:
" إن التدخل في مسطرة التحفيظ، غير مسموح به، إلا إذا كان لتأييد أحد أطراف الدعوى".
·        القرار عدد 144/8 بتاريخ 03/03/2015، في الملف المدني عدد 5036/1/8/2014، الذي جاء فيه:
" ..حيث صح ما عابه الطاعنان على القرار المطعون فيه، ذلك أن المحكمة مصدرته ردت تدخلهما بعلة أن " أطراف دعوى التحفيظ هما طالبا التحفيظ والمتعرض، وكون ظهير 12/08/1913، اوجب للمطالبة بالملك إثارة التعرض ولم يجز، التدخل في النزاع بعد إحالته على المحكمة، " في حين، أن الطاعنين وان كانا قد أدليا بمقال التدخل الإرادي في الدعوى خلال المرحلة الابتدائية، فان تدخلهما لم يكن على أساس أنهما أجنبيين عن مسطرة التحفيظ، وإنما باعتبارهما خلفا للمتعرض.....حسب اراثة هذا الأخير، المدلى بها ابتدائيا، غير أن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه، لم تعتبر تدخلهما على الأساس المذكور، فجاء قرارها غير مرتكز على أساس، مما عرضه للنقض والإبطال...."

خاتمة واستنتاجات:

    من خلال ما سبق سياقه، يلاحظ أن كافة الاجتهادات القضائية المستدل بها تعزيزا لمضمون هذه الدراسة، لا تخرج في قواعدها الثابتة عن كون التدخل الإرادي في نزاعات التحفيظ العقاري (العقار في طور التحفيظ)، غير جائز من قبل الغير الذي يدعي حقوقا على المتنازع حوله، باعتباره ليس لا بطالب تحفيظ ولا بمتعرض ولعلة بسيطة تكمن في كونه عديم الصفة.
      فحالة التدخل الإرادي من قبل الغير لمؤازرة أحد الأطراف، لا تخرج في مضمونها عن فحوى النزاع الأصلي بين طالب التحفيظ والمتعرض إلا وهو التصريح بعدم صحة التعرض من عدمه، ولا تضيف إليه جديدا اللهم مؤازرة المتدخل لطرف في مواجهة الأخر.
      كما أن حالة التدخل الإرادي من قبل ورثة أحد الأطراف بعد وفاته، (طالب التحفيظ أو المتعرض)، إنما هي حالة من حالات تصحيح المسطرة بعد الوفاة، فإذا كان تصحيح هذه الأخيرة يستوجب تقديم مقال إصلاحي أمام المحكمة، فان مقال التدخل الإرادي في نزاع التحفيظ من قبل ورثة طالب التحفيظ أو المتعرض بعد وفاته، ينتج نفس آثار مسطرة التصحيح، سواء من حيث شكليات تقديم المقال أو الآثار المترتبة عن المطالب المضمنة به.
      

المراجع المعتمدة:

-         ظهير التحفيظ العقاري والعمل القضائي المغربي: ذ/ محمد بفقير، سلسلة القانون والعمل القضائي المغربيين.
-         قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي المغربي: ذ/ محمد بفقير، سلسلة القانون والعمل القضائي المغربيين.
-         التحفيظ العقاري في ضوء التشريع العقاري وقضاء محكمة النقض، للدكتور عمر ازوكار، الطبعة الأولى، سنة2014
-         الوجيز في القانون القضائي الخاص، للدكتور الطيب الفصايلي، الجزء الثاني، طبعة1993.
-         خصوصيات مسطرة التحفيظ العقاري في المرحلة القضائية، دراسة على ضوء الاجتهاد القضائي، دراسة منشورة بمجلة المنبر القانوني، العدد2 و3، ابريل واكتوبر2012، ذ/ الحسن اولياس.
-         التدخل في الدعوى المدنية، ذ/ فارس علي عمر، كلية الحقوق، جامعة الموصل، دراسة منشورة في مجلة الرافدين للحقوق، المجلد11، العدد41، سنة2009.
-         اجتهادات قضائية غير منشورة.
أحدث أقدم