المسطرة الجنائية مقدمة و تعديلات



يجمع القانون الجنائي في شقه الموضوعي، مجموعة القواعد القانونية التي تحدد صور الجريمة في شكل سلوك إيجابي "فعل يمنع القانون القيام به"، أو في شكل سلوك سلبي، "امتناع عن تنفيذ ما يأمر به القانون"، والجزاء المقرر على مخالفته.
وهذه القواعد في مجموعها تشكل إنذارا موجها للكافة بالامتثال لأوامرها ونواهيها، تحت طائلة تطبيق الجزاء المقرر فيها، وحين تقع مخالفة لقواعد القانون الجنائي- والمتمثلة في وقوع الجريمة - يتولد للدولة في تلك اللحظة، في مواجهة المخالف للقاعدة الجنائية، حقا يسمى بالحق في العقاب، وهذا معناه أن قواعد القانون الجنائي باعتباره قانون موضوع تظل في حالة سكون، وحين تخرق تلك القواعد، تنتقل إلى حالة التجسيد أي مرحلة التطبيق الفعلي، وهذا هو دور قانون المسطرة الجنائية باعتباره همزة الوصل بين ارتكاب الجريمة، وتوقيع العقوبة على مرتكبها استفاء لحق الدولة في توقيع الجزاء عليه.
فالقاعدة القانونية لا فائدة من وجودها إذا لم تكن قابلة للتطبيق، والدولة وإن كان لها الحق في توقيع الجزاء، إلا أن وسيلتها في ذلك محددة بطريقة صارمة، وهي تحريك الدعوى الجنائية.
ومن هنا تتبين أهمية قانون المسطرة الجنائية باعتباره قانون إجرائي ينظم سلطة الدولة، وأجهزتها في الاعتقال، والمتابعة، والمحاكمة، والعقاب، ويحدد القواعد المتعين تطبيقها واحترامها في جميع الإجراءات القضائية التي تعقب ارتكاب الجريمة، وكيفية عمل الشرطة، والدرك، والقضاة، ومرورا بالبحث، والتحقيق، والبت فيها، وانتهاء بتنفيذ الجزاء الصادر بشأنها.
غير أنه من الطبيعي أن تمس بعض قواعد المسطرة الجنائية بحقوق وحريات الأفراد، لأنه بقدر ما يهدف إلى حماية حريات الأفراد وضمان محاكمة عادلة لهم، بقدر ما يروم مكافحة الجريمة وحماية الأمن العام وسلامة الأشخاص والممتلكات، وهي معادلة صعبة تقتضي حماية مصلحتين وعدم إهدار أحدهما للأخرى.
وما يجب التأكيد عليه في هذا المقام، هو ضرورة التقيد عند وضع قواعد إجرائية ماسة بحريات وحقوق الأشخاص، بالضوابط والمعايير المتفق عليها عالميا، والتي لا تخرج عن ثلاث مبادئ أساسية تتجسد في مبدأ "الضرورة"، أي لا مجال لوضع قاعدة إجرائية مقيدة للحرية ما لم تقتضيها الضرورة ومبدأ "التناسب" من خلال مراعاة التوازن بين الحرية، أو الحق المراد المساس به والغاية المتوخاة من وضع القاعدة الإجرائية ومبدأ "الشرعية" الذي يقتضي احترام الضوابط المفروضة عند صياغة قاعدة قانونية.
ولا تخفى أهمية قانون المسطرة الجنائية من جهة أخرى كونه يتناول بالتفصيل، المبادئ الأساسية التي يقرها الدستور، ولعل المبادئ المتعلقة بحرية الأفراد أو حرمة المسكن، لأبرز دليل على ذلك.
كما أن قانون المسطرة الجنائية يمتاز بخاصية في غاية الأهمية والدقة تكمن في الرسالة التي يحملها، وهي تحقيق وإعلان الحقيقة الواقعية في الدعوى الجنائية على عكس الحقيقة القانونية أو الشكلية المعبر عنها في النزاعات المدنية، وهذه الحقيقة تعكس بوضوح وتجسيد مبدأ وقاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، وتجسد المحاكمة العادلة والردع العام الذي لا يستقيم إلا بالتطبيق السليم للقانون، وفي هذا المعنى يقول مونتسكيو "أن سبب كل انفلات إجرامي لا يرجع إلى اعتدال العقوبة وإنما إلى عدم العقاب على الجريمة ".
وفيما يتعلق بالتطور التاريخي تكشف دراسة تاريخ قانون المسطرة الجنائية عن وجود نظامين للإجراءات يتقاسمان تاريخ المجتمعات، وهما النظام الاتهامي والنظام التفتيشي.
يعد النظام الاتهامي الأقدم ظهورا، حيث كانت الدعوى الجنائية خصومة لا تختلف كثيرا عن الخصومة المدنية، ذلك أن الدعوى الجنائية لم تكن لتتحرك عن الجريمة إلا إذا باشرها المجني عليه، وكانت الإجراءات تباشر علانية وفي حضور الخصوم كما كان مبدأ شفهية المرافعات سائدا .
أما النظام التحقيقي أو التفتيش فيستمد تسميته من البحث والتحري الذي تنطلق به الإجراءات، وارتبط ظهوره باحتكار الدولة لمجموع السلط.
فالخصومة لم تعد خصومة عادية بين أطراف متساوية في الحقوق، والواجبات وإنما، أصبح الاتهام من وظائف الدولة تمارسه بواسطة هيئة خاصة هي النيابة العامة، وبالتالي انعدمت المساواة بين الأطراف وأصبحت بهذا الاتهام تتمتع بعدة امتيازات، أما عن إجراءات الدعوى فكانت على عكس النظام الاتهامي سرية فلا يجوز جريانها علنا، ومكتوبة، وتجري في غير حضور الخصوم.
أما المشرع المغربي، ومعه أغلب التشريعات الجنائية، يأخذ في الوقت الحاضر بالنظام المختلط، حيث نجده تبنى نظاما وسطا يعتمد النظام التفتيشي خلال مرحلة البحث عن الادلة والتثبت من وقوع الجرائم حيث تسود السرية والكتابة، وعدم الوجاهية مع نوع من التلطيف، وذلك بتمكين المشتبه فيه من مؤازرة الدفاع ضمن شروط محددة، بينما يظل النظام الاتهامي يسود الإجراءات خلال المحاكمة حيث العلنية والحضورية والشفوية.
و تجب الإشارة في هذا المقام إلى أبرز المحطات التي مر منها قانون المسطرة الجنائية، ذلك أن مضامين ومقتضيات هذه الأخيرة، قد تطورت بشكل تناسبي مع تطور الفكر القانوني المغربي من جهة، وتزايد الإحساس المجتمعي بالحاجة إلى حماية الحقوق والحريات من جهة ثانية، دون نسيان علاقة المملكة بالمواثيق والمعاهدات الدولية التي أبرمتها من أجل النهوض بتكريس ثقافة حقوق الإنسان ومنح القيمة القانونية اللازمة لكل طرف في الخصومة الجنائية مند بدايتها إلى نهايتها، من اجل نيل اعتراف دولي بكون المملكة المغربية سباقة مقارنة مع مجموعة من الدول العربية والإسلامية المجاورة إلى تعزيز المكانة القانونية لدولة القانون والمؤسسات، ناهيك عن الوعي الحقوقي الذي آلت إليه مختلف فعاليات المجتمع المدني.
ومما لا شك فيه على أن أول قانون للمسطرة الجنائية عرفه التشريع المغربي هو الظهير الشريف رقم 1.58.261، الصادر في 10 فبراير 1959 الموافق ل فاتح شعبان 1378 هجرية، والذي استمر العمل به إلى غاية 25 جمادى الثانية 1383 هجرية الموافق ل 13 نونبر 1963 حيث تم تغييره بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.63.271 ، وبعد ذلك مباشرة كمرحلة ثالثة تدخل المشرع مع بداية السبعينات بتغيير وتعديل هذا الأخير عن طريق قانون الإجراءات الانتقالية بمقتضى الظهير الشريف رقم 448-74-1، الصادر بتاريخ 11 رمضان 1394 هجرية، والموافق ل 28 شتنبر 1974، الذي بقي العمل به إلى حين دخول القانون رقم 01-22، إلى حيز التطبيق بالرغم من أنه قد عرف عدة تعديلات من بينها تعديل سنة1993.
ولا شك أن القانون رقم 01-22 الصادر بمقتضى الظهير الشريف رقم 255-02-01، والمؤرخ في 25 رجب 1423 هجرية، الموافق ل 3 أكتوبر 2002، والذي دخل حيز التطبيق والتنفيذ في فاتح أكتوبر 2003 كقانون جديد للمسطرة الجنائية، اعتبر في مرحلته من بين أرقى القوانين الإجرائية الجنائية، نظرا للمستجدات التي أتى بها، والتي لم تكن حاضرة بين دفتي القوانين السابقة، إلا أنه ومع ذلك لم يستقر هذا القانون على حال واحدة بالرغم من نقاط الامتياز ونقاط القوة التي جاء بها، وإنما تم تعديله وتتميمه بمقتضى العديد من القوانين الصادرة في إطار مخطط إصلاح القضاء، نذكر منها القانون رقم 10-36 والقانون رقم 10-37 والقانون رقم 11-35، وكانت الغاية بذلك هي سد لبعض مظاهر النقصان التي اعترته لا محالة.
هذا وأن مظاهر القصور تلك، مسألة طبيعية مادام أن المجتمع يتطور بتطور الزمن، فكذلك هو الحال بالنسبة للقوانين التي يجب أن تتطور بتطور الجماعات الاجتماعية وبحسب ظروف الزمان.
وبناء عليه، فقد عملت وزارة العدل والحريات، تفعيلا لمخطط الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة، الذي أعطى انطلاقته عاهل البلاد أمير المؤمنين حفظه الله، مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية، والتي شملت العديد من التعديلات والتغييرات في موادها، بالإضافة إلى العديد من الفصول الجديدة، سواء من خلال مراجعة مقتضيات الوضع تحت الحراسة النظرية، أو ترشيد الاعتقال الاحتياطي، أو تعزيز دور المحامي في مرحلة ما قبل تحريك المتابعة الزجرية، وصولا إلى اعتماد وسائل علمية وتقنية في البحت عن الجرائم، ومنح هيئة المحكمة سلطة تغيير التكيف القانوني في الجنح إلى غير ذلك من التعديلات الجد مهمة.
تأسيسا على ما سبق سوف يتناول هذا المؤلف الأجهزة الثلاث المتمثلة في الشرطة القضائية والنيابة العامة وقضاة التحقيق وفق قانون المسطرة الجنائية من خلال الوقوف على الإجراءات التي تقوم بها وكيفية تدبيرها.

ملحق بأهم التعديلات المضمنة في مشروع القانون المسطرة الجنائية

التعديلات التي طالت الشرطة القضائية

إن مكافحة الجريمة في مهدها والوقاية منها بواسطة الشرطة القضائية، يتطلب تطويع بعض مقتضيات قانون المسطرة الجنائية من أجل توفير أسباب الحماية الجنائية في هذه المرحلة تماشيا مع التطورات المتلاحقة، التي يشهدها عالم الجريمة، والتي تستدعي إيجاد الصيغ الملائمة التي تتوفر فيها معايير الجودة والنجاعة وشروط العدالة الجنائية. ويلاحظ أن هذا التطور المتسارع الذي تشهده جل المجتمعات البشرية عامة، والتي لا ينفك عنها المجتمع المغربي، يفرض باستمرار إيجاد الصيغ القانونية الملائمة الكفيلة بتحقيق الأمن والإستقرار المجتمعيين الذي تلعب فيه الشرطة القضائية دورا رياديا.
فالأدوار والوظائف المنوطة بجهاز الشرطة القضائية أثناء البحث والتقصي وإنجاز مختلف العمليات المرتبطة بذلك، تؤطرها مجموعة من الإجراءات الشكلية التي ينبغي مراعاتها، حيث تأخذ بعين الإعتبار قواعد المحاكمة العادلة وتوفير أسباب الحماية الأمنية وحق المشتبه فيه في احترام الضمانات الممنوحة لديه. وقد عرفت إجراءات البحث والتقصي عن الجرائم في مراحلها التمهيدية مجموعة من التغييرات والتعديلات اختلفت المواقف حيالها بين الترحيب والإنتقاد، حيث جاء المشروع الجديد لقانون المسطرة الجنائية بجملة من المقتضيات الجديدة طالت مؤسسة الشرطة القضائية وفق منظور حاول توخي الحذر في التعاطي مع هذا الجهاز الذي يتعاظم دوره في ظل النمو المتسارع والمتلاحق للأفعال الجرمية، وما تفرضه من إيجاد الصيغ الملائمة للوقاية منها ومكافحتها. وبناء على ذلك همت التعديلات المقترحة التي تضمنها المشروع بخصوص الإجراءات والعمليات المرتبطة بالشرطة القضائية العديد من المقتضيات يمكن إجمالها في الآتي : ـ مراجعة ضوابط الوضع تحت تدابير الحراسة النظرية من خلال جعلها تدبيرا استثنائيا لا يمكن اللجوء إليه إلا إذا تعلق الأمر بجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس وتبين أنه ضروري لواحد أو أكثر من الأسباب الآتية :
- الحفاظ على الأدلة والحيلولة دون تغيير معالم الجريمة، - القيام بالتحريات والأبحاث التي تستلزم حضور أو مشاركة المشتبه فيه، - وضع المشتبه فيه رهن إشارة العدالة والحيلولة دون فراره، - الحيلولة دون ممارسة أي ضغط على الشهود أو الضحايا أو أسرهم أو أقاربهم، - منع المشتبه فيه من التواطؤ مع الأشخاص المساهمين أو المشاركين في الجريمة، - حماية المشتبه فيه، - وضع حد للإضطراب الذي أحدثه الفعل الجرمي بسبب خطورته أو ظروف ارتكابه أو الوسيلة التي استعملت في ارتكابه، أو أهمية الضرر الناتج عنه، أو بالنظر لخطورة المشتبه فيه، - التسجيل السمعي البصري لاستجوابات الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية، وإرفاق المحضر بنسخة من التسجيل توضع في ملف مختوم كوسيلة من وسائل الإثبات تخضع لاقتناع القاضي الصميم،
- حق المشتبه فيه الموضوع تحت الحراسة النظرية في الإتصال بمحاميه منذ الساعة الأولى لإيقافه ودون اشتراط الحصول على ترخيص من النيابة العامة، - حضور المحامي خلال الإستماع للمشتبه فيهم الأحداث المحتفظ بهم، أو الأشخاص المصابين بإحدى العاهات الموضوعين رهن الحراسة النظرية، - إمكانية حضور المحامي أثناء الإستماع إلى المشتبه فيه بارتكاب جناية أو جنحة إذا لم يكن موضوعا تحت الحراسة النظرية، - إحداث سجل إلكتروني وطني وآخر جهوي للحراسة النظرية يسمح بمركزة المعطيات المتعلقة بالأشخاص الموضوعين رهن الحراسة، - إقرار بطلان كل إجراء تم بعد انتهاء المدة القانونية للحراسة النظرية أو بعد مدة التمديد القانونية،
- الإلزام بإخضاع المشتبه فيه الموضوع تحت الحراسة النظرية لفحص طبي بعد إشعار النيابة العامة إذا لوحظ عليه مرض أو علامات أو آثار تستدعي ذلك تحت طائلة البطلان. * المراقبة القضائية على ضباط الشرطة القضائية : - حصر منح التعليمات لضباط الشرطة القضائية أثناء ممارسة مهامهم القضائية من طرف رؤسائهم القضائيين دون غيرهم . - أخذ نظرية الوكيل العام للملك بعين الإعتبار فيما يتعلق بترقية ونقل وتأديب ضباط الشرطة القضائيين التابعين لدائرة محكمته الإستئنافية، - تحديد معايير تنقيط ضباط الشرطة القضائية بمقتضى مرسوم من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل بعد استشارة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، * السند التنفيذي الإداري : تم منح بعض الإدارات حق اقتراح أداء غرامة لا تتجاوز نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا، والتي لا تجاوز 5 آلاف درهم في الجنح المعاقب عليها بغرامة فقط حيث يتم وضع حد للقضية إذا وافق المخالف على ذلك أو ترفع إلى القضاء متى عارض في ذلك. * إحداث آلية الإختراق :
- تنظيم اختراق العصابات والشبكات الإجرامية - تنظيم التقاط وتسجيل الأصوات والصور وتحديد المواقع في الجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية.
- تنظيم مسطرة التحقق من الهوية وتحديد أسباب التحقق منها لغاية البحث في الجرائم والوقاية منها .

التعديلات التي طالت النيابة العامة

لعل الأدوار التي تقوم بها النيابة العامة سواء أثناء مرحلة البحث التمهيدي أو أثناء سريان الدعوى العمومية إلى حين تنفيذها، تجعلها تهيمن على جميع مراحل هذه الأخيرة، وفق مجموعة من الإجراءات حدد القانون كيفية ممارستها وشروط ونطاق تطبيقها.
وبالنظر إلى تعاظم هذه الأدوار في ظل التحولات التي شهدتها بلادنا المتمثلة في امتداد المد الحقوقي، والتوجهات الجديدة التي كرسها دستور فاتح يوليوز 2011 الذي كرس مجموعة من الحقوق والحريات، ووضع آليات حمايتها وكفالتها، ناهيك عن التزام المملكة المغربية بتعهداتها الدولية واحترامها للإتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملائمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة، ولا سيما على مستوى العدالة الجنائية، وقد نالت مؤسسة النيابة العامة باعتبارها طرفا أصيلا في الدعوى العمومية حظها من المراجعة، حيث شملتها مجموعة من التعديلات جاء بها مشروع قانون المسطرة الجنائية يمكن إجمالها فيما يلي :

* تقييد الإعتقال الإحتياطي :

- منح النيابة العامة مجموعة من التدابير بدل اللجوء إلى الإعتقال الإحتياطي. - لا يتم اللجوء إلى الإعتقال الإحتياطي باعتباره تدبيرا استثنائيا إلا إذا تعذر تطبيق تدبير بديل عنه أو في الحالة التي يكون فيها مثول الشخص أمام المحكمة في حالة سراح من شأنه التأثير على حسن سير العدالة.
- ضرورة توفر أحد أسباب الإعتقال الإحتياطي التالية : 1- إذا اعترف المشتبه فيه بالأفعال المكونة لجريمة يعاقب عليها بالحبس، أو ظهرت معالم أو أدلة قوية على ارتكابه لها أو مشاركته فيها، والذي لاتتوفر فيه ضمانات كافية للحضور 2- إذا ظهر أنه خطير على النظام العام، أو على سلامة الأشخاص أو الأموال. 3- إذا كان الأمر يتعلق بأفعال خطيرة، أو إذا كان حجم الضرر الذي أحدثته الجريمة جسيما. 4- إذا كانت الوسيلة المستعملة في ارتكاب الجريمة خطيرة. - منح المتهم أو دفاعه حق الطعن في أمر الإيداع بالسجن. -التزام النيابة العامة بتعليل قرار الإعتقال الإحتياطي. - الإحالة المباشرة على غرفة الجنايات في حالة سراح أو باستعمال تدابير المراقبة القضائية من طرف الوكيل العام للملك. -التوسيع من تدابير المراقبة القضائية، مع إقرار المراقبة الإلكترونية وتنظيمها.

* الرقابة للحيلولة دون ممارسة التعذيب بمخافر الشرطة القضائية :

- إلزامية إخضاع المشتبه فيه لفحص طبي متى طلب ذلك، أو متى عاينت النيابة العامة آثارا تبرر إجراء الفحص تحت طائلة اعتبار اعتراف المشتبه فيه المدون بمحضر الشرطة القضائية باطلا في حالة رفض إجرائه إذا كان قد طلبه المتهم أو دفاعه.
- إلزام النيابة العامة بواسطة وكيل الملك أو من ينوب عنه بزيارة أماكن الحراسة النظرية متى تناهى إلى علمها وقوع اعتقال تعسفي أو تحكمي. 

* تقوية الدور القضائي للنيابة العامة :

- انفراد النيابة العامة بإمكانية عرض الصلح الذي تم توسيع وعاء الجرائم القابلة له. - تمكين النيابة العامة من صلاحية تكليف الشرطة القضائية بتسليم الإستدعاء إلى المتهم للمثول أمام المحكمة مباشرة بدل تقديمها أمامها. - رقابة التقاط وتسجيل الأصوات والصور وتحديد المواقع في الجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية. - مراقبة عملية التحقق من الهوية .

* تكريس استقلالية النيابة العامة :

- إسناد رئاسة النيابة العامة للوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بدل وزير العدل والحريات. - إشراف الوكيل العام للملك بمحكمة النقض على تنفيذ السياسة الجنائية وتبليغها إلى الوكلاء العامين لمحاكم الإستئناف لتطبيقها. - تبليغ وزير العدل والحريات مضامين السياسة الجنائية إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض الذي يتولى تنفيذها.
التعديلات التي طالت التحقيق الإعدادي
يشكل التحقيق مرحلة مهمة أثناء جريان الدعوى العمومية، سيما على مستوى تمحيص الأدلة وتدقيقها عبر مجموعة من الإجراءات التي تروم الكشف والإحاطة بظروف وملابسات الجريمة، وتقديم الأجوبة عن الأسئلة التي قد تبقى عالقة.
ومن اجل هذا منح المشرع لقاضي التحقيق مجموعة من الصلاحيات، والاختصاصات في سبيل ممارسة مهامه، التي تنتهي باتخاذ قرار قضائي يكون له الأثر البين على سير الدعوى الزجرية من خلال إعادة شريط الأبحاث التمهيدية ومختلف العمليات والإجراءات التي أنجزت ونشر الأدلة من جديد وتقييمها.
ولعل أهمية التحقيق تتجلى في كونه مرحلة أخيرة قبل إحالة القضية على المحكمة، وبالتالي آخر لبنات البحث والتحري، لأنه آخر سلطة خولها المشرع التحقيق في نوع خاص من الجرائم إما إجباريا أو اختياريا.
غير أن المتغيرات التي باتت تعصف بالتوجهات التقليدية في تدبير إجراءات التحقيق، وبهدف تحقيق عدالة تتسم بالنجاعة الشرعية، وتوفير الحماية القانونية لمراكز أطراف الدعوى العمومية، تمت مراجعة هذه الإجراءات التي تناولها مشروع قانون المسطرة الجنائية والتي سوف تعطي للتحقيق الإعدادي طابعا جديدا، يتضح ذلك من خلال المقتضيات الجديدة التالية :
ــ مبدأ اختيارية التحقيق
ـ حول نجاعة اجراءات التحقيق
تفاديا لبعض الاعطاب التي شابت الممارسة القضائية أسفرت عن بطء الإجراءات وطولها وما ينتج عنها من تضخم القضايا التي قد تكون جاهزة ولا تحتاج الى إجراء تحقيق بشأنها، كرس مشروع قانون المسطرة الجنائية وانتصر لمبدأ الاختيار في اللجوء إلى التحقيق في الجنايات وإلغائه في الجنح إلا بنص خاص.
ـ تكريس مبدأ استقلالية السلطة القضائية
أضحى قاضي التحقيق يعين من طرف الجمعية العامة للمحكمة لمدة سنتين قابلة للتجديد بعدما كانت مدة الصلاحية موكولة لوزير العدل والحريات، بناء على اقتراح من رئيس المحكمة الابتدائية والرئيس الأول لمحكمة الاستئناف حسب الاختصاص .
ــ حول سلطة قاضي التحقيق في الاعتقال الاحتياطي
تقييد سلطة قاضي التحقيق في اللجوء الى الاعتقال الاحتياطي بضرورة توفر أحد الأسباب التالية
الخوف من عرقلة سير إجراءات التحقيق،
وضع حد للجريمة أو الحد من تكرارها،
الحفاظ على الأدلة والحيلولة دون تغيير معالم الجريمة،
ضرورة حضور المشتبه فيه أو مشاركته في القيام بالأبحاث والتحريات،
الحيلولة دون فرار المشتبه فيه بوضعه رهن العدالة،
الحيلولة دون ممارسة اي ضغط على الشهود أو الضحايا أو اسرهم أو أقاربهم،
الحيلولة دون تواطؤ المشتبه فيه مع الأشخاص المساهمين أو المشاركين في الجريمة،
حماية شخص المشتبه فيه،
وضع حد للاضطراب الذي احدثه الفعل الجرمي بسبب خطورته أو ظروف ارتكابه أو الوسيلة المستعملة في ارتكابه او خطورة الضرر والمشتبه فيه،
تعليل قرار الاعتقال الاحتياطي،
تقييد تمديد مدة الاعتقال الاحتياطي بضرورة استمرار أسبابه،
تقليص عدد تمديدات الاعتقال الاحتياطي في الجنايات من 5 الى 3 مرات،
توسيع تدابير المراقبة القضائية مع اقرار المراقبة الإلكترونية كبديل عن الاعتقال الاحتياطي .
ــ تدابير جديدة في تصريف إجراءات التحقيق
ضرورة استدعاء الدفاع قبل كل استنطاق للمتهم من طرف قاضي التحقيق 10 ايام على الأقل،
منح دفاع الأطراف الحصول على نسخ من المحضر أو الوثائق، مع إمكانية تأخير الحصول عليها بصفة استثنائية بالنسبة للجرائم الواردة في المادة 108 من ق م ج على ألا تتجاوز مدة التأخير 15 يوما قبل الاستنطاق التفصيلي،
منح المحامي حق طلب استدعاء اي شخص يرى فائدة في الاستماع إليه من طرف قاضي التحقيق،
الاستماع عبر تقنية الاتصال عن بعد أمام قاضي التحقيق في حالة وجود اسباب جدية تحول دون الحضور،
إمكانية الصلح أمام قاضي التحقيق،
تحديد الجرائم التي يمكن أن تكون موضوع شكاية مباشرة أمام قاضي التحقيق .

إرسال تعليق

أحدث أقدم